الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

انزل لتحاسب الرئيس‎


حدث بالفعل، بينَ ليلةٍ وضحاها مرت سنوات كثيرة، أحداثهم مثيرة، لياليها طويلة، من فرطِ الحزن المفروط مع كل دقة من دقات القلوب، فبينَ شهيد وجريح ذاب شغاف القلب من النحيب، أيامًا تحسبها دهورًا ولكنّها سريعة تقفز جسورًا، تمضي مع عقارب الساعة وَلَكِنك تشعُر من مقاومة الحزن أنها تمُر فيك لا عليك.

تقلبات عشناها على فراش الانهيار، ونحن نتدثر بذكريات التاريخ الَّذِي كاد يلامس شفا جُرف الاندثار.

إخفاقات لم تشفع معها التضحيات، أحداث عِظام ومشاكِل جِسام والعين لا تهدأ ولا تنام، لم يخل شارع من شهيد واجب، ولَم تعرِف دموع الندم طريقها لعيون أم، إنما هي دموع الفرح والفراق الذي طرق الأبواب وفرَّق الأحباب.

عِشْنَا، وعَدِت أيام كان تدبير العَشاء والأمن بعد العِشاء غاية أحلامنا، باغتنا النوم أمام شاشات تحمِل مالا يسُر مِن المستجدات، وإذا استنطقنا الحَجَر سيشهد بما جري في الساحات! كرّ وفرّ في الاتجاهات البعيدة، وشرّ يستبطِن التوجهات القريبة.

صحونا بغتةً على صيحات كفيلة بإفسادِ الصباحات، صرخات "فيس بوك" فأصبح "فيس بوم" بعدما تلونت حروفه بالنعيق، أسوةً بأخيه في التواصل موقع التغريد الشهير الذي امتلأ بالنهيق، إلا من رحم ربي مِن العقلاء فكانوا في مراتِب الدخلاء فتلقوا معاملة الغُرباء!

عِشْنَا تحديات "التمرد" وتجليات " التكبُر"، ألّفنَا التهديدات وانتظرنا المعجزات التي ستنتشلنا من بينَ فكي المُهلِكات!

عِشْنَا على أجهزة التنفس الصناعي ننتظِر المعونات مِن أشقائنا الكرماء، حِفنة من الغاز لمنعِ الألغاز، معَ حقنة من العُملات للحفاظِ على حَد الكفاف الذي يؤجل الموت العِجاف، كم عانينا!!

بدأنا مرحلة جديدة، لسان حال المصريين يؤكد بشائر الخير والأمن والسلام! ربما الظروف صعبة وجادة وعنيدة، والحالة العامة ليست سعيدة.

ارتفاع في الأسعار مصحوب بارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي لمعدلات غير مسبوقة، وَلَكِن تلك المعادلة ربما تكون غير مفهومة، لتفكير البعض الذي يحتاج المعلومة السهلة المهضومة، على سبيل المِثالِ لا الحصْر، مشاريع التنميةِ في مِصْر وفرت الملايين من فُرص العمل لأيدي تيبَّست من قلة العمل، يمكن أن نتحدث بلا حرج، عن وثيقة "أمان" التي أصدرت لمن لا يملُك رفاهية الطَلب!

خططٌ كثيرة، تنميةٌ عمرانيةٌ كبيرة، مشاريعٌ قومية عريقة، مزارعٌ سمكية ضخمة، نظرةٌ دولية مختلفة، أحلامٌ لم يجرؤ البعض على وصفِها بدأت تتفسرُ في الحقيقة.

فأقصى طموحاتنا في فترةٍ كالحة السواد في حياتنا، أن يشملنا اللهُ بسترِه في مجالِ الطاقة، وتكفُ الكهرباء عن الانقطاع، وطوابير البنزين يكون مصيرها الاختفاء، فيتبدل الحال وتصبح مِصْر في طريقها لأن تكون مركزًا عالميًا لتصدير الطاقة بأشكالها المختلفة.

