قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

خبراء تونسيون: نواجه خطر فقدان استقلاليتنا المائية بشكل كامل".. وتحلية مياه البحر توجه استراتيجي للحكومة لدفع التنمية السياحية.. ومحطة "جربة" كفيلة بالقضاء على مظاهرات العطش في تونس

بعض الإرشادات داخل فنادق تونس
بعض الإرشادات داخل فنادق تونس

20 ملعب جولف عالميا في تونس تستهلك كميات كبيرة من المياه
تونس تعاني من الفقر المائي بمعدل سنوي 460 مترا مكعبا
المنتدى التونسي للحقوق:
العطش لا يزال أحد أهم أسباب الاحتجاجات في تونس
تونس تستهدف إنتاج 350 ألف متر مكعب مياه محلاه يوميا باستثمارات 750 مليون دينار


قطاع السياحة في تونس من أكبر الصناعات وأكثرها تنوعا حيث يحتل مكانة مهمة في التركيبة الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، وتعتبر تونس من بين الدول التي أولت اهتماما كبيرا بصناعة السفر والسياحة من خلال إعداد خطط وبرامج ومشروعات أو ما يعرف بالتنمية السياحية بهدف إحداث زيادة مستمرة ومتوازنة في مواردها وتحسين إنتاجية القطاع السياحي فيها.

ويمثل هذا القطاع الحيوي نحو 7% من الناتج المحلي العام للبلاد، وتعد تونس وجهة جاذبة للسياح بسبب أسعارها المنخفضة وطبيعتها وشواطئها ومواقعها الأثرية.

وعلى الرغم من أن الحكومة التونسية دائما ما تؤكد أن السياحة لاعب رئيسي في اقتصاد البلاد، إلا أن المعلومات المتوفرة عن تأثير صناعة السياحة على مصادر المياه وعلى مستويات استهلاك المياه العذبة، تكاد تكون شبه منعدمة، ويوجد في تونس حوالي 20 ملعب جولف دوليا تستهلك كميات ضخمة من المياه ومنها ما يحتل تصنيفا عالميا.

وتصنف تونس من الدول تحت معدل الفقر المائي حيث يبلغ المعدل العالمي 1000 متر مكعب كل عام، في حين يصل المعدل السنوي لكل مواطن في تونس 460 مترا مكعبا ومن المنتظر أن ينخفض في 2030 إلى 350 مترا مكعبا.

وتونس أيضا من البلاد التي تعاني من نقص المياه على مستوى الجودة في بعض الأقاليم بسبب ارتفاع الطلب وتحسن مستوى معيشة المواطن التونسي، مما أدى لتراجع الواردات إضافة إلى الزيادة السكانية وتسارع عملية "المدينة" إضافة إلى موجات الجفاف التي تضرب البلاد منذ ما يزيد على 15 عاما.

العطش يشعل الاحتجاجات في تونس

وتفرض صناعة الماء نفسها على تونس خاصة في مجال تحلية مياه البحر، لاستكشاف مجالات جديدة لحل مشكلة النقص والطلب المتزايد للمساهمة في التنمية السياحية والوفاء باحتياجات المواطنين. ويشهد الطلب المتزايد على المياه لتزويد المناطق الحضرية بالمياه انخفاض في كمية المياه العذبة وزيادة في إنتاج مياه الصرف الصحي. كما يستخدم المزارعون كميات من المياه العذبة لري المحاصيل خاصة أثناء فترات الجفاف المتزايدة بما يؤدي إلى استهلاك مصادر المياه واستنزاف المياه الجوفية وارتفاع نسبة ملوحتها.

وبحسب تقارير مرصد "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية"، فلا يزال العطش يمثل أحد أبرز أسباب الاحتجاجات، وتطوف مظاهرات العطش قرى ومدن وأرياف تونس .حيث يتواصل قطع المياه عن عدد من أحياء ومعتمديات وقرى قفصة والقصرين والكاف وجندوبة وصفاقس والهدية في تونس.

ويشيرنفس التقرير إلى أن نسبة النقص في الجنوب الغربي من تونس تبلغ 5% وإذا ما سجل سوء تصرف في شبكة التوزيع فنسبة النقص يمكن أن تصل إلى 50% في بعض المناطق المرتفعة حيث يعيش بعض السكان على مرتفعات تصل إلى 700 متر في طبرقة والتي يصعب إيصال الماء إليها وتصل تكلفة نقله لمبالغ مرتفعة للغاية. كما تبلغ تلك النسبة في صفاقس والمهدية 7% وإذا لم يتم التدخل العاجل لحل مثل هذه الأزمات فسيشعر المواطنون التونسيون بالنقص الذي قد يرتفع إلى نسبة 20 و30%.

مدينة "الحمامات" نموذج

أمل بن رحيم مسؤولة الإدارة البيئية بأحد فنادق مدينة "حمامات الياسمين" التونسية، المليئة بملاعب الجولف، أكدت أن إدارة الفندق ومنذ إنشائه اتخذت تدابير للحد من استهلاك المياه العذبة اتساقا مع معايير سلسلة الفنادق التي تعمل بها، الخاصة بالحفاظ على البيئة.

وتابعت بن رحيم في تصريحات خاصة لـــ "صدى البلد" أن الفندق يمتلك محطة خاصة به تتعامل مع الماء المستهلك "مياه الصرف" من رواد الفندق وتقوم بإعادة تدويره لاستخدامه في ري المساحات الخضراء كما يتبع الفندق توجيه حزمة من الإرشادات لرواده تطالبهم بترشيد استهلاك المناشف.

وأضافت الخبيرة في البيئة أن اتفاقا جرى بين الفندق والوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة لتركيب أجهزة خاصة بتقليل استهلاك المياه في صبابات المياه في كل مكان داخل المطابخ والغرف وأماكن الترفيه.

مستقبل المياه في تونس

ويرى بعض المختصين أن تونس يمكن أن تصبح قطبا عالميا في مجال تحلية المياه متى أرست صناعة لمكونات توفير الطاقة الشمسية بأسعار تنافسية حيث أن 45 % من سعر كلفة التحلية يخصص للطاقة، أي تحلية مياه البحر عبر الطاقة الشمسية، حيث أن صناعة الماء تتفرّع عنها أنشطة عديدة ويعتبر عدد الآبار في تونس قياسيا مقارنة بعدد السكّان (حوالي 140.000 بئر من مختلف الأنواع ) ورغم ذلك لا ننتج تونس مضخّة واحدة وتستورد معظم مكونات عملية صناعة الماء.

من جهته لخص الخبير الاقتصادي التونسي مراد الحطاب مستقبل الموارد المائية في بلده بالقول:" إننا سنواجه في المدى المتوسط خطر فقدان استقلاليتنا المائية بشكل كامل".

وأضاف الخبير الاقتصادي والمتخصص في المخاطر الاقتصادية لـــ "صدى البلد" أن شح الموارد المائية في تونس مرتبط أساسا بعدم وجود تدبير عقلاني وغياب التعامل الصحي مع مياه الصرف الصحي والاستمرار في اعتماد أساليب تقليدية في الري.

وقدم الخبير مجموعة من الأرقام التي تتحدث عن الأزمة المائية في تونس والبلدان العربية وتأثيرها على المواطنين حيث ذكر أن 65% من المناطق العربية تعيش على التبعية المائية لدول أخرى ونسبة بناء السدود في منطقة شمال إفريقيا لا تتجاوز سدا واحدا كل 15 عاما وأن كل 100 ألف نسمة توفر لها محطة معالجة واحدة وفي مناطق أخرى تنعدم فيها بشكل تام.

وقال الحطاب إن بعض الدول عادت إلى عصور بحث المواطنين عن المياه بمصادرهم الخاصة بعد انهيار البنية المائية،مشددا على أن شح المياه يعني أزمة في التغذية وارتفاعا في معدلات الفقر.

رقابة ضعيفة وإهدار للموارد

وبحسب عالية الجريسي، الباحثة في مجال إدارة موارد المياه بالمعهد الوطني للعلوم الفلاحية بتونس، فإن هناك مشكلة خطيرة وهي الرقابة الضعيفة من الجهات الحكومية التونسية على حفر الآبار "الخاصة" واستخدامات المياه الجوفية وانعدام قياس مستويات الآبار مما أدى إلى تفاقم الوضع.

وأكدت الجريسي في تصريحات خاصة لــ "صدى البلد" أن الاستغلال المفرط للمياه في المناطق السياحية دون تخطيط ، قد يؤدي إلى انخفاض جودة المياه وارتفاع تكاليف المياه وانخفاض الإنتاج الزراعي والتصحر وحتى هجرة المناطق الريفية.

وعن استهلاك المياه الجوفية في تونس وإمكانية استهلاكها في المنشآت السياحية قالت الجريسي إن حجم المياه الجوفية يقدر بحوالي 45% من مجموع الموارد التونسية، ولا يمكن الضغط عليها أكثر لأنها تضمن المخزون الاستراتيجي لمياه الشرب ومياه الري التونسية في نفس الوقت.

مشيرة إلى أنه مع ارتفاع معدلات استغلال المياه الناتج عن تحسن مستوى العيش في المدن والقرى التونسية على حد سواء "حتى في المناطق الريفية"، يسجل تدن لنوعية المياه والكمية، خاصة في الوسط والجنوب التونسي، "القيروان وسيدي بوزيد والقصين وقفصة، حيث ترتبط بصورة أكبر بكميات الأمطار إلا أن هذه المناطق عرفت سنوات من الجفاف مما أثر على المياه في هذه المناطق".. وإن كانت كميات المياه السطحية في شمال البلاد جيدة إلا أن المشكلة تكمن في كيفية ايصالها للمستهلك على غرار مياه أقصى الشمال في سد "سيدي البراق" وفي مناطق باجة "سد سيدي سالم" وإن كان يمكن تحويل كميات من هذه المياه الفائضة إذا كان هناك احتياجات إلى مناطق مثل صفاقس وقابس وبن قردان غير أن تلك العملية ستكون لها تكلفة باهظة كما أن اعتماد آلية تحويل فائض المياه تطرح إشكالية حيث تسجل تونس سنوات متتالية من الجفاف.

التحلية توجه استراتيجي

من جانبه قال محمد الداهش، الرئيس المدير العام للشركة الوطنية التونسية لاستغلال وتوزيع المياه، إن التوجه الاستراتيجي نحو تحلية المياه المالحة ومياه البحر ضرورة ملحة لتونس.

وأضاف الداهش في تصريحات خاصة لـــ "صدى البلد" أن أولى محطات التحلية الكبرى في تونس هي محطة جربة ويبدأ استغلالها في أبريل عام 2017 كما ستدخل محطات أخرى حيز العمل تباعا على غرار محطة الزارات في قابس ثم محطة صفاقس في 2020، مشيرا إلى أن محطة جربة ستلعب دورا مهما في التخفيف من حدة النقص في مناطق الجنوب الغربي حيث تبلغ طاقة إنتاج محطة جربة 50 ألف متر مكعب في اليوم وستوفر زيادة بــ 4 أو 5 % من كميات الماء بالمنطقة.

واعتبر الرئيس المدير العام أن البلاد تمر بنوبة جفاف من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب بالنظر إلى أن الموارد المائية الجوفية وخاصة بشمال شرق البلاد تأثرت بالجفاف لذلك تسعى الشركة إلى توزيع النقص بين كل الجهات حتى لا تبقى منطقة دون ماء في انتظار إنجاز المشاريع القادمة التي ستخفف من حدة النقص.

وأكد الداهش أنه من المنتظر أن تكون هذه السنة آخر سنة في العجز المائي مع دخول مشاريع استراتيجية هامة حيز الاستغلال بداية سنة 2017 حتى سنة 2030 و التي ستمكن من تحقيق موازنة مائية إيجابية وخاصة منها مشاريع تعزيز الموارد المائية وشبكات الجلب والتوزيع والمقدرة تكاليفها 418 مليون دينار وفق تعبيره.

وتقوم شركات كورية وإسبانية بإنجاز مشروع محطة تحلية مياه البحر في جربة والتي تقدر تكلفتها ب 150 مليون دينار.

وتابع الداهش أن تونس لديها برامج للعشر سنوات القادمة كفيلة بتحقيق إنتاج يصل إلى 350 ألف متر مكعب يوميا وباستثمارات تفوق 750 مليون دينار.