نورهان البطريق تكتب: حسن الخاتمة‎

منذ أن وقع حادث "بئر العبد" بشمال سيناء، وأنا أتساءل :ماذا فعلوا هؤلاء المصلون حتى تكتب لهم هذه الخاتمة، فكل من يصلي يطلب من الله -عز وجل - الخاتمة الحسنة حتى يفوز بالجنة، فالشهداء كانوا يؤدون شعائر صلاة الجمعة جالسين في بيت من بيوت الله طمعًا في العفو والمغفرة ،فأثابهم الله علي حسن عبادتهم ،فجعل خواتيم أعمالهم في هذه الدنيا وهم ركعًا سجدًا له ، ولطالما كانوا يدعونه تضرعًا وخفية من أجل اليوم الذي يلقونه فيه ،فقد استجاب الله لهم وجعله يومًا يزفون فيه إلي الجنة، فأنا علي يقين أن هؤلاء المصلين قد اجتازوا امتحان الدنيا بنجاح ،ومن ثم فقد استحقوا هذه المنزلة. ......أسأل الله العظيم أن يحشرهم في مرتبة العليين مع الصديقين والشهداء الأبرار.

أدرك جيدًا أن المشهد كان قاسيًا، فقد اعتصر قلوب المصريين وجعًا علي فراقهم، فقد انشحت مصر بالسواد وضرب الحزن أرجاء البلاد بسبب ما فعله الإرهاب الغاشم بهؤلاء المدنيين العزل الذي يحاول دائما أن يفوت في عضد المصريين من خلال هذه العمليات اللعينة، ولكنه -وبكل تأكيد- لم ولن يفلح في ذلك ،فمثل هذه العمليات لن تزيدهم إلا إصرار وعزيمة تدفعهم علي الاستمرار في مواجهة الحرب ضد الإرهاب.

"بئر العبد " من العمليات الكاشفة والفاصلة التى تؤكد علي استهداف المصريين كافة بمختلف طوائفه وتنوع دياناته ، فلم يعد الأمر يقتصر علي استهداف المنشآت العسكرية أو الكنائس فحسب ،بل وصل الأمر إلي المساجد التى تحوي علي كثير من الأطفال الذين لا ذنب لهم ،فهم يقصدون المساجد أسوة بآبائهم الذين يشدون علي أيديهم حتى يعلمونهم المناسك الدينية منذ الصغر ومن ثم المداومة عليها عند الكبر. .........ولا أدري ماذا إنطبع لدي الأطفال نحو المساجد بعد هذه الأحداث المؤلمة!

فإذا كنا نعتقد أن الموت لن يطول المساجد أو الأطفال - علي اعتبار ما يدعونه- أنهم أكثر إلتزامًا وفهمًا لأصول الدين ،فهذه العملية وقعت لتؤكد لنا أنهم لا ينتمون لأي ملة ولا يعتنقون أي ديانة. ......فماذا بعد انتهاك حرمة المساجد وبراءة الأطفال؟! ، بات المصريين جميعًا عرضة لمثل هذه الحوادث، فالإرهاب لا يفرق بين مسلم ومسيحى أو عسكري ومدنى، فالمساواة عندهم لاتتحقق إلا في حالة واحدة ألا وهي إراقة الدماء وزهق الأرواح.

عزاؤنا الوحيد هو قول رسول الله (صل الله عليه وسلم ) " يبعث العبد علي ما مات عليه"،رحم الله شهداء الوطن وتغمدهم بواسع رحمته، وألهم ذويهم الصبر والسلوان . حفظ الله مصر من كل سوء، ورفع عنها البلاء و أزال عنها الغمة،ونصرها علي أعدائها و أنعم عنها بالأمن والأمان .