مِصْر "محلوّة" بالتأكيد لا يخطئ حُمرة بدأت تتسربل إلى وجنتيها غير عينِ جاحدٍ مريض، أبناؤها مقتنعون حتى وإن كانوا مازالوا يعانون، معارك لا تهدأ وجنود لا تيأس.

فهذا في سيناء ليحفظ تُراب الوطن، وذاك في ميناء الحياة يعلي من شأن البلد، وكلٌ جندي في موقعه بشرف، بحسبِ دوره في الموقعة التي لا تتحمَل الترف!

طبيب، مهندس، عامل، مدرس ، ظابط، أم، صحفي، شاعر، فنان، فلاح، سياسي، دبلوماسي، طالب، لاعِب، لجل عيون مِصْر الكل حالِف أن يشارك.

أيام قلائل وتبدأ الانتخابات الرئاسية، وعلى مدى الشهور الماضية كانت هناك محاولات لتذكرةِ الناس بأهميةِ حقوقها المنسية، فالانتخاب حق دستوري أصيل لكل مُواطِن وواجب إنساني تجاه نفسه وأسرته وأرضه.

ممارسة "حق الاختيار" يشارك في صُنع القرار، لأن المُعطيات حسمَت النهايات، لكنها ستغير الحسابات.

فعند الذهاب لصندوق الانتخابات يمكنك الإدلاء بإحدى ثلاث، إما أنك مقتنع بشخص الرئيس وإنجازاته وتطالبه باستكمال نهجه ومسيرته ويكمِل رؤيته فهذا يعني أن ما عليك سوى وضع علامة "صح" أمام رمز النجمة، وإذا كنت مُؤْمِنا ببرنامج السيد موسى فامنحه فرصة، واختار الطائرة وتحمّل عواقِب الرحلة، وبقي لديك حلٌ أخير إبطال صوتك، إذا كان ذلك سيجعلك مرتاح الضمير.

الانتخابات هي كشوف حسابات لما قدمه الرئيس السيسي على مدار السنوات الأربع الماضية، صوتك مهما كان رأيك سيشكل المستقبل، دعوات مقاطعة الانتخابات لن تؤثر في شرعية الرئيس، إنما في شرعية المواطن وأحقيته في صناعةِ غده.

انزل لتحاسِب الرئيس، قبْلَ أن يحاسبك العالم على تخاذلك وكسلَك، فرط الثقة في النتيجة لن يجلب إلا كارثة، لأن النتيجة يجب أن تكون مرآة حقيقية للمجتمع ليقرأ أفكار بعضه الحقيقية، فلا أحد غير الله يطلع على ما في قلبك وورقتك الانتخابية، فادل بدلوك وحفز الناس أن تحذو حذوَك، ليكون لدينا رؤية مجتمعية تبني عليها القيادة السياسية أولوياتها وخِططها.

لا تُهدِر حقك في المشاركة الانتخابية، فلأول مرة في تاريخ مِصْر نشهَد انتخابات دُونَ أوراق ضغط إلا الإرادة الشعبية، فالتجربة السابقة في عام 2012 كنّا بين مطرقة الإخوان وما رَآه البعض ممن أطلق عليهم عاصرو الليمون سندان الفلول، والانتخابات التي تلتها لم يكن يتصور المصريون رئيسًا لهم غير بطلهم ومنقذهم ومخلصهم، الذي صرف أشباح الدواعش وطردَ أرواح الإخوان وطهر البلاد من عفاريت الخراب.

اليوم ننزل للصندوق لأولِ مرة بمشاعر حيادية وتفكير يتسم بالجدية فلا تستهون بتلك الفرصةِ الذهبية، انزل، استمتع بالقدرة على الاختيار وصُنع القرار، صوتك رسالة وأهلك أمانة، وصَل الرسالة وأد الأمانة إلى أهلها.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط