يتساءل المراقب عن الأسباب التي تستدعي وجود هذا العدد الضخم من التنظيمات المسلحة وغير المسلحة التي تقاتل في سوريا ضمن ما يوصف بالحرب الأهلية، علمًا أنه بدأ يظهر الأمر للمراقب، أن ما يُجري على أرض سوريا هو أكبر من مجرد حرب أهلية.
فقد شهدت منطقة الشرق الأوسط منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية أكثر من حرب أهلية كان إحداها في الأردن وأخرى في لبنان وثالثة في السودان، ومع ذلك لم تستدعِ أي من هذه الحروب الأهلية تواجد هذا العدد الكبير من التنظيمات المسلحة وغير المسلحة التي تقاتل في حرب كهذه، كما يجري حاليا ضد الدولة السورية.
كما نلاحظ أن الحروب الأهلية القائمة حاليًا كما في اليمن وفي ليبيا، الأطراف المتقاتلة فيها لا يتجاوز عدد أصابع اليدين فى اليمن وبالنسبة لليبيا، ورغم أن ما يجري فيها لا يمكن تسميته بالحرب الأهلية بل بالاضطراب السياسي، فإن عدد المتخاصمين لا يتجاوز أصابع عدد اليد الواحدة وليس أصابع اليدين معًا.
فهناك في طرابلس الحكومة المعترف بها دوليًا والتي تسلمت السلطة استنادًا لاتفاق الصخيرات، وهناك الحكومة التي كانت قائمة، لكنها لم تسلم تمامًا السلطة للحكومة الجديدة.
كما أنه توجد هناك حكومة أخرى في طبرق التي انبثقت عن انتخابات شرعية اُعترف بها دوليًا، وهناك جماعات الدولة الإسلامية في بعض المناطق الليبية القليلة، وهكذا تظل مراكز الصراع وأطرافه، قليلة ولا تتجاوز أصابع اليد الواحدة.
فإذا كانت تلك هي الظروف المعروفة لعدد الجهات المحاربة التي شاركت في الحروب الأهلية السابقة في المنطقة، وتلك الجارية حاليًا، ينبغي أن نتوقف طويلا أمام هذا العدد الهائل من مجموعات المعارضة المسلحة التي تشارك في الحرب الأهلية في سوريا.
فما هو السبب وراء هذا العدد الكبير من التكتلات المعارضة سواء كانت مسلحة، ومعظمها تنظيمات مسلحة، مع وجود بعض أحزاب أو تجمعات معارضة غير مسلحة.
ومن بين المجموعات المعارضة غير المسلحة معارضة القاهرة وتضم مجموعتين أو ثلاث وهناك مجموعة معارضة موسكو وهذه تضم مجموعتين وربما أكثر، كما توجد معارضة دمشق وتمثل حزبا أو حزبين معارضين ومتواجدين داخل دمشق، ولكنها تعارض معارضة سلمية.
مقابل هؤلاء هناك نوعان من المعارضة المسلحة يتجاوز عددها المائة تنظيم، فهناك ما يقارب المائة منهم منضوون تحت راية مؤتمر المعارضة في الرياض، فهذه المجموعة تشمل معارضي القاهرة ومعارضي موسكو السلميين لكونها معارضة لا تحمل السلاح، ولكن ليس بينهم المعارضون الأكراد كقوات الحماية الكردية أو قوات جيش سوريا الديمقراطي ذي الغالبية الكردية، مع وجود مجموعة كردية صغيرة تعتمدها المعارضة المسلحة كممثلة للأكراد.
وإلى مجموعة الرياض التي تضم مائة مجموعة تقريبا كما رددت الأنباء ومنها من الأسماء البارزة: جيش الإسلام وجيش سوريا الحر وكتائب الأقصى ونور الدين زنكي وغيرها أسماء عديدة يصعب تذكرها، ولكن مقابل معارضة الرياض هناك معارضة أخرى مسلحة لم تشارك في الرياض، وبعضها مصنف بالمعارضة الإرهابية كفتح الشام التي باتت تضم بعد تسميتها الجديدة المعروفة بهيئة تحرير الشام، أربعة تنظيمات أخرى إضافة للنصرة التي تقود التنظيم الجديد، وفي مقابل أولئك هناك تنظيم أحرار الشام الذي لم يشارك في مؤتمر الرياض أو شارك لكنه انسحب لاحقًا وهؤلاء لا يصنفون بالإرهابيين مع أن روسيا تميل إلى تصنيفهم بتلك الصفة.
ويضم أحرار الشام في صفوفهم ثلاثة تنظيمات مسلحة متحالفة معهم، أضف إلى كل هذه المجموعات التي تقاتل على الأرض السورية، مجموعة أخرى في غاية الأهمية، وهي الدولة الإسلامية التي تقاتل الجميع في آن واحد، وذلك دون أن ننسى قوة الحماية الكردية وجيش سوريا الدمقراطي.
هل تعتتقدون بعد ذلك أنني أبالغ عندما أقول إن الدولة السورية تجابه قرابة المائة وعشرين تنظيما معا معظمها مسلحة، وتواجههم في آن واحد (دون الأخذ في الحسبان احتمال وجود خلايا سرية موالية للولايات المتحدة أو لاسرائيل)، الأمر الذي يستدعي التوقف عنده لكونه يشكل سابقة نادرة في تاريخ الحروب الأهلية في المنطقة، سواء الماضي منها أو الحروب الحالية، ويجعل الحرب الأهلية في سوريا نموذجًا غريبًا من الحروب الأهلية السابقة أو الحالية، وهنا لابد من مراجعة المسببات التي تستدعي هذا الموقف النادر في ظروفه وملابساته:
1) هل المطلوب عدم الاكتفاء بتجزئة سوريا إلى دويلات صغيرة، دولة سنية، دولة علوية، دولة شيعية، دولة مسيحية، دولة درزية، دولة كردية، بل المطلوب إنشاء مائة وعشرين دويلة، كل تنظيم يقيم نظامه الخاص به على مساحة صغيرة من بقعة الأرض التي يسيطر عليها بمجموعته المسلحة، فهذه هي الضمانة الوحيدة التي باتت لإسرائيل لتطمئن إلى أمنها واستقرارها بعد ما حدث في حرب أكتوبر 1973 عندما اجتاحت القوات السورية بسرعة البرق هضبة الجولان ووصلت إلى مشارف صفد.
وقد عبرت رئيسة وزراء إسرائيل آنئذ جولدا مائير عن مخاوفها في مذكراتها، فكتبت تقول إنها في لحظة ما قد أحست بأن إسرائيل قد انتهت، وبالتالي بات الساسة الإسرائيليون غير راغبين في بقاء سوريا دولة موحدة، بل لم يعودوا واثقين من بقائها دولة مجزأة إلى دويلات، فهذه قد تتفق فيما بينها، أما عندما تتجزأ إلى مائة دويلة، فأي احتمال يبقى أمامها للتوحد؟
2) وراء التعدد الكثيف أهداف أخرى، منها إحباط محاولات التوصل إلى سلام وإلى إنهاء حالة الاقتتال، فكلما تقرر انعقاد مؤتمر جنيف تتدخل بعض الفصائل لإعادة إثارة الاضطراب والحيلولة دون بقاء الحوار مستمرًا في المؤتمر، وغالبا ما ينتهي الأمر، كما يحدث الآن مع انعقاد جنيف أربعة، إلى توقفه عن العمل بعد الهجمة الكبرى على بعض أحياء دمشق وفي ريف حماة، وهي هجمة يشارك فيه تكتل أحرار الشام وتكتل هيئة فتج الشام ويشاركهما في ذلك فيلق الرحمن حديث الظهور كلاعب عسكري وسياسي مهم اضافة الى كونه ضمن الوفد المعارض المتواجد للمشاركة في المفاوضات في جنيف.
فعندما تكون بصدد مائة وعشرين تنظيما معارضا معظمها من المعارضة المسلحة، يصبح عندئذ من المتعذر على هؤلاء التفاهم على خطة واحدة سواء خطة سلام أو خطة حرب. فالمطلوب هو بقاء الفوضى الخلاقة.. خلاقة. ترى ألم تروِ الكتب الدينية أن الله عندما اراد ان يعاقب بناة بابل الساعين لبلوغ عنان السماء، أن أصابهم بلوثة تعدد اللغات وعدم فهم أحدهم على الآخر بسبب تعددهم وتشتتهم.
3) ان سوريا هي الخطر الأهم على اسرائيل بعد تحييد الجيشين المصري والأردني باتفاقيتي سلام، أما العراق فهي خطر آخر لكنه اقل الحاحا بسبب بعد العراق الجغرافي. كما أن حرب 1991 ضدها ثم غزوها عام 2003 وظهور الدولة الاسلامية لاحقا لتسيطر على ثلثي أراضيها، قد تسبب للعراق بما يكفي من ضرر وانشغال باصلاح المتاعب التي افرزتها للعراق، فاذا اشتد عود العراق ثانية، ستكون هناك تدابير أخرى، ربما هي الآن طور الاعداد، كما تحافظ اسرائيل على أمنها والاطمئنان الى أيام سلام قادمة لا محالة.
قد يعتقد البعض أن الحرب الدائرة في العراق ضد الدولة الاسلامية وآخر مراحلها في الموصل، وكذلك الحرب ضد الدولة الاسلامية القائمة في سوريا، ستنهي فعلا الدولة الاسلامية او فكرها الارهابي. لكن ذلك لن يحدث، لأن الفكر المتشدد لا بد أن يقابله فكر مقابل. فاذا لم يوجد، فان المنتمين للدولة الاسلامية، والذين انشقوا اصلا عن انتمائهم لتنظيم القاعدة، سيعودون أدراجهم الى تنظيم القاعدة... إلى جبهة النصرة، وعندئذ لا يكون الغرب قد فعل شيئا غير تقوية جبهة النصرة تقوية كبيرة مما يجعلها أكثر خطرا على سوريا وعلى دول الجوار، ويجعل قدرتها على رفض الحلول السلمية وعلى احباطها، في مستوى سيفوق كل التوقفعات، علما أن الاعتماد الروسي على الحليف التركي، قد يكون اعتمادا خاطئا، فتركيا لا تسعى من وراء تحسين علاقتها بروسيا، الا ابتزاز مزيد من أموال دول الخليج، والحصول على تنازلات من الدول الأوروبية. فالحرب السورية كانت ولم تزل مصدر رزق لها كما يبدو، ويرجح بأنها لا تنوي التخلي عن منافعها بدليل ظهور صاروخ أرض جو المفاجئ لدى جبهة النصرة والذي به أسقطت طائرة ميغ 25 سورية، وأستحدمت أساحة حديثة أخرى وصلتها لتتجرأ على مهاجمة دمشق... عاصمة الدولة السورية ذاتها.
فقد شهدت منطقة الشرق الأوسط منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية أكثر من حرب أهلية كان إحداها في الأردن وأخرى في لبنان وثالثة في السودان، ومع ذلك لم تستدعِ أي من هذه الحروب الأهلية تواجد هذا العدد الكبير من التنظيمات المسلحة وغير المسلحة التي تقاتل في حرب كهذه، كما يجري حاليا ضد الدولة السورية.
كما نلاحظ أن الحروب الأهلية القائمة حاليًا كما في اليمن وفي ليبيا، الأطراف المتقاتلة فيها لا يتجاوز عدد أصابع اليدين فى اليمن وبالنسبة لليبيا، ورغم أن ما يجري فيها لا يمكن تسميته بالحرب الأهلية بل بالاضطراب السياسي، فإن عدد المتخاصمين لا يتجاوز أصابع عدد اليد الواحدة وليس أصابع اليدين معًا.
فهناك في طرابلس الحكومة المعترف بها دوليًا والتي تسلمت السلطة استنادًا لاتفاق الصخيرات، وهناك الحكومة التي كانت قائمة، لكنها لم تسلم تمامًا السلطة للحكومة الجديدة.
كما أنه توجد هناك حكومة أخرى في طبرق التي انبثقت عن انتخابات شرعية اُعترف بها دوليًا، وهناك جماعات الدولة الإسلامية في بعض المناطق الليبية القليلة، وهكذا تظل مراكز الصراع وأطرافه، قليلة ولا تتجاوز أصابع اليد الواحدة.
فإذا كانت تلك هي الظروف المعروفة لعدد الجهات المحاربة التي شاركت في الحروب الأهلية السابقة في المنطقة، وتلك الجارية حاليًا، ينبغي أن نتوقف طويلا أمام هذا العدد الهائل من مجموعات المعارضة المسلحة التي تشارك في الحرب الأهلية في سوريا.
فما هو السبب وراء هذا العدد الكبير من التكتلات المعارضة سواء كانت مسلحة، ومعظمها تنظيمات مسلحة، مع وجود بعض أحزاب أو تجمعات معارضة غير مسلحة.
ومن بين المجموعات المعارضة غير المسلحة معارضة القاهرة وتضم مجموعتين أو ثلاث وهناك مجموعة معارضة موسكو وهذه تضم مجموعتين وربما أكثر، كما توجد معارضة دمشق وتمثل حزبا أو حزبين معارضين ومتواجدين داخل دمشق، ولكنها تعارض معارضة سلمية.
مقابل هؤلاء هناك نوعان من المعارضة المسلحة يتجاوز عددها المائة تنظيم، فهناك ما يقارب المائة منهم منضوون تحت راية مؤتمر المعارضة في الرياض، فهذه المجموعة تشمل معارضي القاهرة ومعارضي موسكو السلميين لكونها معارضة لا تحمل السلاح، ولكن ليس بينهم المعارضون الأكراد كقوات الحماية الكردية أو قوات جيش سوريا الديمقراطي ذي الغالبية الكردية، مع وجود مجموعة كردية صغيرة تعتمدها المعارضة المسلحة كممثلة للأكراد.
وإلى مجموعة الرياض التي تضم مائة مجموعة تقريبا كما رددت الأنباء ومنها من الأسماء البارزة: جيش الإسلام وجيش سوريا الحر وكتائب الأقصى ونور الدين زنكي وغيرها أسماء عديدة يصعب تذكرها، ولكن مقابل معارضة الرياض هناك معارضة أخرى مسلحة لم تشارك في الرياض، وبعضها مصنف بالمعارضة الإرهابية كفتح الشام التي باتت تضم بعد تسميتها الجديدة المعروفة بهيئة تحرير الشام، أربعة تنظيمات أخرى إضافة للنصرة التي تقود التنظيم الجديد، وفي مقابل أولئك هناك تنظيم أحرار الشام الذي لم يشارك في مؤتمر الرياض أو شارك لكنه انسحب لاحقًا وهؤلاء لا يصنفون بالإرهابيين مع أن روسيا تميل إلى تصنيفهم بتلك الصفة.
ويضم أحرار الشام في صفوفهم ثلاثة تنظيمات مسلحة متحالفة معهم، أضف إلى كل هذه المجموعات التي تقاتل على الأرض السورية، مجموعة أخرى في غاية الأهمية، وهي الدولة الإسلامية التي تقاتل الجميع في آن واحد، وذلك دون أن ننسى قوة الحماية الكردية وجيش سوريا الدمقراطي.
هل تعتتقدون بعد ذلك أنني أبالغ عندما أقول إن الدولة السورية تجابه قرابة المائة وعشرين تنظيما معا معظمها مسلحة، وتواجههم في آن واحد (دون الأخذ في الحسبان احتمال وجود خلايا سرية موالية للولايات المتحدة أو لاسرائيل)، الأمر الذي يستدعي التوقف عنده لكونه يشكل سابقة نادرة في تاريخ الحروب الأهلية في المنطقة، سواء الماضي منها أو الحروب الحالية، ويجعل الحرب الأهلية في سوريا نموذجًا غريبًا من الحروب الأهلية السابقة أو الحالية، وهنا لابد من مراجعة المسببات التي تستدعي هذا الموقف النادر في ظروفه وملابساته:
1) هل المطلوب عدم الاكتفاء بتجزئة سوريا إلى دويلات صغيرة، دولة سنية، دولة علوية، دولة شيعية، دولة مسيحية، دولة درزية، دولة كردية، بل المطلوب إنشاء مائة وعشرين دويلة، كل تنظيم يقيم نظامه الخاص به على مساحة صغيرة من بقعة الأرض التي يسيطر عليها بمجموعته المسلحة، فهذه هي الضمانة الوحيدة التي باتت لإسرائيل لتطمئن إلى أمنها واستقرارها بعد ما حدث في حرب أكتوبر 1973 عندما اجتاحت القوات السورية بسرعة البرق هضبة الجولان ووصلت إلى مشارف صفد.
وقد عبرت رئيسة وزراء إسرائيل آنئذ جولدا مائير عن مخاوفها في مذكراتها، فكتبت تقول إنها في لحظة ما قد أحست بأن إسرائيل قد انتهت، وبالتالي بات الساسة الإسرائيليون غير راغبين في بقاء سوريا دولة موحدة، بل لم يعودوا واثقين من بقائها دولة مجزأة إلى دويلات، فهذه قد تتفق فيما بينها، أما عندما تتجزأ إلى مائة دويلة، فأي احتمال يبقى أمامها للتوحد؟
2) وراء التعدد الكثيف أهداف أخرى، منها إحباط محاولات التوصل إلى سلام وإلى إنهاء حالة الاقتتال، فكلما تقرر انعقاد مؤتمر جنيف تتدخل بعض الفصائل لإعادة إثارة الاضطراب والحيلولة دون بقاء الحوار مستمرًا في المؤتمر، وغالبا ما ينتهي الأمر، كما يحدث الآن مع انعقاد جنيف أربعة، إلى توقفه عن العمل بعد الهجمة الكبرى على بعض أحياء دمشق وفي ريف حماة، وهي هجمة يشارك فيه تكتل أحرار الشام وتكتل هيئة فتج الشام ويشاركهما في ذلك فيلق الرحمن حديث الظهور كلاعب عسكري وسياسي مهم اضافة الى كونه ضمن الوفد المعارض المتواجد للمشاركة في المفاوضات في جنيف.
فعندما تكون بصدد مائة وعشرين تنظيما معارضا معظمها من المعارضة المسلحة، يصبح عندئذ من المتعذر على هؤلاء التفاهم على خطة واحدة سواء خطة سلام أو خطة حرب. فالمطلوب هو بقاء الفوضى الخلاقة.. خلاقة. ترى ألم تروِ الكتب الدينية أن الله عندما اراد ان يعاقب بناة بابل الساعين لبلوغ عنان السماء، أن أصابهم بلوثة تعدد اللغات وعدم فهم أحدهم على الآخر بسبب تعددهم وتشتتهم.
3) ان سوريا هي الخطر الأهم على اسرائيل بعد تحييد الجيشين المصري والأردني باتفاقيتي سلام، أما العراق فهي خطر آخر لكنه اقل الحاحا بسبب بعد العراق الجغرافي. كما أن حرب 1991 ضدها ثم غزوها عام 2003 وظهور الدولة الاسلامية لاحقا لتسيطر على ثلثي أراضيها، قد تسبب للعراق بما يكفي من ضرر وانشغال باصلاح المتاعب التي افرزتها للعراق، فاذا اشتد عود العراق ثانية، ستكون هناك تدابير أخرى، ربما هي الآن طور الاعداد، كما تحافظ اسرائيل على أمنها والاطمئنان الى أيام سلام قادمة لا محالة.
قد يعتقد البعض أن الحرب الدائرة في العراق ضد الدولة الاسلامية وآخر مراحلها في الموصل، وكذلك الحرب ضد الدولة الاسلامية القائمة في سوريا، ستنهي فعلا الدولة الاسلامية او فكرها الارهابي. لكن ذلك لن يحدث، لأن الفكر المتشدد لا بد أن يقابله فكر مقابل. فاذا لم يوجد، فان المنتمين للدولة الاسلامية، والذين انشقوا اصلا عن انتمائهم لتنظيم القاعدة، سيعودون أدراجهم الى تنظيم القاعدة... إلى جبهة النصرة، وعندئذ لا يكون الغرب قد فعل شيئا غير تقوية جبهة النصرة تقوية كبيرة مما يجعلها أكثر خطرا على سوريا وعلى دول الجوار، ويجعل قدرتها على رفض الحلول السلمية وعلى احباطها، في مستوى سيفوق كل التوقفعات، علما أن الاعتماد الروسي على الحليف التركي، قد يكون اعتمادا خاطئا، فتركيا لا تسعى من وراء تحسين علاقتها بروسيا، الا ابتزاز مزيد من أموال دول الخليج، والحصول على تنازلات من الدول الأوروبية. فالحرب السورية كانت ولم تزل مصدر رزق لها كما يبدو، ويرجح بأنها لا تنوي التخلي عن منافعها بدليل ظهور صاروخ أرض جو المفاجئ لدى جبهة النصرة والذي به أسقطت طائرة ميغ 25 سورية، وأستحدمت أساحة حديثة أخرى وصلتها لتتجرأ على مهاجمة دمشق... عاصمة الدولة السورية ذاتها.