رويترز: ملك الأردن في مأزق بسبب غياب المساعدات الخليجية

أثار عدم استقرار الأردن والمظاهرات الحاشدة التى شهدها خلال الأيام الماضية، انزعاج العديد من الدول بالغرب وحلفاء الأردن في دول الخليج.
وقد يتساءل العاهل الأردني الملك عبد الله لماذا لم تهب الأسر الحاكمة الشقيقة في الخليج لتقديم الأموال التي قد تساعده على تهدئة الاضطرابات بينما يطالب المحتجون بالإطاحة به.
وبعد أيام من المظاهرات في الريف احتجاجًا على ارتفاع أسعار الوقود، انضم أنصار جماعة الإخوان المسلمين إلى الحشود التي خرجت يوم الجمعة في العاصمة الأردنية عمان في تركيز نادر للغضب على عاهل الأردن.
وردد ثلاثة آلاف محتج هتاف الربيع العربي "الشعب يريد إسقاط النظام" في إشارة تنذر بالسوء لنظام ملكي يتمتع بدعم الولايات المتحدة اعتاد التلاعب بالانقسامات الداخلية بين عشائر شرق الأردن وبين الأردنيين من أصل فلسطيني وكذلك الصراعات بين جيرانه الأكثر قوة سوريا والعراق والسعودية وإسرائيل.
وقال فاليري يورك خبير في شئون الأردن يقيم في لندن: "دول الخليج لابد أن تكون منزعجة من أي علامات على انهيار النظام الملكي في الأردن والذي سيكون أول نظام ملكي يسقط في سياق الربيع العربي".
وتعتمد المملكة منذ فترة طويلة في بقائها على الدعم الغربي وعلى دفعات متقطعة من المساعدات المالية الخليجية.
ولم تقدم السعودية الداعم الرئيسي لعمان أي أموال منذ دفعة قدرها 1.4 مليار دولار في آواخر عام 2011 لتجنب أزمة اقتصادية شديدة سابقة في المملكة الأردنية.
ففي مايو 2011 قبلت دول مجلس التعاون الخليجي الست طلب الأردن للانضمام إلى المجلس بعد أن رفضته على مدى 15 عاما فيما اعتبر تعبير عن تضامن نظم ملكية في مواجهة موجة من الانتفاضات الشعبية تجتاح العالم العربي.
وقد يكون مجلس التعاون الخليجي الذي تقوده السعودية والذي وجه أيضا الدعوة إلى المغرب رغم بعده الجغرافي إلى الانضمام يريد مساعدة أمنية أردنية ومغربية في قمع اضطرابات في الفناء الخلفي لأعضائه لاسيما البحرين حيث ساعدت القوات السعودية وقوات خليجية أخرى الأسرة السنية الحاكمة في المملكة الصغيرة على سحق احتجاجات مطالبة بالديمقراطية يقودها الشيعة في مارس 2011.
والسعودية التي تتطلع إلى التصدي لنفوذ إيران الشيعية تتطلع أيضا إلى إعادة ترتيب تحالفاتها بعد صدمتها لرؤية الإطاحة بالرئيس المصري حسني مبارك الذي كان شريكا لها لفترة طويلة دون أي محاولة أمريكية لإنقاذه.
ويصارع الأردن وحيدا إلى الآن عجزا في الميزانية دفعه إلى خفض الدعم على الوقود يوم الثلاثاء طالب به صندوق النقد الدولي ضمن شروط لمنح الأردن قرضا قيمته ملياري دولار.
وأشعل الغضب من زيادات الأسعار احتجاجات مماثلة للاحتجاجات الراهنة في عام 1989 استجاب لها حين ذاك العاهل الراحل الملك حسين بانفتاح سياسي أدى إلى انتخابات حرة مشهودة منحت إسلاميين مرتبطين بجماعة الإخوان المسلمين أكبر كتلة في البرلمان.
ومنذ ذلك الوقت جرى تعديل قواعد الانتخابات كي تنتج مجالس معتدلة تسيطر عليها عشائر شرق الأردن التي تشكل قاعدة سياسية للنظام الملكي. وتعثرت مشاريع الإصلاح السياسي التي أطلقها الملك عبد الله منذ توليه السلطة في عام 1999.
ولا يسمح حكام دول الخليج العربية بوضع أي قيود دستورية على صلاحياتهم أو يقبلون بالقليل منها. وقد لا ينظرون بعين العطف إلى أي إصلاح سياسي كبير أو قدر أكبر من حرية التعبير في الأردن.
وقبل الملك عبد الله تعديلات دستورية في أغسطس نقلت بعض سلطاته إلى البرلمان ومهدت الطريق أمام تعيين رئيس وزراء يختاره البرلمان وليس من اختيار الملك.
ولكن لم تشمل الإصلاحات التي يتحدث عنها العاهل الأردني أي إصلاح كبير لقانون الانتخابات الذي يحكم الانتخابات التي ستجرى في يناير كانون الثاني التي تعتزم جماعة الإخوان مقاطعتها احتجاجا على ما ترى أنه تمييز ضد قاعدتها الانتخابية التي تتركز في المناطق الحضرية وبين الأردنيين من أصل فلسطيني.
وسعت المعارضة التي تضم ليبراليين وإسلاميين في الأردن إلى تغيير سلمي بدلا من الثورة ولكن الاحتجاجات الأخيرة تضمنت شعارات كتلك التي استهدفت حكاما آخرين في العالم العربي اعتبرتهم شعوبهم حكاما فاسدين ومستبدين ودمى في يد الغرب.
وتعكس الاحتجاجات أيضا غضب القبائل في شرق الأردن التي تخشى أن يوافق الملك على إصلاحات تهدد مصالحها،وأبدى أفرادها أيضا استياء من الإجراءات التقشفية التي تقلل المكاسب التي يحصلون عليها من وظائف حكومية ومنافع أخرى كانت تأتيهم من القصر في السابق.
ويؤيد الغرب الإصلاحات الديمقراطية شفويا لكنه يقدر أيضا نظاما ملكيا حافظ على استقرار الأردن لفترة طويلة في منطقة مضطربة وقام بدور عازل على حدود إسرائيل الشرقية.
ويتعين على الولايات المتحدة وحلفائها التكيف مع حقائق جديدة في جمهوريات عربية مثل تونس ومصر حيث فاز الإسلاميون في الانتخابات بعد الإطاحة بحكام شموليين.
وصمدت النظم الملكية في العالم العربي إلى الآن ولكن مستقبلها يطرح معضلة معتادة على الغرب الذي كثيرا ما غلب رغبته في حلفاء يعتد بهم في الشرق الأوسط على اهتمامه بالديمقراطية وحقوق الإنسان كما هو الحال في السعودية وفي البحرين المضطربة التي تستضيف الأسطول الخامس الأمريكي.
وقال يورك: "أيد الغرب الاستقرار بدلا من التغيير في المنطقة على مدى الثلاثين عاما أو الأربعين عاما الماضية ودفع ثمن ذلك ماليا في ذلك الوقت ويدفع ثمنه الآن سياسيا."