الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

دعوة لتأسيس لجنة للمواطنة بوزارة التربية والتعليم؟


ما أكثر الكلام عن المواطنة ووحدة النسيج المصري كشعارات براقة نتغنى بها دون تطبيق فعلي وعملي للمواطنة على الأرض، فالتطرف والتشدد والغلو والتمييز الحكومي بين المصريين ما زال يقف عائقا وحائط صد في الوصول لدولة المواطنة التي نتمناها جميعا والتي بدونها لن تقم للدولة الوطنية المصرية قائمة ــ أبدًا.

وإن كانت حروب الجيل الرابع والخامس وغيرها من الحروب غير التقليدية التي تستهدف إسقاط الدول بأيدي شعوبها عبر إسقاط القيم والمبادئ والأخلاق وتغييب روح الإنتماء والمواطنة، وبث سموم المذهبية والطائفية والتطرف لتكون الشعوب المستهدفة هي العدو لنفسها، فإنه يجب وعلى الفور التفكير بشكل جدي في وسائل وطرق مبتكرة لمواجهة هذه الحروب وإجهاضها من المنبع، وفي رأيي أن ذلك لن يتأتي إلا من خلال خلق أجيال واعية لما يجرى حولها من مخططات ومؤامرات، وفي رأيي ــ أيضًا ــ هذا الوعي بخطورة هذه المخططات والحروب يجب أن يتم زرعه في الأطفال من الصِغر، فالطفل اليوم هو القائد في المستقبل وهو الذي سيعتلي المنابر، وهو المهندس والطبيب والمدرس والقسيس وهو الجندي الذي يدافع عن تراب الوطن ووحدة وسلامة أراضيه وكل شبر أو ذرة تراب من أرضه، فإذا زرعنا في الأطفال قيم المواطنة وغرسنها في نفوسهم التعايش المشترك ورسخنا في أذهانهم وسلوكهم القيم والمبادئ استطعنا أن نخلق جيلا محصنا ضد الحروب غير التقليدية التي تستهدف مصر ووحدتها وسيادتها وجيشها مستقبلا، وإستطعنا أن نجعل مستقبل الأمة المصرية في مأمن، لأن استهداف الطفولة هو استهداف للمستقبل والمصير، ولعل وزارة التربية والتعليم تعد هي الوعاء الأساسي بعد الأسرة لتوعية التلاميذ وغرس قيم المواطنة والتعايش المشترك في محبة وسلام وإخِوَّة إستنادا لجوهر الإسلام السمح وتعاليم المسيحية، فإذا كنت تريد أن تُخَرِج إرهابيا في المستقبل وعدوا للوطن والدين فإن المدرسة كفيلة للقيام بتلك المهمة إذا تهاونت في مسئولياتها الجسيمة الملقاة على عاتقها لتحصين النشء من الإنحراف والتطرف ونبذ الآخر المختلف في الدين أو المذهب أو الجنس، وإذا أردت أن تُخَرِج علماء وسياسيين عظام وقادة ورجال دين وسطيين فإن المدرسة والحضانة كفيلة بالقيام بهذه المهمة.

ومن هنا فإنني أطالب وزير التربية والتعليم وكل القيادات التعليمية بتأسيس لجنة في الوزارة والمديريات خاصة بالمواطنة والمصير المشترك على أن يكون القائمون عليها شخصيات مشهودا لهم بحسن السيرة والوطنية والوسطية على أن يكون من بينهم شيوخ وقساوسة وشخصيات من الأمن الوطني أو المخابرات وأساتذة من علماء الإجتماع والتاريخ والكتاب البارزين المشهود لهم، بحيث أن تكون اللجنة تحت إشراف الوزير شخصيا ولها فروع في المديريات والإدارات التعليمية على مستوى الجمهورية على أن تتركز نشاط هذه اللجنة بشكل أكبر في القرى والنجوع والمناطق الشعبية.

ويجب أن يكون دور هذه اللجنة هو نقل مفهوم المواطنة والتعايش المشترك والمصير الواحد في المدارس من مفهوم الشعار إلى التطبيق الفعلي على الأرض، عبر عقد ندوات دورية تحددها الوزارة في المدارس تجمع بين الشيخ والقس؛ لكسر حاجز التوجسات والتطرف والأفكار المغلوطة التي تم زرعها في نفوس الأطفال عن القسيس والشيخ، فعندما يرى التلميذ الشيخ والقس يتحدثان عن الإسلام والمسيحية وجوهرهما السمح والقيم المشتركة بين الأديان ويتكلمان عن أهمية الوحدة بين المصريين وطبيعة الحروب التي تستهدف هذه الوحدة والكفاح المشترك بين المسلمين والمسيحيين حربا وسلاما والنماذج الوطنية المشرفة التي شاركت في بناء مصر، ستسقط من عقولهم بل وتتهاوى كل الصور الذهنية المغلوطة التي تم زرعها فيهم من قبل وسائل الإعلام المضادة أو المنابر التكفيرية أو بعض المتطرفين من الأهل من الجانبين، فالتلميذ في مراحل التعليم الأولى أصبح واعيا ومتفهما ومدركا الآن لما يجري حوله بفعل الثورة التكنولوجية الهائلة، وإن كانت وزارة التربية والتعليم وكثيرين أنا من بينهم طالبوا بتدريس مادة للقيم والأخلاق والمواطنة في المدارس فإن هذه اللجنة المستحدثة لا تقل أهمية بل وتزيد أهميتها عن هذه المادة لأنها ستنقل واقع معاش وحقائق يراها الطالب عمليا بعينيه فتكون الأصدق إلى فكره وقلبه خاصة وإننا لا نضمن من سيدرس مادة القيم والأخلاق في ظل تغول بعض التيارات الدينية المتطرفة في وزارة التربية والتعليم.

كما يجب أن يكون من مهام هذه اللجنة تعميق الوحدة الوطنية والتعايش المشترك والقيم المشتركة بين الإسلام والمسيحية في الأنشطة المدرسية عبر مسابقات تحث التلاميذ على تأليف أغاني وأناشيد وطنية ودينية مشتركة وإفساح المجال للمسرح المدرسي في التأكيد على هذه القيم عبر المسرحيات تجسد تاريخنا ووحدتنا وتنبذ مظاهر التمذهب والتكفير وإقصاء الآخر، كما يجب أن يكون منوطا بهذه اللجنة وقف مهزلة ما يجرى في حصة تدريس الدين المسيحي في المدارس حيث كانت هذه المادة تعطى للتلاميذ في حوش المدرسة وبجوار الحمامات وبعض الغرف التي هي أشبه بالخرابات مما خلق في نفوسهم الإحساس بالتمييز بينهم وبين أشقائهم من إخوتهم المسلمين، وخلق أيضا بل كرّس شعورا لدى الطالب والتلميذ المسلم بأن زميله المسيحي مواطن درجة ثانية ومهمش وأنه غير مساو له في الحقوق، فهل يستطيع وزير التربية والتعليم د. طارق شوقي الإقدام على تطبيق هذه الفِكرة ؟؟؟
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط

-