الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عدت غريبًا


عدت كما كنت .. شخص لا أعرف شيئا عنه سوي اسمه ..  لم اكن انوي الكتابة لك .. لأن الكلمات تعجز عن وصف الألم الذي سببته أكاذيبك.. أكاد أتذكر كل مرة شعرت بكذبك و لكني كذبت إحساسي و وثقت في كلماتك ..
 
أعتدت الألم حتي أصبح جزءا  مني .. يلازمني في كل الأوقات ..لا يفارقني .. كنت أخاف تلك اللحظة التي تصبح فيها غريبًا ..كما كنت و كأن شيئا لم يكن .. فأصبحت أكثر من غريب.. غريب بذكريات كاذبة.

اعتدت عليك في يومي و عند استيقاظي حتي نومي .. اعتدت عليك في تفاصيلي اليومية .. وحذرتك ان تصبح عالقًا بها .. ها أنت تعود غريبًا كهؤلاء الذي اعتدت ان احكي لك عنهم .. 

أصبحت غريبًا مثلهم .. كنت أحكي لك كم هو مرهق ان اعتاد علي أحدهم في تفاصيل يومي وان يعرف عني ما اخفيه ولا اظهره لأي عابر.. أتذكر شكواي لك من غدر أقرب الناس لي وأزمة ثقتي و أتذكر جيدًا كم عانيت معي كي أكتسب الثقة في نفسي و فيك .. لقد تكبدت خوفي من الماضي وكنت لي وعد بحاضر جديد خالٍ من  الآلام و الأكاذيب .. لكن وجدت نفسي بـجرح جديد منك بعد ان علمتني كيف اثق من جديد في الأشخاص..

أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّي اخشي هذا الألم بالتحديد ؟ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّي بنيت اكثر من سد بيني و بين كل من حاول الاقتراب مني .. كان الخوف جزءا مني يحميني ولكن اصرارك علي هد ذلك السد و احتواء خوفي حتي تلاشى تمامًا .. لم اكن أعلم اني كنت ارتكب نفس الغلطة ..
 
اعتدت وجودك .. تعلم كم هو مرهق تحولك من أقرب الأشخاص لي .. إلي أبعدهم و اغربهم .. لا أملك الطاقة لأبدأ من جديد .. واحكي عني ..تبددت طاقتي بين مقاومة التخلي عن الخوف وتسليم الثقة لك و كسرها بيدي لأني سلمتها ليد غير أمينة ..

شاركتك تفاصيلي ....كل ما أحب تعرفه جيدًا ..وكذلك كل ما أكره .. تعرف عني ما يكفيك لتعلم كم اكره الكذب و الخيانة و لكني وثقت فيك كما وثقت في الآخرين الذي تعلم قصصهم جميعًا و كنت تشاركني كرهي لهم ..لأنك لا تتحمل ان تراني ضعيفة أو منكسرة .. و لكن شاركتهم و أصبحت مثلهم تمامًا .. و ربما أكثر.. 

لم يعد بداخلي طاقة لأشارك أحدهم مقالتي المفضلة .. حبي للسفر .. قائمة أفلامي المفضلة...أو مكاني الذي اعتدت ان تجدني فيه دون ان اخبرك .. 

كم مرهق ان تشارك احدهم سنين طويلة .. و كل منكما يعلم تفصيلة كل سنة وما مر بها من نجاح .. فشل .. حزن .. فرح .. ويصبح في يوم "أحدهم".. مجرد غريب ..

كنت أسخر وأعنف كل من حذروني من أن أثق في أي شخص لهذا الحد .. كنت أراهن علي بصيرتي بالأشخاص ٍ.. و لكن اليوم أعلن أن رهاني خاسر.. الآن أعلم جيدًا حتي اليقين ان حتى لو كنت في مسافة آمنة من الجميع، هناك من سيقترب ويؤذيك.. لقد عاد الخوف في قلبي من جديد ولا أعتقد انه ينوي الرحيل .. 

كنت اختبئ خلف قلبك عندما يُرعبني العالم .. الأن أصبح طيفك كشبح يسلب الأمان مني و يبدله بخوف ..
لم أعُد احتمـل فكرة اللقاء بشخص جديد، إنه يرعبني تخيّـل لحظة مصارحة طويلة اقول فيها كل الأشياء التي قلتها سابقًا.. أعلم جيدًا ان لن يفهمني أحد بسهولة ، لأني عندما أتحدث عن أمرٍ قطعت فيه آلاف الأميال تفكيرًا ولم يمشِ فيه غيري خطوة واحدة، لن يشعر بي، فأنا أشرح شعورًا جال في قلبي كل ليلة ملايين المرات ولم يطرق قلبه ليلة، ليس ذنبه، بل هي المسافة الهائلة بين التجربة والكلمات..

أجد نفسي تعتابني و تسألني .. كم عليّ أن أخسر في هذا العالم كي أربح نفسي؟
أعلم جيدًا ان الآن هو وقت مواجهة كل شيء كما هو.. فأنا لا أحمل في داخلي شيئًا أكثر من أسفٍ عميقٍ وهائل لنفسي التي أرّهقتها بالركض في كل دربٍ مأهول بالخيبة والأسيّة..

كذلك أعلم أن تنصُّ القاعدة دائمًا على أنه لا يوجد خسارة إلا خسارة الذات، وأن خسارة كل شيءٍ من أجل ذاتك تُعد انتصارًا لا هزيمة..
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط