بأيدينا.. لا بيد.. «حلف الناتو»

رغم ما تواجهه مصر من تحديات وصعوبات ومؤامرات خارجية والحرب على الإرهاب وانشغالنا بصعوبات الحياة والإصلاح الاقتصادي ومحاولة تقليل آثاره السلبية على الطبقة الوسطى ومحدودي الدخل.. وللأسف الشديد وسائل الإعلام والفضائيات تسعى طوال الوقت وراء السلبيات والمشاكل والفشل أكثر من الإيجابيات والنقاط المضيئة وهو ما لمسته من خلال إغفال أغلب الفضائيات لفتح جديد حققته الخارجية المصرية ودبلوماسيها البارعين وهو إعلان حلف شمال الأطلنطى "الناتو" عن اعتماد سفارة بلجيكا بالقاهرة كنقطة اتصال فى مصر وذلك فى إطار الشراكة التى تجمع بين مصر والحلف الأطلسى، والتي تمت الموافقة عليها الشهر الماضي وهو ما يمثل فتح جديد للدبلوماسية المصرية في مجال المنظمات الدولية ومن قبلها كان مقعد مجلس الأمن والاتحاد الأفريقي وما يتتبع ذلك من عودة مصر لمكانتها الدولية وريادتها في المنطقة.
وبالتالي أصبح هناك تمثيل مقيم لحلف الناتو بالقاهرة وأن السفارة البلجيكية بالقاهرة أصبحت تمثل الناتو ونقطة الاتصال بين السلطات المصرية والحلف ووسائل الإعلام والمجتمع المدنى، وتأتى الخطوة بعد أن تم مؤخرا فى هذا الإطار إقرار تمثيل دبلوماسى مقيم لمصر لدى حلف الناتو.. خالص التحية والتقدير للدبلوماسية المصرية وعلى رأسها السفير سامح شكري وأيضا السفير هشام بدر مساعد وزير الخارجية للشئون متعددة الأطراف والأمن الدولي.. لما حققوه من نجاحات كبيرة على الساحة الدولية من أجل إعادة مصر لمكانتها الدولية وآخرها إقرار تمثيل دبلوماسي لمصر لدى حلف شمال الأطلنطي (الناتو) لأول مرة.. وما سيتبعه من شراكة فاعلة لمصر مع حلف الناتو.
والأسبوع الماضي عدت من بروكسل بعد أن شاركت في حوار مع قيادات حلف الناتو لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ولمن لا يعرف حلف الناتو أو (منظمة حلف شمال الأطلسي) هي إحدى المنظمات الدولية الرئيسية في العالم وهي عبارة عن تحالف سياسي وعسكري يضم 28 دولة عضوا من أوروبا وأمريكا الشمالية تلتقي هذه الدول لتتعاون في مجال الأمن والدفاع وفي هذا الصدد يمثل حلف شمال الأطلسي همزة ووصل بين هاتين القارتين في مجال التعاون السياسي والأمني، ويعلن عن أهدافه حول العالم في حماية المدنيين وإقامة الشراكات والحوار والتعاون وتأسيس علاقات سلمية وتفاهم ومكافحة التهديدات الناشئة وحفظ السلام ولذلك يقوم الحلف بإعادة توجيه قدراته الدفاعية نحو مواجهة تهديدات اليوم ومنها طبعا الإرهاب الذي أصبح عابر للقارات.
ويشهد التعاون والشراكة بين مصر حلف شمال الأطلنطى "الناتو" مرحلة جديدة وتقدما ملموسا تعكسه تطورات هامة على المستويين الثنائي والإقليمي خاصة مع إقرار تمثيل دبلوماسي مقيم لمصر لدى الحلف وذلك لأول مرة، وهو الأمر الذي يسمح للقاهرة بأطر أوسع لطرح محددات رؤيتها حول الفرص والتحديات القائمة في منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.. وآخرها زيارة وزير الخارجية سامح شكرى اليوم الإثنين إلى مقر الحلف بالعاصمة البلجيكية حيث يلتقي ينس ستولتنبرج لتضاف إلى الزيارات المتبادلة على أعلى المستويات بين الجانبين خلال الفترة القليلة الماضية حيث قام السفير "اليخاندرو ألفاجونزالس" مساعد سكرتير عام حلف شمال الأطلنطي للشئون السياسية، بزيارة مصر مؤخرا فى إطار جولة المشاورات الجارية بين الجانبين.
