الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قصة «أزهري» ذكر دينه ونسي دنياه: أحرج الخديوي إسماعيل والسلطان عبدالعزيز

صدى البلد

وضع الخديو إسماعيل بعض مشايخ الأزهر ضمن علية المصريين، الذين يشرفون بالمثول أمام السلطان عبد العزيز خلال زيارته التاريخية إلى مصر، ووقع الاختيار على 4 من كبار علماء الأزهر ليستقبلهم السلطان في قصر القلعة، ويتجادل معهم في شئون الإسلام والمسلمين، وهو خليفة المسلمين.

ويروي المؤرخ الكبير «عبد الرحمن بدوي في كتابة مصر من نافذة التاريخ» يقول: «المشكلة هي كيفية تعليم المشايخ الأربعة قواعد المثول أمام السلطان، وكان البروتوكول التركي آنذاك متشددًا للغاية، بحيث يلزم الجميع بالانحناء وتطويح الأيدي حتى تلامس الأرض ثم رفعها إلى مستوى الرأس، ثم التراجع نحو الباب وهم على هذه الحال المهينة، وطلب الخديو من قاضي القضاة التركي أن يتكفل بتعليم المشايخ الأربعة تلك القواعد».

وأضاف: «عندما زار السلطان العثماني عبد العزيز مصر في عهد إسماعيل باشا، كان إسماعيل حفيًا بالزيارة؛ لأنها كانت جزءًا من برنامجه للحصول على لقب خديوي مع عدة امتيازات في نظام الحكم بمصر, وكان من برنامج الزيارة أن يستقبل الخليفة العلماء في السراي, ولما كانت للمقابلة السنية تقاليد، منها أن ينحني الداخل إلي الأرض وغير ذلك من التقاليد السخيفة المنافية لروح الإسلام, فقد كان حتمًا على رجال السراي أن يدربوا العلماء على طريقة المقابلة عدة أيام حتى لا يخطئوا في حضرة السلطان».

وتابع بدوي: «عندما حان الموعد دخل العلماء، فنسوا دينهم واشتروا دنياهم، وانحنوا أمام مخلوق مثلهم تلك الإنحناءات، وخرجوا موجهين وجوههم إلى الخليفة كما أمرهم رجال التشريفات, إلا عالمًا واحدًا، هو الشيخ حسن العدوى، ذكر دينه ونسي دنياه، واستحضر في قلبه أن لا عزة إلا لله، ودخل مرفوع الرأس كما ينبغي أن يدخل الرجال، وواجه الخليفة بتحية الإسلام : "السلام عليكم يا أمير المؤمنين" وابتدره بالنصيحة التي ينبغي أن يتلقى بها العالم الحاكم , ودعاه إلى تقوى الله والخوف من عذابه، والعدل والرحمة بين رعاياه, فلما انتهي سلم وخرج مرفوع الرأس».

وأضاف: «أسقط في يد الخديوي ورجال السرايا، وظنوا أن الأمر كله قد انقلب عليهم, وأن السلطان لابد غاضب فضائعة تلك الجهود التي بذلوا، والآمال التي نسجوا، ولكن كلمة الحق المؤمنة لا تذهب سدىً, فلابد أن تصدع القلوب قوية حارة كما نبعت من مكمنها قوية حارة، وهكذا كان, فقال السلطان: « ليس عنكم إلا هذا العالم»، وخلع عليه دون سواه وقال الشيخ للعلماء بعد أن خرج : أما أنا فقد قابلت السلطان أما أنتم فكأنكم قابلتم صنما أو وثتا».