ثمة أصوات لا تعبر آذاننا فحسب، بل تستقر في الروح وتمضي معها، وما بين التلاوة المجيدة وإنسانية قارئها، تبرز صورة الشيخ محمود خليل الحصري، سيد التلاوة القرآنية، وأول من سجل المصحف الصوتي برواية حفص عن عاصم، وأول من دعا إلى إنشاء نقابة لقراء القرآن؛ إيمانًا منه بأن التلاوة رسالة، وأن القراء أهل علم.
كان القراء -ولا يزالون- رسل سلام وإيمان، وكان الشيخ الحصري خير سفير للقرآن، وأبلغ ممثل لسماحة القراء المصريين في العالم العربي والإفريقي والآسيوي.
وفي عام 1977 رفع صوته في أروقة الأمم المتحدة، مرتلًا آيات الله، بناء على طلب الوفود العربية والإسلامية، والتقى يومها الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، ليصبح أول قارئ يُسمع القرآن بصوته في هذا المحفل الدولي.
امتلأت الشاشات والإذاعات بتلاواته الهادئة العذبة، التي تُدخل الطمأنينة إلى القلوب وتسكب السكينة في النفوس. آيات نصطبح بها، فتشرق أنفاسنا بجمال أدائه، وتتهذب طباعنا مع كل حرف يرتله، وكثيرًا ما أحببت سماع سورة يوسف بصوته، فأعيش مع قصص القرآن بما تحمله من حكمة وموعظة، متأملا ما يدعو الله إليه عباده.
ولم يتوقف عطاؤه عند حدود التلاوة، بل امتد إلى التأليف، فترك كتبًا في علوم القرآن، من بينها: مع القرآن الكريم، أحسن الأثر في تاريخ القراء الأربعة عشر.
سيظل الشيخ الحصري علامة فارقة وبصمة خالدة بما قدمه من نفع كريم وفائدة لا تنقطع، تبث كل يوم من خلال صوته المبارك.. رحم الله هذا الشيخ الجليل.
عصام الدين جاد يكتب: الشيخ الحصري.. صوت يُرى