الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

اكتساب الأخلاق والسلوك الحميد بالعادة


دائما ما يثار جدل كبير بين العلماء والمتخصصين فى أيهما أكثر تأثيرًا فى سلوك الإنسان وخلقته، الوراثة أم البيئة المحيطة؟ وهناك جانب كبير من العلماء يؤيدون الجانب الجينى الوراثى وتأثيره على سلوك الإنسان، وجانب آخر مؤيد لتوجه البيئة المحيطة بالإنسان وتشكيلها لسلوك وتصرفات وردود أفعال البشر.

وهناك من يؤيد التوجه الوراثى البيئى فى تأثيره على السلوك الإنسانى وتصرفات البشر، حيث يُرجع إلى أن 51% من تصرفات وسلوك الإنسان يرجع إلى الجين الموروث من الأجداد للأبناء، والـ 85 % الباقية تلعب البيئة الدور الأكبر فى اكتساب الإنسان للتصرفات والسلوكيات التي يتعلمها من البيئة المحيطة.

وإذا نظرنا إلى اكتساب الأخلاق، نجد أن القوة التى نفعل بها الأفعال الجميلة، هى نفسها القوة التى نفعل بها الأفعال القبيحة، إما أن نجنح إلى الأفعال القبيحة فنكتسبها، وإما أن نميل إلى الأفعال الجميلة فنحصلها.

فنجد بعض البشر يسلكون مسالك جميلة من حيث الخلق الطيب وحسن التعامل ويتميزون بالصدق والأمانة وحسن المعاملة، بل نجدهم مهما تغيرت بهم الظروف والأحوال يبقون على أخلاقهم الحميدة فى تعاملهم مع المحيطين بهم.

وعلى الجانب الآخر، نجد بعض البشر يسلكون مسلك القبح فى تكرار أخلاقهم السيئة، من نفاق ورياء وكذب وفساد الذمم وغيرها من الأخلاق السيئة.

والحقيقة أن الأخلاق فى نظر "ابن سيناء " كلها مكتسبة سواء، ما كان منها جميلًا أو قبيحًا، ويبدو لنا هذا الاكتساب فى الحقيقة أن الإنسان يستطيع أن يحصل من الفضائل والأخلاق ما لم له من قبل، كما يستطيع أن يتحول من خلق أو رذيلة حصلهما من قبل ، ثم تنبه إلى ضرورة نبذهما فيما بعد.

فتحصيل الأخلاق واكتساب الفضائل فيكون بالتعود عليها، أى بتكرار السلوك لمدة من الوقت والتأكيد على السلوك أو العادة المراد تعلمها حتى تصبح متأصلة في هذا الشخص وتصبح عادة مكتسبة.

فالعادة هى تكرار فعل الشئ الواحد مرات كثيرة زمانا طويلًا، وفى أوقات متقاربة. 

ومن الجدير بالذكر أن الخلق الذي نعتاده فى البداية، سواء أكان رذيلة أم فضيلة، تكون له الغلبة والاستمرار، ما لم نتمكن أن نبدله بالإرادة.

وعندما نأتى بشواهد من حياتنا الاجتماعية فى الوقت الحاضر على الأخلاق القبيحة ومدى تفشيها وانتشارها فى مجتمعنا، نجد أن غياب الرقابة وعدم تطبيق القانون وانتشار الرشوة والفساد أصبح مكافأة لذوى الأخلاق القبيحة، مما خلق تأصيلا للعادات السلوكية القبيحة لديهم.

فنرى تفشي أمراض الأخلاق الرديئة وأمراض المال تنتشر وتتجسد فى التعدى على أراضى الدولة والاستيلاء على المال العام، والكسب غير المشروع، واستغلال التجار للأسعار ورفع أسعار السلع بشكل جنونى، مخالفات البناء، طلب الرشوة فى المصالح الحكومية، الوساطة والمحسوبية فى الوظائف والتعيينات، احتكار بعض السلع.

مما ترتب عليه تفشي الأمراض الأجتماعية من إدمان الشباب للمخدرات، البلطجة، التحرش والاغتصاب، تدهور الأداء الوظيفى فى الجهاز الإدارى للدولة، غش السلع وعدم جودتها على كافة المستويات، الأنامالية والأنانية، السلبية، الأستقواء بالسلطة والمال، وانعكس ذلك على المنتج الثقافى للدولة من تعليم وفنون بأنواعها وصحة وثقافة بفروعها.

إذن غرس الأخلاق من خلال مؤسسات التنشئة بمختلف أنواعها أصبح ضرورة جوهرية ملحة فى الفترة الهامة التى تمر بها مصر حتى نرى ثمرة التغيير على أرض الواقع من خلال تشكيل الوعى والضمير الجمعى لأفراد المجتمع ونجنى ثماره من خلال الإنتاج والتنمية ونهضة مصر الحقيقية.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط