الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ترامب يفضل مليارات البترودولار على اجتثاث جذور الإرهاب


بتحليل منطقي لنتائج الجولة المكوكية التي قام بها مؤخرا لدول الخليج وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون ، يمكن التوصل لنتيجة واضحة مفادها أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقع إختيارها على إغماض عينيها عن الإرهاب لكي يواصل ضرب و تخريب إقتصاديات الدول العربية لضمان تدفق البترودولار على الإقتصاد الأمريكي.

كما يمكن التوصل من تحليل مماثل لتأييد أمريكا القوي لفرنسا في مجال مكافحة الإرهاب ،كما أعلن ذلك ترامب نفسه خلال قمته الأخيرة مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بباريس ، أن إدارة ترامب ستحارب الإرهاب بكل قوة و دون هوادة عندما يتعلق الأمر بحماية الأمن القومي الأمريكي و أمن الحلفاء الاوروبيين فضلا عن أمن إسرائيل طفل أمريكا المدلل.

فلو نظرنا لجهود الوساطة الأمريكية الحالية لحل الأزمة القطرية سنجد أن إدارة ترامب تتجه بجرائم قطر بإتجاه نفس الإستراتيجية التي تنتهجها أمريكا حيال القضية الفلسطينية و هي" التفاوض من أجل التفاوض لكسب الوقت و التنصل من التعهدات و تمويت القضية " و ليس التفاوض من أجل إجبار قطر على التوقف عن تمويل الإرهاب وزعزعة إستقرار الدول العربية خاصة مصر و دول الخليج العربي.

فمذكرة التفاهم التي وقعها تيلرسون مع المسئولين القطريين لمكافحة تمويل الإرهاب خلال جولته المكوكية هي قمة الهراء ، فهذه المذكرة ليست ملزمة لقطر بأي شكل من الأشكال أمام دول مكافحة الإرهاب الأربع و هي مصر و السعودية و الإمارات و البحرين، لكنها ملزمة لقطر فقط أمام أمريكا؛ كما أن بنودها ليست ملزمة لقطر أمام المجتمع الدولي و الدليل على ذلك أن واشنطن و الدوحة لم يعلنا عن قيامهما بتسجيل ما جاء في المذكرة خاصة تعهد قطر بعدم تمويل الإرهاب لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة لتصبح إتفاقا دوليا ملزما لطرفيه و ليس مجرد تفاهمات سياسية بين دولتين تتشكل وفقا لمصالح كل دولة و لا يوجد جزاء على من لا يحترم بنودها.

ويرى محللون سياسيون أن هذه المذكرة الثنائية غير الملزمة لقطر دوليا تعني موافقة أمريكا بشكل ضمني على منح الضوء الأخضر لنظام تميم للتتنصل من إتفاق قمة الرياض 2017 فضلا عن منحه حرية التنصل من كل التعهدات التي قطعها على نفسه بمقتضى إتفاق الرياض في نوفمبر 2013 و الإتفاقية المكملة له في 2014.

وكما نعلم فإن الولايات المتحدة بوصفها القوة العظمى الأولى في العالم تمتلك كل القدرات الممكنة لإدارة أي أزمة وفقا لمصالحها و ليس لمصلحة المتضررين، و يرى مراقبون أن هذا الإتفاقية الثنائية ما هي الا إلتفاف على إتفاق الرياض بشقيه في 2013 و 2014.

والتساؤل الذي يفرض نفسه هنا ، هل يمكن لدولة مثل الولايات المتحدة ،يتمتع فيها لوبي صناعة السلاح بقوة هائلة، أن يمنع بلاده من مصدر دخله الرئيسي و هو بيع السلاح في الدول التي تعاني من التهديدات الإرهابية بعد أن أصبحت حروب القرن الحادي و العشرين حروب عصابات و إرهاب و ليست حروبا بين الجيوش النظامية كما كان الوضع في السابق ؟

فلو اتخذنا جماعة الإخوان المسلمين مثالا ، سنجد أن الدول الأربع التي تحارب الأرهاب دون تمييز و لذلك فهي تصنف جماعة الإخوان المسلمين على أنها "جماعة إرهابية" ، في حين أن إدارة ترامب تبرر ميوعة موقفها في مواجهة الجماعة الإرهابية بأن الإخوان يشاركون في حكم بعض الدول العربية و الإسلامية و أنه ليس من الحكمة في الوقت الحالي معاداة الإخوان بتصنيفهم جماعة إرهابية حتى لا تخسر الإخوان في هذه الدول خاصة في تركيا التي يحكمها الإخواني رجب طيب أردوغان.

وينص الإتفاق التكميلي في 2014 الذي وقعته قطر مع دول مكافحة الإرهاب الأربع على تصنيف الإخوان المسلمين بأنها جماعة إرهابية . كما ينص على دعم مصر و الإسهام في أمنها و إستقرارها و دعمها إقتصاديا ووقف الأنشطة و الحملات الإعلامية الهدامة التي تقوم بها قناة الجزيرة ضد مصر.

أما فيما يتعلق بتصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي أعلنها أمس بأن " قطر عُرفت بتمويل الإرهاب " و " إذا غادرنا قاعدة العيديد الأمريكية في قطر فسترحب بنا عشرات الدول الأخرى " و " لن نسمح بتسمين الإرهاب " ما هي في واقع الأمر إلا وسيلة سازجة لتخفيف حدة غضب الدول الأربع من ميوعة الموقف الأمريكي حيال قطر.

وأعتقد أن أفضل إستخفاف من جانب قطر بالوساطة الأمريكية عكسه تصريح الأمير محمد ، شقيق أمير قطر، و هو يودع تيلرسون في اعقاب زيارته الثانية للدوحة قائلا " نأمل أن نراك مرة أخرى في ظروف أفضل " و قد ترجمها بالعامية المصرية الفنان عادل إمام في مسرحية شاهد ماشفش حاجة قائلا " مش تبقى تيجي... أنت ما بتجيش ليه " كما عبر عنها أيضا الفنان صلاح جاهين في أوبريت الليلة الكبيرة " مع السلامة يا أبو عمة مايلة".
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط