قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

مؤتمر السلام.. عملاق الأزهر وأقزام الإعلام


فى ظل عالم ينتشر فيه الإرهاب ويضع الإسلام فى مرمى الاتهام بصناعة وتصدير الإرهاب للعالم، تأتى دعوة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب لمؤتمر الأزهر للسلام لترد على كل من يسيئون للإسلام من الشرق والغرب ليبرهن للعالم بمسلميه ومسيحييه وكل طوائفه أن الإسلام دين السلام بشهادة أكبر المراجع الدينية فى العالم، وكذلك يأتى انعقاد مؤتمر الأزهر للسلام فى مصر بلد الأزهر كصفعة قوية على وجه كل من يتطاولون على الأزهر وإمامه الأكبر من داخل مصر لعلهم يخجلون من أنفسهم ويعرفون للأزهر قدره، ويرى أقزام الإعلام حجمهم الحقيقى أمام عملاق مصر الأزهر الإمام الأكبر.

جاءت دعوة الإمام الأكبر لمؤتمر السلام انطلاقا من السعى الدائم له منذ تولى مشيخة الأزهر للتعاون مع كل محبى الخير والسلام فى العالم لنشر ثقافة التعاون بدلا من التناحر , ولإرساء قيمة الاحترام بدلا من الإقصاء، وبذل الجهد لإحياء السلام بدلا من التقاتل , وتعليم الناس السماحة بدلا من التشدد وليؤكد على أن تلك المبادئ الكريمة هى منطلقات الأديان السماوية والتى تدعو إليها وتعمل على نشرها المؤسسات الدينية الكبرى الإسلامية والمسيحية على السواء.

وكان الهدف المنشود من المؤتمر هو التلاقى حول الأسس الإنسانية الجامعة التى تحقق السلام بين البشر على اختلاف أديانهم وعقائدهم وأعراقهم وأجناسهم ولذا كانت الدعوة إلى البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية والتى ينتمى إليها أكثر من مليار مسيحى على مستوى العالم وهى النسبة التى تتجاوز نصف عدد المسيحيين فى الشرق والغرب، والبابا رجل معروف بحبه للخير والتمسك بالمبادئ الدينية التشريعية والأخلاقية مع انتقاده الدائم للممارسات السيئة والظالمة للحكومات والمجتمعات وعدم تقبله لها وعمله الدؤوب لنشر المحبة والخير والعدل ومن هنا كانت الدعوة للتعاون معه من خلال مؤتمر الأزهر للسلام.

وكانت الدعوة الثانية لإخوة الوطن من المسيحيين بدعوة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية والتى ينتمى إليها من المسيحيين الطائفة الأرثوذكسية وهي ثاني أكبر الكنائس المسيحية بعد الكنيسة الكاثوليكية في العالم , وقد مثل الكنيسة نيابة عنه الأنبا بولا وألقى كلمة فى الجلسة الافتتاحية للمؤتمر فى اليوم الأول الخميس 27 ابريل 2017 .

وقدمت من خلال برنامج المؤتمر موضوعات فى غاية الأهمية تناولها الضيوف من المشاركين , من طرح أهم تحديات السلام فى العالم المعاصر , ومناقشة أثر إساءة التأويل للنصوص الدينية على السلم العالمى , وبحث أثر استغلال الفقر والمرض على السلم العالمى , وختمت جلسات اليوم الأول بإثراء المؤتمر بما يتعلق بثقافة السلام فى الأديان بين الواقع والمأمول.

وكانت كلمة فضيلة الإمام الأكبر فى اليوم الأول كمشرط الجراح الذى يعرف موطن الداء فيضع يده ويفتح لكى يستأصل الداء ويضعه أمام أعين الجميع من أصحاب الجرح والألم , ومن المتسببين فى آلام البشرية وأمراضها البدنية والنفسية والأخلاقية , ومن خلال الكلمة البليغة نبه العالم إلى انقلاب المعايير وتبدل المفاهيم وتغير الثوابت البدهية والمنطقية فى فهم مدلول السلام والتعامل به ومعه ؛ وذلك لأن المرجعية البشرية متغيرة ومفاهيمها محدودة ومعاييرها متفاوتة ؛ وبالتالى فإن الباحث عن السلام الحقيقى لن يجده إلا بالعودة إلى المصدر الأصلى الذى نبع منه السلام وهو رب البشر والأديان السماوية التى تُعتبر رسالة السلام إلى أهل الأرض.

وعرض فضيلته فى إيجاز غير مخل ( فلسفة السلام فى الإسلام ) والتى تتجلى فى أعلى وأنقى صورها حيث تتفق مع كل ما سبقها من الرسالات السماوية , وتقرر وجوب تقبل الاختلاف بين البشر فى كل شىء وعلى رأس ما يجب تقبله هو الاختلاف فى المعتقد والدين ومن ثم تقرير حق كل منا فى حرية الاعتقاد ونفى الإكراه على العقائد, ففى الإسلام لا يُقبل عمل المكره ولا يحاسب عليه ولا أجر له عليه خيرا كان أو شرا.

ويبقى الأمر الذى لابد أن يتفق عليه جميع البشر وهو استمرار العلاقة بين الناس على أساسين قررهما الإسلام وهما : الحوار الطيب المهذب , والتعارف المبنى على التفاهم والتعاون والتأثير والتأثر بدون فرض ولا محاولة للهيمنة وأوضح فضيلته من خلال كلمته إلى أن الحرب فى الإسلام ضرورة واستثناء يلجأ إليه فى حال الضرورة فقط لرد العدوان وللدفاع عن النفس والأرض والعرض والمال وليس هذا الدفاع قاصرا على المسلمين فقط ولكن هو دفاع لتأمين حياة وحرية ومال كل من يشارك المسلم فى الأرض والوطن حتى لو كان المعتدى من المسلمين.

وكان استشهاد فضيلته بالآيات الواضحة على أن الإسلام دين السلام ومن خلال ذلك تعجب من إلصاق تهمة الإرهاب به , ولم يقبلها, لأن بعض المسلمين مارسوا العنف ضد غيرهم من المسلمين وغير المسلمين كما لم يقبل إلصاق تهمة الإرهاب بالمسيحية ولا باليهودية لأن فظائع وبشائع ارتكبت باسمهما كذلك.

ومن خلال تلك الكلمة بمؤتمر السلام أعلن فضيلته أن الأديان بريئة من تهمة الإرهاب , وأشار إلى أن الإرهاب الأسود الذى يحصد أرواح المسلمين قبل غيرهم لا تعود أسبابه إلى شريعة الإسلام ولا إلى قرآن المسلمين , وإنما ترجع أسبابه البعيدة إلى سياسات كبرى جائرة اعتادت التسلط والهيمنة والكليل بمكيالين.

ثم كانت كلمة فضيلة الإمام فى اليوم الثانى الجمعة 28 ابريل 2017 بحضور بابا الفاتيكان وبمتابعة العالم كله بمسلميه ومسيحييه كلمة كلها شجاعة وقوة كلمة حق فى زمن ساد فيه الظلم وانتشر فيه الفساد وتغلبت فيه المصالح المادية على المبادئ الإنسانية , ووضع المرآة أمام أعين الفاسدين من صناع الحروب وتجار السلاح فى العالم ليشاهدوا عيوبهم ومآسى العالم بسبب أطماعهم وقبح نفوسهم.

وأرجع سبب انتشار الفساد وتغلب المفسدين رغم رقى الحضارات وتقدمها إلى تجاهل الأديان الإلهية وقيمها الخلقية الراسخة التى لا تتبدل بتبدل المصالح والأغراض والنزوات والشهوات ونبه المجتمع العالمى إلى أن الحل فى إعادة الوعى برسالات السماء ورأى أن الأرض الآن أصبحت ممهدة لأن تأخذ الأديان دورها فى إبراز قيمة السلام وقيمة العدل والمساواة واحترام الإنسان مع ضرورة العمل على تنقية صورة الأديان مما علق بها من فهوم مغلوطة وتطبيقات مغشوشة , وألا نحاكم الأديان بجرائم قلة عابثة من المؤمنين بهذا الدين أو ذاك.

وفى الكلمة ثمن فضيلته مواقف البابا وتصريحاته المنصفة تجاه الإسلام والمسلمين والتى تدفع عنهم تهمة الإرهاب كما أشاد فضيلته كذلك بموقف آباء الكنيسة الغربية والشرقية فى احترام العقائد والأديان والوقوف فى وجه من يسىء إلى الأديان ورموزها ومن يوظفها فى إشعال الصراع بين المؤمنين.

وبادر فضيلته إلى الدعوة للسعى معا من أجل المستضعفين دون تمييز واستنقاذ المجتمع من الانفلات الأخلاقى والوقوف فى وجه دعوات الإلحاد وسياسات الهيمنة وتأجيج الصراع.

ثم توجه إلى الله تعالى داعيا ان يجعل من هذا اللقاء خطوة حقيقية للتعاون على نشر ثقافة السلام والتآخى والعيش المشترك بين الناس .

بارك الله فى أزهرنا الشريف وفى إمامنا الأكبر وعلمه وعمله.