الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أسواق قطع الغيار .. من الكبد إلى الطحال ...!


الواضح أن الفكر الداعشي المعاصر كخلاياه النائمة والتي ترصد مسار تاريخنا قد أصبح له قدرة عجيبة على الاستفادة من بعض إخفاقات داعش القديمة ..

فداعش القديمة كانت تمارس هواية القتل والسحل والحرق تنفسا عن حرارة الأكباد التي يشويها الحنق ... ورغبة في التشفي من الخصم بلا ثمن ..

فرأينا كيف قضمت جدة يزيد وأم معاوية هند بنت عتبة كقضمة البعير لنبتة الربيع، كبد سيد الشهداء حمزة بعدما كلفت "وحشي" أن يبقر بطنه ويجدع أذنه وأنفه ... ثم ذاع أمرها في العرب وأصبحت مضرب المثل في الانتقام..

وعاينا ماذا فعل ولدها بالصحابي محمد بن أبي بكر عن طريق معاوية ابن خديج ... حين أمسكوا بمحمد وهو عطشان وقد منعوه الماء وحكموا عليه بأن يموت محروقا في جيفة حمار دون أن يستفيدوا منه بيد أو قدم..

ونقل إلينا التاريخ كيف أبدعوا في وضع عناوين تدفع عنهم الشعور بالمسئولية التي ذهب على أثرها مالك الأشطر في شربة عسل جعلها معاوية جنودا للقدر وذهب الزمان بها ذاكرا عن قدرتهم في التخلص من خصومهم وأصبحت بين الناس مثلا إن لله جنودا من عسل ... دون أن يكون هناك مجال للاستفادة من عضلات الرجل الذي عرف بالقوة ولا بعض خلايا عقله المشهورة بالإبداع والحكمة ...!!

وحكى التاريخ وحكى ... فها هي رأس الجعد ابن درهم التي تزن الملايين بما حوت من بديع الأفكار وجديد التصورات وقد خطفتها سكينة خالد بن عبد الله القسري داخل مسجد الكوفة وأسفل المنبر بالجامع الكبير عام 122هـ... دون أن يدركوا أن الرؤوس جاءتها أيام تباع فيها وتشترى ...!!

وحكى التاريخ عن سلف داعش كيف قطعوا لسان غيلان الدمشقي وخسروا حياة عمر المقصوص الذي ذبحته نصائحه لمعاوية الثاني ابن يزيد ... ثم نثروا رماد الحلاج في الهواء بينما استفادوا فقط برماد زيد بن علي في الأرض كسماد وفقا لما أخبر به الحجاج بن يوسف أعداءه من أهل العراق ...!!

بينما ظل مستفيدا وحيدا بتاريخنا عندما أمسك معاوية بن سفيان والي البصرة بابن المقفع الأديب المشهور ... وبغية التخلص منه تجهزت على عجل تهمة الزندقة ... وحضر الفرن كي يكون بيتا للشواء يطعم منه ابن المقفع قبل الممات وكان الوحيد الذي أطعموه من لحمه وقطعوا منه ليأكل من نفسه حتى مات ... وماتت معه كل الأفكار والشعوب التي سمعت مصيبته ولم تستنكر موتته ..!!

هذا التراث الداعشي القديم لم يفطن إلى أنه قد أنجب لنا ولدا لئيما .. أكثر منه ذكاء وفطنه ..

ففتحت داعش اليوم بالموصل سوقا كبيرا من جثث القتلى والسبايا والمخطوفين والأسرى لتبيع منها بالقطعة كبدا وعينا وأذنا قلبا ... ولو أردت إنسانا كاملا يتم تشكيله بالورش التي أعدوها لذلك تحت لافتة مشافي وزارة الترميم والتركيب الإنساني ..!!

لقد نقلت مواقع إعلامية عدة ومنها صحيفة الديلي ميل البريطانية أن التنظيم بات يوفر ما يزيد عن مليوني دولار في العام من تجارة الأعضاء البشرية التي يأخذها من الرهائن الأحياء وجنوده القتلى.

وذكرت الصحيفة أن تنظيم "الدولة" تمكن من استئجار أطباء أجانب لعدة شهور لحصد الأعضاء البشرية، من جثث القتلى ، سواء من جنوده أو المناوئين له ، ومن الرهائن الأحياء بمن فيهم الأطفال .

ونقلت الصحيفة شهادة طبيب أنف وأذن وحنجرة يدعى سيروان الموصلي قال فيها : إن تنظيم الدولة استأجر أطباء من جنسيات أجنبية لتشغيل نظام موسع لتجارة الأعضاء في أحد المستشفيات الذي وقع تحت سيطرتهم في الموصل شمال العراق ، وهو ما أدى مبدئيا لحصدهم مكاسب ضخمة .

وذكر أن التنظيم الإرهابي أنشأ نظاما متخصصا لتهريب الأعضاء ، مهمته بيع القلوب البشرية والكبد والكلى في الأسواق السوداء عالميا.

وقال الموصلي ، إنه لاحظ في الآونة الأخيرة حركة غريبة داخل المرافق الطبية في الموصل، حيث تم تعيين عدد من الجراحين الأجانب ، وجرى منعهم من الاختلاط بالأطباء المحليين ، لكن تلك المعلومات تسربت فيما بعد .

وأضاف الموصلي أن الجراحة تجري داخل المستشفى ، ويتم نقل الأعضاء بواسطة أجهزة متخصصة عبر شبكات محددة للاتّجار بالأعضاء البشرية ، لافتا إلى أن أغلبية الأعضاء تأتي من المقاتلين الذين سقطوا في المعارك ويتم نقلهم إلى المستشفى ، بالإضافة إلى المصابين الذين تركهم ذووهم ، والأفراد الذين تم اختطافهم .

وذكرت الصحيفة أن غالبية الأعضاء البشرية يجري تهريبها من سوريا والعراق إلى البلدان المجاورة ، حيث يتم بيعها للعصابات الدولية المتخصصة في هذه التجارة .

وفي السياق ذاته قالت القناة الثانية بالتليفزيون الإسرائيلي إن تنظيم "داعش" بدأ في الآونة الأخيرة بتجنيد مجموعة أطباء من عدة دول في العالم منها إسرائيل بغية المتاجرة بالأعضاء البشرية . وأضافت أن التنظيم تمكن من استقطاب مجموعة من الأطباء الإسرائيليين لاستخلاص الأعضاء البشرية.

أعتقد اليوم أن داعش القديمة بزوايا أحزاننا قد جلست تحصر خسائرها التي منيت بها لأن عصرها لم يقدم لها التقنيات اللازمة للاستفادة من ملايين الضحايا الذين ذهبوا بلا مقابل غير تمرير السياسات والأهواء والتنفيس عن الأحقاد ومشاعر الازدراء ... وفعلا يا له من زمن ...!!
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط