في تحرّك جديد يعكس تشدداً متصاعداً في سياسات الهجرة، تخطط الإدارة الأمريكية لمراجعة الوضع القانوني لمئات آلاف اللاجئين الذين سُمح بدخولهم خلال ولاية الرئيس السابق جو بايدن، في خطوة تُنذر بإعادة رسم خريطة برامج إعادة التوطين في الولايات المتحدة بصورة جذرية.
وبحسب تقرير لوكالة "رويترز"، فإن مذكرة صادرة في نوفمبر الماضي طلبت من دائرة خدمات المواطنة والهجرة الأمريكية إعادة فحص ملفات نحو 233 ألف لاجئ، وإخضاعهم لمقابلات جديدة، مع تجميد طلباتهم للحصول على الإقامة الدائمة إلى حين انتهاء عملية المراجعة الشاملة.
هذه الخطوة، وفق منظمات حقوقية، تعدّ الأكبر من نوعها منذ عقود، وتمثل تهديداً مباشراً للاستقرار القانوني لمئات الآلاف ممن اعتقدوا أنهم تجاوزوا مراحل التدقيق الأكثر صرامة.
المنظمات المدافعة عن اللاجئين عبّرت عن غضب واسع، مؤكدة أن الإجراءات الجديدة تستهدف فئات شديدة الهشاشة قضت سنوات طويلة في سلسلة معقدة من الفحوص الأمنية والطبية، قبل الحصول على حق الحماية في الولايات المتحدة.
ووصف مارك هيتفيلد، رئيس منظمة HIAS، هذا التوجه بأنه «قساوة غير مسبوقة»، لافتاً إلى أن مجرد التلويح بسحب الوضع القانوني يحمل آثاراً نفسية واقتصادية مدمّرة للاجئين، فضلًا عن إهدار أموال دافعي الضرائب في إعادة إجراءات تمت بالفعل بكفاءة.
في سياق متصل، تواصل الإدارة الأمريكية الحالية التي يقودها ترامب تضييقها على برامج استقبال اللاجئين، حيث خفضت السقف السنوي إلى 7,500 لاجئ فقط العام المقبل، مع منح أفضلية للاجئين من ذوي البشرة البيضاء من الأفريكانيين في جنوب أفريقيا، رغم غياب أي أدلة رسمية أو دولية تدعم مزاعم الرئيس بشأن تعرضهم لـ "إبادة جماعية".
ولا تقتصر إعادة الهيكلة على الأرقام ومعايير القبول فحسب، بل تمتد إلى دراسة منح امتيازات إضافية للاجئين الأوروبيين والمتحدثين بالإنجليزية، في خطوة أثارت انتقادات واسعة وُصفت بأنها تعيد تشكيل السياسة الأمريكية على أسس عنصرية وتمييزية.
كما ألغت الإدارة خلال العام الجاري عقوداً مع عدد من الجهات المسؤولة عن إعادة توطين اللاجئين، مما أدى إلى شلل شبه كامل في قدرات هذه المنظمات على العمل.
وفي موازاة ذلك، تتجه الإدارة لاتخاذ إجراءات أوسع خارج نطاق برنامج اللاجئين، تشمل إلغاء وضع الحماية المؤقتة (TPS) لمهاجرين من دول تعاني اضطرابات، كان آخرهم مواطنين من ميانمار.
هذا التوجه أثار قلقاً متصاعداً بين المهاجرين المتجنسين الذين يخشون أن تمتد حملة المراجعات إلى ملفاتهم أيضاً، في ظل محاولات البيت الأبيض إنهاء حق المواطنة بالولادة.
وتأتي هذه الخطوات ضمن سياق سياسي أوسع يهدف إلى إعادة تشكيل نظام الهجرة من جذوره، وإحياء القيود المشددة التي فرضتها إدارة ترامب الأولى، حين تراجعت أعداد قبول اللاجئين إلى أدنى مستوياتها تاريخياً.
ومع توسع هذه الإجراءات، تتصاعد المخاوف من أن الولايات المتحدة باتت تتجه نحو سياسة هجرة انتقائية تضعف التزاماتها الإنسانية وتفتح الباب أمام أزمات قانونية واجتماعية طويلة الأمد.

