الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كوميديا الحرب النفسية


تبدأ الحرب النفسية بخبر عنوانه لا يعبر عما بداخله أو تصريح لمسئول يتم تحريفه، ثم يقوم مخططوها لاختلاق واقعة وتحويلها إلى أزمة، بلا مصادر معلومة أو وقائع، ثم تأتى أسهل مراحل التوجيه، وهى إقناعك.. الإقناع أسهل مما تتصورون، إنها كوجبة "هابى ميل".. نشر مئات الكوميكس والنكات الساخرة، وهذا كفيل بإقناعك بأن الواقعة حقيقية، والأكثر من ذلك.. إن هذه النكات تحمل فى داخلها الردود المنطقية والدفاعية التى تبناها مخرجو الحرب النفسية.

الحرب الناعمة هي جزء رئيسي من عملية السيطرة على نفسية الخصم، أثناء الحرب أو قبلها وحتى بعدها، وبعد ظهور الرادع النووي وتراجع فرص الحرب المسلحة، بدأت الحرب النفسية تلعب دورًا حيويًا في إدارة المشهد السياسي الداخلى لدى البلد المراد ضربه.

حدد الباحث الاستراتيجي الأمريكي جون كوللينز موارد الحرب الناعمة بقوله "الحرب الناعمة عبارة عن استخدام الإعلام والتخطيط للتأثير على ثقافة العدو وفكره بما يخدم حماية الأمن القومي الأمريكي وتحقيق أهدافه وكسر إرادة العدو".
 
يقول الخبراء الأمريكيون: عندما تفشل الضغوط الدبلوماسية والمقاطعة والحصار الاقتصادى في تطويع إرادة العدو، إن الحرب النفسية تقوم على معادلة واضحة "شن حملة تشهير دولية بالنظام المراد ضربه، زعزعة عقائدها وخلخلة ركائزها الفكرية والسياسية، إسقاط رموزها الدينية والوطنية والقومية، بلبلة أفكار جماهيرها وبث برامج لتضليل الوعي وحرف المشاعر، تسميم إيمان وثقة الجماهير بالنظام السياسي والاجتماعى، إرباك العدو بصراعات ونزاعات وأزمات داخلية بين أجنحته ورجالاته بهدف إنهاك قواه وأحداث حالة من التآكل والاهتراء الذاتي تمهيدًا لإسقاطه".

هكذا يقول الأمريكيون عن الحرب بالوسائل الناعمة، لكن أين أنت عزيزى القارئ، ما هو موقعك من كل هذا، ببساطة أنت تضحك، أنت تجلس على "فيس بوك" أو "تويتر"، تتعرض يوميًا إلى نماذج مختلفة من الأفكار الصادمة في شكل ساخر، على سبيل المثال، السخرية من المشروع النووي المصرى، تعليقًا على خبر سرقة عمودين من أعلى كوبرى قصر النيل، فتلاقى كوميكس بيقول "إدى البلد اللى عايزة تعمل مشروع نووي".

يحاول منفذو الشائعات وغيرهم خلق حالة دفاع جماعي عن الأسلوب الساخر، فيتم تصدير أننا مجتمع النكتة، شعب ساخر بطبعه، وهذا يكون دافعك المستمر لاستحسان الفكرة والمغزى من وراء النكتة.

تقول مجلة «فورين بوليسى» في عددها الصادر بتاريخ 6 أبريل 2013، إن إدخال روح الدعابة فى ترسانة احتجاجات القرن الـ21 يعود إلى أن «النكتة» تكسر الخوف وتبنى الثقة، كما أنها تساعد على جذب أعضاء جدد.

وأشارت المجلة إلى أن المحتجين يدركون أن السخرية هي مدخل منخفض التكلفة للوصول للمواطنين العاديين الذين لا يعتبرون أنفسهم سياسيين.

واختتمت المجلة تقريرها بأن الناشطين السياسيين، باستخدامهم للسخرية، يضعون الحكام في مآزق، فإما أن ترد الحكومة على الاستفزازات، فتضع نفسها فى موقف مثير للسخرية أكثر من الفعل نفسه، وإما أن تتجاهل السخرية ضدها، وتفتح على نفسها فيضانًا من المعارضة، مؤكدة أنه فى جميع الأحوال ستخسر الحكومة.

الخلاصة.. ليس مطلوبًا منك عزيزى القارئ أن لا تضحك، لكن عليك أن تدرك إلى الفارق بين النكتة التلقائية (الفكاهة) والنكتة المبرمجة (السخرية السوداء).

يقول ألفرد ادلر ألفريد ادلر، وهو طبيب نفسى نمساوي، ومؤسس مدرسة علم النفس الفردي: "كل ما يضحك، فهو هزل، ولكنه ينقسم قسمين: أحدهما ليس له غرض أو هدف إلا الإضحاك فحسب وهو ما يطلق عليه الفكاهة، والآخر له غرض هادف واضح ويندرج تحت بند السخرية والتوجيه".
 
إن الفارق بين الاثنين هو أن السخرية تستفز لديك مشاعر سلبية تجاه موضوع النكتة، وهذا يتنافى مع الغرض الأساسى من الضحك ألا وهو الترويح عن النفس، أما الفكاهة فهى الفعل الحميد الذى نسعى إليه للشعور بإيجابية وللترويح عن النفس.
 
السخرية السوداء.. يصدرها صاحب مرجعية فكرية وسياسية ويحاول فرضها عليك بالنكتة.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط