الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

السودان .. وتحدي الهوية المزمن !!


يكون الحديث عن السودان دائما وأبدا علي وتيرة الانحياز لهذا البلد الشقيق الذي يحمل عراقة في التاريخ وكذلك يحمل أمراضا وتحديات ممتدة منذ أزمنة بعيدة، ولعل السودان الذي يمثل أكبر البلدان الأفريقية من حيث المساحة حيث يبلغ مساحته مليون ميل مربع تقريبا ولديه تنوع مناخي عظيم وتباين في مستويات سقوط الأمطار مما يؤدي إلي تنوع في حجم الثروة النباتية والحيوانية.

أما عن التنوع البشري فإن السودان يمتلك ثروة متنوعة من البشر يسيطر عليها الاختلاف والتنوع في اللغة والدين والثقافة وعلي الرغم من هذا التنوع الذي يكون مصدر قوة أصبح يمثل محنة كبيرة لدي الإخوة في السودان ولم تستطع النظم السودانية المتعاقبة علي سدة الحكم في السودان إدارة هذا التنوع وخلق هوية وطنية جامعة ورغم محاولات البعض إلا أن الممارسات علي أرض الواقع أثبتت انحيازا للمركز علي حساب الهامش وعدم العدالة في توزيع السلطة والثروة ، تلك المعضلة الكبري التي تتمحور حولها أصل المشكلة السودانية بالأساس الاختيار ما بين العربي أم الأفريقي وكذلك الإسلام أم المسيحية، وانتهي الأمر في النهاية إلي شمال عربي مسلم وجنوب مسيحي أفريقي.

ولم يستطع نظام الإنقاذ بزعامة البشير حل هذه المعضلة بل زادها تشابكا وتعقيدا وانتهي الأمر باستقلال الجنوب مع تبني قيم إسلامية وعربية دعمت الفرقة مع التحفظ الشديد علي لفظ الاستقلال لأنه يعني دلالات مغلوطة في كل مراحل واتفاقات السلام الشامل التي تم علي أساسها الاستقلال لأنه سابقة ستؤدي إلي تداعيات مماثلة في القريب العاجل وفي شتي بقاع القارة الأفريقية حتي في هذه الدولة الوليدة لم تسلم من نعرات القبلية والفرقة والانتماء القبلي الذي أدي في النهاية إلي صراع عبثي وأفريقي في مظاهره وممتد وشديد التعقيد والأمل في نهايته ضعيف وكأن هذه الدولة الوليدة جاءت بدعوة دولية وللحفاظ علي وجود أطراف إقليمية ودولية تسعي وراء أهداف محددة في هذه البقعة الإستراتيجية التي تمثل بعدا مصيريا في مسألة المياه وكذلك الثروة البترولية.

حاصل القول أن السودان شماله وجنوبه يعاني من مشاكل وتحديات تاريخية ممتدة ولم تستطع النخب والنظم السياسية المتعاقبة تحقيق الإجماع الوطني وضحد الولاء القبلي الذي يعتبر وقود أزمات السودان منذ استقلاله ، وقد يكون من الواجب الآن التذكير دائما لأن استقرار السودان وسلامته يمثل الشيء ذاته لمصر ويؤدي ذلك إلي النظرة إلي الوحدة المصرية السودانية بالجدية المطلوبة بعيدا عن الانغماس في الشأن الداخلي ولم يعد لدينا الكثير لنقوله في تلك المسألة فعلي النخب السياسية والنظام السياسي في السودان أن يعرف حجم التحديات علي المستوي الداخلي والمستوي الإقليمي ولابد من رفع راية المصالح التي في تصوري أساسها الوحدة والاستقرار بين البلدين.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط