قصة آية « ألا تحبون أن يغفر لكم»

يقول الله سبحانه وتعالى « وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ»، سورة النور.
أنزل الله تعالى آية "الإفك" عندما كان أبوبكر الصديق ينفق على مسطح بن أثاثة، فأوقف الأول الإنفاق، فأنزل الله آية أخرى تحث الجميع على الإنفاق على القريب والبعيد والإحساس بالمحتاجين في كل مكان.
والمشهور في سبب نزول هذه الآية الكريمة، أنها نزلت في أَبِي بَكْر الصديق، وَمِسْطَح بْن أُثَاثَة رضي الله عنهما، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ قريبا لأبي بكر، وَكَانَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ الْمَسَاكِين الذين شهدوا غزوة بدر، وَكَانَ أَبُوبَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يُنْفِق عَلَيْهِ لِمَسْكَنَتِهِ، وَقَرَابَته; فَلَمَّا وَقَعَ أَمْرُ (الإِفْك)، وَقَالَ فِيهِ مِسْطَح مَا قَالَ، حَلَفَ أَبُوبَكْر ألاَّ يُنْفِق عَلَيْهِ، وَلا يَنْفَعهُ بِنَافِعَةٍ أَبَدًا، فَجَاءَ مِسْطَح فَاعْتَذَرَ.
ورُوِيَ فِي الصَّحِيح، أَنَّ اللَّه سبحانه وَتَعَالَى لَمَّا أَنْزَلَ: «إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بالإفْكِ عُصْبَة مِنْكُمْ» الآيات، قَالَ أَبُوبَكْر: «وَاَللَّه لا أُنْفِق عَلَيْهِ شَيْئًًا أَبَدًا يعني مِسْطحًا بَعْد الَّذِي قَالَ لِعَائِشَةَ»، فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى: «وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْل مِنْكُمْ وَالسَّعَة»، إِلَى قَوْله: «أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِر اللَّه لَكُمْ"، فَقَالَ أَبُوبَكْر: "وَاَللَّه إِنِّي لأُحبُّ أَنْ يَغْفِر اللَّه لِي»، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَح النَّفَقَة الَّتِي كَانَ يُنْفِق عَلَيْهِ، وَقَالَ: "لا أَنْزِعهَا مِنْهُ أَبَدًا"، وهذه الآية عامّة لكل الأمة إلى قيام الساعة.
هنا نجد لطف الله تعالى بالقَذَفَة العُصاة الفقراء، فما بال أقوام يحرمون أقاربهم ممّا آتاهم الله من فضله .