أنا أشك وأشكك.. إذن أنا مصري

شعب مصر العظيم كله "شكاك بالفطرة".. من سلبيات الطفرة الكبيرة في تكنولوجيا المعلومات والإنترنت والسوشيال ميديا، أنها أظهرت إلى أي مدى إحنا شعب شكاك وأصبحنا لا نثق في أي شيء يجري حولنا، وقضية الرشوة الكبرى المحظور النشر فيها أكبر دليل على ذلك، ورغم أن حظر النشر في القضية مفهوم لمن يعمل في مجال الإعلام والصحافة، إلا أنه فتح الباب لمزيد من الشك.
وطبعا سأحترم قرار حظر النشر ومش هاتكلم في تفاصيل القضية، فهي معروفة للجميع والجميع بادر بالشك، إلا أنني لا أشك في صدق نوايا القيادة السياسية في مكافحة الفساد في كل قطاعات الدولة، وطبعا في اللي هايشكك في كلامي، ولكن أشك أنني أهتم بذلك، فليشكك من يريد أن يشكك.
وبسبب هذا السيل من الشكوك والشك اللي إحنا عايشين فيه، بقينا شعب تعيس وشاعت مظاهر التعاسة على الفيس بوك والسوشيال ميديا، ودعاة التعاسة كثيرون في إعلامنا المرئي والمقروء والمسموع، ورغم ما تشهده مصر من تكاثر وانتشار سريع لفيروسات التحليل الاستراتيجي وخبراء التنمية البشرية اللي بياكلوا عيش على قفانا نحن أبناء الجالية المصرية في مصر.
وبعد أن مضى عام 2016 بحلوه ومُره، وزخرت صفحات الجرائد وبرامج التوك شو بالحصاد، حصاد إزاي ومافيش زرع نحصده، من وجهة نظري حصاد المشروعات القومية الجاري العمل فيها سيكون بعد سنوات، وأتمنى أن نشهده في حياتنا نحن الجيل غير المأسوف عليها.. حصاد تحصده الأجيال القادمة.
ماعلينا.. ما استوقفني وأحضر هذا السؤال إلى ذهني هو ما قرأته من تحليلات حول عام 2016 وأنه العام الأصعب وأنه مليء بالسلبيات والتعاسة وأنه شهد تراجع مصر في التقييمات والمؤشرات العالمية، ويعكس تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية والاجتماعية وكذلك السياسية وسيادة القانون وحتى المعلوماتية وجودة الحياة.
تراجع بمختلف أشكاله يتضح في زيادة معدل التضخم لما فوق 20٪ نتيجة ارتفاع الأسعار غير المبرر وتدهور الخدمات الأساسية من تعليم وصحة وغيرها، بالإضافة إلى انتشار الفساد في كل قطاعات الدولة، تراجع جعل ترتيب مصر دوليًا متقدمًا في الظواهر السلبية، فكانت الأولى من حيث سوء أحوال المعيشة وزيادة الفقر والأمية والطلاق والإصابة بفيروس "سي" رغم أنه تم علاج أكثر من 900 ألف مريض بفيروس "سي"، ومازالت الحملة مستمرة وظهور بروتوكولات علاجية جديدة له توفره الدولة للمرضى بالمجان ونسبة الشفاء به تتعدى 95%.
إذًا هذه الدراسات والإحصائيات التي وضعتنا كمصريين في ذيل قائمة السعادة والتعليم بين شعوب الأرض مشكوك فيها.. آه عندنا مشاكل كتيرة جدا في التعليم والتعليم محتاج تطوير ومعدلات الأمية عالية جدا، ولست في معرض الدفاع عن الحكومة وإنكار فشلها في إدارة الكثير من المشاكل والأزمات.
كل ما في الموضوع أن كل المشاكل التي تعاني منها مصر ليست وليدة يوم أو شهر أو سنة أو سنتين دي تراكمت وتفاقمت على مدار 40 سنة ويمكن 50، لأن فيه 3 حروب خاضتهم مصر منذ عام 56 وحتى عام 1973 وما لحقناش نشم نفسنا لغاية دلوقتي بسبب نفقات هذه الحروب، وبعدها ظهر الفساد في جميع القطاعات وترهل الجهاز الإداري للدولة والفساد نحل وبرنا.
اللي أنا عايز أقوله إن إصلاح فساد وفشل 50 سنة صعب إنه يكون في سنتين أو خمس سنين، وشايفين دلوقتي أن هناك إرادة سياسية حقيقية لمحاربة الفساد، وبدل ما نشد على أيدي من يقوم بمحاربة الفساد عمالين نشكك، شعب مصر العظيم كل بقى متشكك وبيشكك في أي حاجة، لغاية مابقينا نشك أكثر مما نعمل، وعشان أثبت لكم مصريتي وأنني مصري أصيل، أعلن لكم وللجميع أنني أشك في أي دراسة من هذا النوع تتحدث عن مصر أو عن تعاسة الشعب المصري وعدم إحساسه بالسعادة، أشك لأنني متأكد أن من يصدر هذه الدراسات أو الإحصائيات من مراكز مشكوك في صدق نواياها تجاه مصر، وهي عبارة عن أكشاك بحثية مشكوك في تمويلها.. والله المستعان.