فوت علينا بكره يا سيد

سمعنا فى الآونة الأخيرة لفظ "تمكين الشباب"، نادى مجموعة من الشباب منذ فترة بتمكين الشباب من الهيئات والمؤسسات بالدولة بل بالوزارات ومنهم من رفع سقف طموحه إلى الرئاسة.
ومعنى تمكين الشباب، أى فتح المجال لهم للتعبير عن أنفسهم وتوظيفهم، حسب قدراتهم العملية كل فى مجاله.
وفى الحقيقة استوقفتنى بعض مواقف الشباب فى مناصبهم الجديدة فقررت أن أكتب عنهم هذا الأسبوع وعن السلوك السوى لمسؤولى الوظائف الخدمية.
الاختلاف بين الذكر والأنثى
يعلم الكثيرون منا أن الرجل يتغير فسيولوجيا وسيكولوجيا كل عشر سنوات ، والأنثى تتغير فسيولوجيا وسيكولوجيا كل 5 سنوات ، فجميعنا نتفق أن لكل مرحلة عمرية من هذه المراحل نمر بكثير من المواقف التى ندرك بعد فترة أنها أثرت بمعطياتنا وإدراكنا الداخلى، لتصبح الصورة الذهنية لهذا الموقف تساوى التجربة ونتائجها.
إذا العمر يقاس بخبرته وتجاربه التى ينتج عنها الحكمة والانتباه والإدراك واحتواء المواقف، فهذه هى الخبرة الحقيقية وليس بالنوع.
الفكرة الكامنة وراء الانتباه تجعلنا متيقظين دائما للمواقف الخلافية والسيطرة عليها فى الوقت المناسب خصوصا لو كنا نشغل مركز قيادى سواء صغير أو كبير.
الكوادر
من هو الشخص الذى يطلق عليه لقب كادر؟.. ماهى مواصفاته وسماته؟.
هو صاحب الخبرة والحنكة وصاحب الطاقة البشرية التى تساهم فى بناء المجتمع وتنميته وتقدمه.
يكون الجهاز الإدارى بمثل هؤلاء الكوادر، جهاز قوى ذو سمعه طيبة بين صفوف الجماهير.
الكوادر فى الهيئات والمؤسسات الخدمية
المعنى الدلالى الفعلى لهؤلاء الكوادر يكون بإرضاء الجماهير عن الخدمات التى يقدمونها وأيضا بناء هيكل إدارى نظيف لا تشوبه شبهة فساد ولا أى شائبة أخلاقية ، فهم نموذج لهيكل الدولة الإدارى الناجح.
هل كوادر هذا الزمن من الشباب بهم هذه الصفات ؟!
بل المتمكنين يتميزون بعدم الخبره والكبر والتعالى .
رأيت نماذج لشباب التمكين السن صغير ، والخبره بعد تعاملى معهم "تكاد تكون منعدمه" ، ويدخل العند فى إدارة العمل حسب ما يروق ل"مزاج سعادته" لا يحترمون سن الكبير ولا يوقرونه بل يستمتعون بإهانتهم وظيفيًا وإثبات أنهم الأعلى مركزًا أمام من يقفون.
تمنيت لو أقول لهم أنتم من تعطون هيبة وقيمة للمنصب وليس العكس ، فلو كان المنصب دائم لما وصل إليكم.
رأيت موظفا صغير السن يهين من يكبره سنًا ويصغره درجة وظيفية فما كاد الموظف الكبير أن يتحمل الصدمة والإهانة التى أخذها من الصغير سنا والأعلى مقاما ، حتى "طب مات" .
نعم مات من الحسرة ومن الاذلال ومن حقارة الموقف ، وكان يشهد الجميع له بالكفاءة والصبر.
تذكرت هذا الموقف الذى حضرته بنفسى وكان سرده مهم لأنه جزء لا يتجزء من الحال العام لأغلب الموظفين الان.
ألف باء عمل
يجب أن يتم تدريب الكوادر على التنمية البشرية ، لأن ألف باء عمل ترك أعبائنا وهمومنا بالمنزل، وهناك أصول فى فن التعامل الإجتماعى يجب أن يتقنوها عندما يتعاملون مع من هم أقل منهم فى الدرجة الوظيفية.
أصبح الموظف المصرى يشتهر بما يسمى "البوز المصرى" وهذا لمن لا يعرفه "بوز نسائى أو رجالى" عاقد الحاجبين كاره الحياة نظرته تحمل الكثير من الرؤية الضبابية والسودوية، متأثرا دائما بمشاكله الشخصية، يتمسك بالبيروقراطية الكلاسيكية، نعم فهناك نوعين فى زمننا هذا بيروقراطية مودرن وبيروقراطية كلاسيكية .
المودرن يبتسم الموظف ابتسامة باهتة لأنك من طرف فلان، ويقول فات القليل وما باقى إلى القليل هتروح الحسابات تأخد الورقة وتطلع على وووو الخ وترجعلى تانى تأخذ ختم النسر وهتروح بعدها إلى نفس الشباك الأول، هتاخد إمضاء من ا. ضياء وختم من الحاجه فتحية ووو وبعدين تيجى تسلملى الورق شرفتنا بنفس البوز المصرى مع الابتسامة الباهتة .
أما الكلاسيكية تكون بعقدة الحاجبين وغضب الوجنتين وإشمئزاز بأطراف الأنف مع صوت كاره للحياة وتبتدأ سلسلة المشاوير على نفس الشبابيك ونفس الموظفين وصعود سلالم ونزولها وفوت علينا بكره يا سيد مع العوده لنفس الشبابيك وبالنهاية تأخد الختم بعد أن أخذ الروتين من حياتك أيام وكآبه .
وهذا البوز يبدأ عادة للموظفين قبل الثلاثين سنة ويستمر وينمو وينتشر.
متى يكون للدولة هيبة بين هيكلها الإدارى، ويكون للمواطن كرامة وعزه بين مكاتب بلده الحكومية.
متى سيتم التخلص من البيروقراطية ومن "البوز المصرى".
ومتى سيتأهل العاملين فى المهن الخدمية بمعاملة الجمهور معاملة تليق بإنسانياتهم.
وقبل كل ذلك متى سيكون المواطن المصرى مواطنا تسبقه أخلاقه الحسنة ويبدأ بنفسه ويعطى قبل شعار "أنا أحتاج" الذى يرفعه فى جميع المحافل الاجتماعية.
وأخيرا عامل الناس بالمعاملة التى تريد أن تتعامل بها .. ارتقوا بأنفسكم.