سياسة السيسي الخارجية

استوقفتنى مقولة تشرشل حينما قال إنه "ليس هناك عداوة دائمة أو صداقة دائمة بل توجد مصالح دائمة".
لا شك أن السياسة الخارجية المصرية تمر بمراحل إنجازات، واتزان وانفتاح قوى اعتمدت فى مجملها على العلاقات المصلحية التى تبنى على المصالح المشتركة بين دول العالم بمحيطها الإقليمى والدولى.
أفريقيًا: عادت مصر وبقوة وبفضل قيادة الرئيس السيسى ورسمه سياسة خارجية منفتحة على الجميع إلى القارة السمراء، القارة الأفريقية بعد غياب نتيجة سياسة مبارك وإهماله القارة السمراء بعد حادث محاولة اغتياله بأديس أبابا، فجعل القارة السمراء خصما له على حساب مصر.
فعادت مصر تبنى علاقاتها وتتواجد بالاتحاد الأفريقى وتترأس لجنة الأمن والسلم الأفريقى، ويعود البرلمان المصرى بعد غياب إلى أحضان البرلمان الأفريقى ليعكس نتيجة الاستقرار السياسى داخل مصر، إلى جانب إقامة علاقات وطيدة وإقامة مشاريع استثمارية وتجارية والتفاوض مع الجانب الإثيوبى حول سد النهضة، وأنه لا تنازل عن نقطة مياه من حصة مصر فى نهر النيل ولا وجود لأى شىء يهدد أمننا القومى المصرى.
عربيًا: اعتمدت سياسة مصر على منظور مصرى قومى يعتمد على علاقات راسخة منذ الأزل بالدول العربية مبنى على أهمية استقرار تلك الدول التى تمثل العمق الاستراتيجى لمصر، فأعادت مصر الدفع من جديد بعملية السلام فى الشرق الأوسط لإنهاء الصراع العربى الإسرائيلى بصفة عامة والصراع الفلسطينى الإسرائيلى بصفة خاصة، لكى تستكمل مصر دورها التاريخى والريادى تجاه القضايا العربية وإنهاء تلك الصراع وتحريك تلك المفاوضات والدفع بها من مرحلة الجمود لمرحلة السيولة فى التفاوض، متبنية المبادرة العربية التى أطلقها الراحل الملك عبد الله والتى مفادها الاعتراف بالدولة الفلسطينة على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية وإيجاد حل عادل للاجئين الفلسطنين والانسحاب من الجولان وجنوب لبنان، ناهيك على مبادرة الرئيس السيسى ودعمه للمبادرة الفرنسية للسلام.
هذا بجانب اهتمام السياسة الخارجية المصرية بإنهاء الصراعات فى كل من سوريا واليمن وليبيا والاستقرار وإعادة بناء البيت العربى من جديد والتخلص مما فيه من مشاكل داخلية حتى لا يستمر الوضع أكثر من ذلك، فيعمل على عدم استقرار المنطقة بجانب التنسبق حول مكافحة إرهاب داعش.
غربيًا وأوربيًا: رسمت مصر سياستها تجاه الغرب على ثوابت استراتيجية راسخة بعيدا عن مبدأ التبعية، خاصة مع الدول صانعة القرار السياسى الدولى كالولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين، والتى حرصت الأخيرة مؤخرا على دعوة مصر مطلع سبتمبر المقبل لحضور مؤتمر قمة العشرين فى مدينة هانجو.
إلى جانب إقامة علاقات متبادلة تجاه تلك الدول تعتمد على المصالح المشتركة المهمة، كالتنسيق حول مكافحة إرهاب داعش وإقامة مشاريع استثمارية وعملاقة مع تلك الدول كما حدث مع روسيا حول محطة الضبعة وبعض المشاريع المهمة مع تلك الدول.
الحقيقة أن الرئيس السيسى ورث إرثا ثقيلا من نظيره الرئيس الأسبق محمد مرسى واعتماده على سياسة خارجية تخدم مصالح جماعة الإخوان على المستوى الدولى، وليس الهدف منها خدمة الدولة المصرية.
هذا الإرث الثقيل تخلص منه الرئيس ورسم سياسة جديدة للدولة المصرية تعتمد على التوازن والحفاظ على الأمن القومى المصرى بل والعربى وسياسة لها تأثيرها القوى على المحيط الإقليمى والدولى.
سياسة جعلت لمصر مكانتها، وحصلت مصر من خلالها على مكاسب كبيرة كانت لم تتحقق فى السابق وتحققت فى تلك الفترة، ومن أهمها تواجد مصر داخل مجلس الأمن وحصولها على مقعد للدول غير دائمة العضوية ورئاسة لجنة مكافحة الإرهاب، وترؤسها لجنة الأمن والسلم بالاتحاد الأفريقى، هذا إلى جانب عودة البرلمان المصرى إلى أحضان البرلمان الأفريقى بعد غياب، ليعكس الاستقرار التى تمر بة مصر داخل مؤسساتها.
نعم؛ السياسة الخارجية المصرية فى ثوبها الجديد فى عهد السيسى منتهى النجاح.