الخلاص من عبودية الدعم

لا شك أن الرفع الجزئي للدعم عن السلع أمر مؤلم في هذا التوقيت الذي يشهد انخفاضا في سعر العملة، الا ان رفع جزء من الدعم عن الوقود قرار أهم من وجهة نظري من تعويم الجنيه.. فالدعم الذي يلتهم ربع الموازنة العامة المريضة هو اسوأ عناصر الموازنة وأم الاسباب التي كبلت الاقتصاد المصري الرسمي وغير الرسمي بل جعل المواطن المصري اشبه بالمدمن الذي ينتظر جرعة المخدر التي اصبحت في الوقت الاخير غير ذات جدوي لا تحقق له الارتياح والسعادة.

إن التخلص من عبودية الدعم يحتاج الي ارادة من الشعب قبل الحكومة فالدعم لم يكن اصلا يصل الي مستحقيه الا بنسبة لا تتجاوز 15 % فيما يصل النصيب الاكبر الي فئات لا تستحقه او مافيا تجيد سرقته.

لقد كلف الدعم خلال اربعة عقود مضت من عمر مصر الموازنة العامة اكثر من 2500 مليار جنيه هو رصيد متراكم من الدين يقف جاثما علي صدر هذا الوطن يمنع تقدمه ويستهلك لسد هذا الدين وفوائده كل ما قد يحققه الاقتصاد من عوائد، فلا يتبقي للانفاق علي الخدمات شيء يذكر وتضطر الحكومة للاقتراض عاما بعد عام حتي تمر سفينة الوطن دون ازمات.

إن طرح خطة واضحة للتخلص نهائيا من الدعم امر يجب ان يحدث الان ويطرح للحوار المجتمعي في الوقت الذي تهتم به الحكومة ببرنامج تكافل وكرامة وهو الآلية الأوقع لرعاية الطبقات الفقيرة والمحتاجة ذلك البرنامج الذي يتوسع بشكل جيد ومحسوب ويصل الي المستفيد الحقيقي للدعم.

إن الاقتصاد المصري الان مؤهل اكثر من اي وقت مضي للانطلاق في ظل منافسة شديدة في السوق العالمية وحالة من الركود تصيب الاقتصاد العالمي وهي تحديات تستوجب تحرير اقتصادنا من القيود وأهما تقليل عجز الموازنة باعادة هيكلة الدعم والتخلص من أعبائه.