الإسلاميون بالأردن ينظمون مسيرة اليوم احتجاجًا على تباطؤ الإصلاح

تستعد المعارضة الإسلامية في الأردن لاستعراض قوتها في مسيرة تنظمها اليوم الجمعة احتجاجًا على تباطؤ وتيرة الإصلاح السياسي والتي يمكن أن تكون أكبر مظاهرة لها منذ الاحتجاجات التي استلهمت روح الربيع العربي العام الماضي في الوقت الذي أصدر فيه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني قرارًا بحل البرلمان المؤيد للحكومة.
وسوف تضغط مسيرة "جمعة إنقاذ الوطن" التي تنظمها جماعة الإخوان المسلمين كبرى أحزاب المعارضة بالبلاد في العاصمة عمان من أجل تمثيل سياسي أوسع وبرلمان أكثر ديمقراطية. غير أن عزم جماعات موالية للحكومة تنظيم مظاهرة مضادة أثار مخاوف من وقوع اشتباكات.
وأصدر الملك عبد الله يوم الخميس قرارًا بحل البرلمان المؤيد للحكومة وهي خطوة دستورية تمهد الطريق أمام انتخابات يتوقع إجراؤها أوائل العام المقبل.
ولم يذكر المرسوم الملكي بحل البرلمان الذي أذاعته وسائل إعلام رسمية موعدًا لإجراء الانتخابات التي ستحدد تشكيلة أعضاء مجلس النواب المكون من 120 مقعدًا.
لكن الملك عبد الله قال مرارًا إنه يريد إجراء الانتخابات في وقت لاحق العام الجاري أو أوائل العام القادم على أقصى تقدير.
وقال زكي بني أرشيد نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين لـ"رويترز": "نتحدث عن مرحلة جديدة بعد مضي 20 شهرًا من الحركة الشعبية المستمرة ومن عدم الاستماع إلى المطالب الإصلاحية".
وعلى مدى نحو عامين يشهد الأردن احتجاجات سلمية تستلهم أحداث الربيع العربي وينظمها إسلاميون ويساريون وشخصيات عشائرية غير أنها تركز على إصلاح الحكومة والحد من سلطات الملك عبد الله بدلاً من الإطاحة به.
ويتميز إسلاميو الأردن بأنهم منظمون للغاية ويحشدون أنصارهم من خلال توزيع المنشورات في المساجد. وعادة ما تستقطب مسيراتهم الرئيسية عشرات الآلاف من المشاركين.
وقال بني أرشيد "الحركة الإسلامية تطالب بإصلاحات حقيقية تعيد السلطة إلى أصحابها الحقيقيين وهو الشعب الأردني وتقلص من صلاحيات هؤلاء الفاسدين الذين استحوذوا على السلطة والنفوذ والقرار عشرات السنوات الماضية".
واتهم نائب المراقب العام للإخوان المسلمين السلطات بخلق مناخ من "التحريض والخوف" لمنع سكان المناطق الأخرى من المشاركة في المسيرة بعد الحملة التي شنتها وسائل إعلام موالية للحكومة على الدعوة للمسيرة.
وأعلنت بعض الجماعات العشائرية واليسارية أنها ستشارك في المسيرة. وقالت جماعات موالية للحكومة يشتبه على نطاق واسع بأنها تعمل بتوجيه من السلطات إنها ستنظم مسيرة في نفس المنطقة.
ونسب إلى أنصار للحكومة على صلة بجهاز الاستخبارات الذي يتمتع بنفوذ كبير في البلاد إفساد تجمعات سابقة قادها الإسلاميون وهو ما يثير مخاوف من وقوع اشتباكات يوم الجمعة.
وقال بني أرشيد إن أي محاولات من جانب قوات الأمن لإثارة مواجهة مع المتظاهرين ستؤدي الى نتائج عكسية.
وأضاف: "التوجه نحو صدام وهمي أو صدام بين مكونات الشعب الأردني مؤامرة خطرة النتائج لا أحد يستطيع أن يتوقع ما ستؤول إليه. حاولت مراكز القوى أن تستفز الحركة الإسلامية وتخرجها عن طورها ولكنها فشلت في كل المحطات. لم نسمح لأحد أن يجر البلاد إلى الصدام. سنبقى مصرين في مسارنا السلمي".
وغض الأردن الطرف عن احتجاجات في بلدات يقطنها أردنيون من أهل البلد الأصليين ينتمون إلى عشائر الضفة الشرقية والذين يتمتعون بحظ أوفر في شغل الوظائف الحكومية. وكان العامل الأساسي وراء اندلاع هذه الاحتجاجات هو القلق بشأن تقلص الامتيازات.
غير أن الإسلاميين ومعظمهم من أهل الحضر ويتمتعون بتأييد قوي بين الأردنيين المنحدرين من أصل فلسطيني يمثلون تهديدا في نظر الإدارة السياسية.
ويحظى بني أرشيد بتأييد واسع بين الأردنيين الفقراء بينما يتعرض لنقد لاذع من بعض المتشددين من أنصار الحكومة.
وترفض جماعة الإخوان المسلمين المشاركة في الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في غضون أشهر بموجب قانون انتخابات أقره البرلمان في يوليو.
وقال بني أرشيد "عندما فشلت هذه الأجهزة الأمنية في جلب الحركة الإسلامية في الانتخابات النيابية وفقا لقواعدهم أرادوا أن ينتقموا وفق نفس الأدوات والأساليب القديمة التي كانت سائدة قبل الربيع العربي متناسين أن العالم يشهد تغييرات".
ويقول الإسلاميون إن القانون يعطي العشائر الموالية للحكومة في المناطق الإقليمية التي يقطنها عدد قليل من السكان حصة من المقاعد البرلمانية أكبر بكثير من تلك المخصصة لمعاقلهم في المدن والتي يهيمن عليها الأردنيون من أصل فلسطيني.
وراقبت النخبة السياسية الأردنية بعين القلق والخوف المكاسب التي حققتها أحزاب إسلامية في تونس ومصر وليبيا وتنظر إلى صعودها على أنها إشارة إلى تمكين الأردنيين المنحدرين من أصل فلسطيني في المستقبل. ويشكل الأردنيون ذوو الأصول الفلسطينية أغلبية بين السكان ولا يتمتعون بتمثيل سياسي ولكنهم يمثلون الركيزة الأساسية لاقتصاد المملكة.
وقال بني أرشيد إن الملك عبد الله فقط هو من يستطيع الوقوف في وجه الحرس القديم الذي يستميت للحفاظ على امتيازاته. ويقول الملك إن أجندته الإصلاحية عرقلها سياسيون محافظون يتمتعون بسلطة واسعة داخل المؤسسة الأمنية.
وأضاف قائلاً: "نحن بانتظار المبادرة الملكية. الملك عبد الله هو الوحيد القادر أن يلجم هذه الأجهزة ويخرج البلد من هذه الأزمة وأن يحدث انفراجًا في الانسداد والاستعصاء السياسي".