كما سيقوم مساعد سكرتير عام الحلف للتهديدات الأمنية الناشئة بزيارة مصر في نهاية مارس الجارى بناء على جولة المشاورات الحالية والتباحث بشأن القضايا ذات الأولوية المتقدمة للجانب المصري، ويسمح التمثيل الدبلوماسى المصرى، لأول مرة داخل الحلف، للقاهرة بأطر أوسع لطرح محددات رؤيتها حول الفرص والتحديات القائمة في منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ويعلق الحلف أهمية خاصة على مصر نظرا للدور الذى تقوم به فى المنطقة بخلاف موقعها الاستراتيجي المتميز ومصر دولة مهمة فى المنطقة وتتمتع بموقع استراتيجي هام.. الشراكة القوية والحوار رفيع المستوى الذى يجمع بين الجانبين فى إطار حوار دول البحر المتوسط. يعزز الأمن والاستقرار في منطقة المتوسط، الأمر الذي تبلور بين الطرفين عام 1994، حيث يجمع حاليًا، بالإضافة إلى الدول الأعضاء في الحلف، كلا من الجزائر، مصر، إسرائيل، الأردن، موريتانيا، المغرب وتونس.
ويعد هذا الحوار دلالة على تأقلم ناتو مع أجواء ما بعد الحرب الباردة، كما أنه يشكل عنصرًا هامًا في سياسة الانفتاح والتعاون التي ينتهجها الحلف في هذه المرحلة من تاريخه.. وطبعا خلال اللقاءات مع قيادات الناتو تطرقنا أكثر من مرة حول ما حدث في ليبيا عام 2011 وما تركه تدخل الناتو العسكري في ليبيا وإسقاط نظام القذافي .. وما تبعه من سيطرة الميليشيات المتسترة بستار الدين وتحاربها واقتتالها المستمر وهو في الحقيقة صراع على النفط والغاز.. وأخطر نتائج سيطرة المليشيات الإخوانية والمتفرعة عنها على ليبيا ومخاطره على دول الجوار وسيطرة داعش على أجزاء كبيرة من ليبيا رغم خروجها من سرت إلا أنها مازالت موجودة في ليبيا وهنا من المهم أن أشير الى أن ما لمسته لدى قيادات حلف الناتو يؤكد رغبتهم في تصحيح الخطأ الجسيم الذي وقع فيه الحلف في ليبيا وتحويلها إلى دولة فاشلة تتصارع فيها الميليشيات المسلحة تحت ستار الدين وهم بعيدون كل البعد عن الإسلام ومنها داعش بالطبع.
ورغم إعجابي الشديد بكلمة السفير البلجيكي لدى حلف الناتو (السفير Knut Haug) ودبلوماسيته الرصينة وترحيبه الشديد بالشراكة بين مصر وبين حلف الناتو.. إلا أنني اختلف معه عندما تحدث عن الإرهاب المتستر بالدين الإسلامي وأخطرها داعش رغم أن كل الجماعات الإسلامية التكفيرية التي تقتل المدنيين وتقتل المسلمين خرجت من تحت عباءة الإخوان المسلمين .. واختلافي مع السفير Knut Haug عندما قال إن حلف الناتو لن يتدخل لمحاربة داعش أو غيرها من الميليشيات المسلحة أو الجماعات التكفيرية التي تتبنى العنف وأن علينا كمسلمين وكدول إسلامية حل هذه المشكلة بأنفسهم.
عفوا معالي السفير البلجيكي لدى حلف الناتو: Knut Haug عليكم أيضا واجب تصحيح الخطأ الجسيم الذي ارتكبتموه في ليبيا بجعلها ملاذا آمنا لداعش وغيرها من الجماعات الإسلامية المسلحة التي تتبنى فكر سيد قطب وجماعة الإخوان .
ورغم اختلافي مع السفير Knut Haug .. سفير بلجيكا لدى حلف الناتو .. إلا أنني لا أستطيع أن أغفل توجيه التحية لأعضاء الوفد الذين مثلوا مصر (دبلوماسية عامة ) خير تمثيل خلال زيارة الناتو وحملوا تساؤلات الرأي العام المصري للناتو إلي تشوهت صورته الذهنية كثيرا بسبب تدخله غير المبرر في ليبيا وتحويلها إلى دولة فاشلة.. وعلى رأسهم السفيرة وفاء بسيم مساعد وزير الخارجية الأسبق وأيضا السفير محمد منير زهران رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية والسفير أحمد سلام والدكتورة نهى بكر أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية والدكتور مصطفى علوي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ومن شباب الخارجية الواعد السفير أحمد سلامة وسماح عبد المنعم ومحمد حمدي وهدى النقباوي ونخبة من زملائنا الإعلاميين والصحفيين وطبعا بالتنسيق مع السفير المتميز إيهاب فوزي سفير مصر لدى بلجيكا .. والله المستعان.