الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

السعادة هي رأسمال انفعالي


منذ بداية الخليقة والإنسان يسعى للحصول على السعادة، فالسعادة كلمة تختلف معناها والإحساس بها من شخص لآخر، فبعض الناس يحصل على السعادة من العمل الجيد، والبعض الآخر يحصل عليها من الحب أو الزواج، وآخرين يحصلون عليها من المال والثروة، والبعض من الصحة الجيدة، والآخر من الذرية الصالحة، وأحيانا من العلاقات الاجتماعية الإيجابية.

والبعض الآخر يركز على المتع الحسية كمصدر للبهجة لما لها من مكونات حسية قوية، مثل النشوة والإثارة البهجة الطرب الامتلاء بالحيوية والمرح، والإحساس بالراحة، ولكن كلها حالات سريعة الزوال، وتتضمن القليل من التفكير.

وهناك ما يعرف بالمسرات فهى الأنشطة التى تحب أن تمارسها، فالمسرات تشغلنا إلى درجة كبيرة ونصبح منغمسين ومستغرقين فيها، ونفقد فى ذلك الوعى بالذات، فالاستمتاع بمحادثة هاتفية مع شخص مقرب، أو قراءة كتاب جيد، أو الاستماع لموسيقى محببة أو الرقص والتمايل مع موسيقى مفضلة لك، كلها أمثلة على الأنشطة التى يتوقف الزمن من أجلها وتتبارى مهارتنا مع التحدى، أن المسرات تستمر زمنًا أطول من المتع الحسية (الملذات)، وهى محددة بنقاط قوتنا وفضائلنا.

وتشير نتائج الأبحاث والدراسات أن السعداء يكونون أطول عمرًا، وتعرضهم أقل للأمراض، ويظلون أزواجًا لفترة أطول، كما يقل ارتكابهم للجرائم، ويقدمون أفكارًا أكثر أبداعًا، ويكدون فى عملهم، ويكون أداؤهم أفضل، ويكسبون مالأ أكثر، وهم أكثر استعدادًا لتقديم المساعدة للآخرين.

فمن ذا الذى لايرغب فى أن يكون أكثر سعادة مادامت السعاده تزيد من فرص المرء فى أن يكون لائقًا جسمانيًا، وآمنا ماديًا، ومحاطا بالأصدقاء؟.

وإذا استرجع كلًا منا اللحظات التى كان فيها شعلة من النشاط والحيوية والإبداع وأكثر صلة بالآخرين، فسوف نلاحظ أن تلك الأوقات كانت فترات السعادة استحوذت على قدر أكبر من أوقاتنا، فالسعادة أكبر كثيرًا من المتعة  أو الرضا الذاتى، أنها مفيدة وصحية.

واسترعى انتباهي كلمة السعادة رأسمال انفعالى، حيث وجدت أن معظم الدول تركز فى خطتها الاستراتيجية للنهوض بالدول على برامج وورش عمل وحملات خاصة بنشر السعادة على المستوى الفردى وبالتالى انتشارها على مستوى المجتمع بأسره.

عندما أطلقت دولة الإمارات الشقيقة وزارة للسعادة، لاحظت أن الكثير من السواد الأعظم من المصريين، أتخذ الأمر كنوع من الرفاهية، ولكن من خلال البحث والاطلاع، لاحظت أن نجاح الدول وتقدمها يتوقف على سعادة ورفاهية أبنائها، وهنا أتساءل هل من حقنا أن ننشر السعادة بين أبناء وطننا من خلال حملات للازدهار الانفعالى لأبناء المجتمع، الغرض منها تعلييم الأفراد التفكير الإيجابي وتعلم التفاؤل من خلال قياس حسن حال المواطن فى التعليم، الصحة، أساليب الترفيه لديه، الأداء الوظيفى وحب العمل، حالات الزواج والطلاق فى مجتمعنا، حالات الاكتئاب والقلق لدى الأطفال والكبار، الحالة النفسية للمواطن بصفة عامة، حتى نتمكن من خلال تلك القياسات متابعة الحسابات القومية لحسن الحال؟ والتعرف من خلال تلك القياسات أن نحدد مواطن الضعف والقوة فى البناء المجتمعى.

أعلم أن الكثير ممن يقرأون هذا المقال سوف ينصب تركيزهم ويختذلوا المقال فى الجانب الاقتصادى وارتفاع الأسعار وعلاقتها بالسعادة، ولكن كمجتمع يسعى إلى التغيير والنهوض لانريد أن نركز على المعيار الاقتصادي كمعيار وحيد للنجاح، أن الحسابات القومية عن السعادة من الممكن أن توفر إطارا أعرض لتقييم التقدم، وتساعدنا على وزن تقدمنا بعوامل أخرى، بالإضافة إلى المال، مثل الثقة المجتمعية، والعمل الملائم، والأطفال السعداء، وقضاء أوقات الفراغ، وثقافة الترفيه، فكيف نتأكد من ذلك بلغة الأرقام.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط