الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كيف ومتى يكلم الإنسان نفسه؟


الهدف من الكلام عموما هو التواصل مع الآخرين، لكن أن يكلم الشخص نفسه في السر أو بصوت مسموع فهذه حالة تحتاج إلى التأني قبل الحكم عليها، حتى لا يحدث خلط بين شخص طبيعي وآخر مجنون.

بعكس ما يشاع، تؤكد الأبحاث أن أكثر من 95% من الحالات التي تكلم نفسها طبيعية يتحدث فيها الإنسان مع نفسه وعقله، بل وتعتبر من ضرورات الحياة لترتيب الأفكار والخطط، ومفيدة جدا لعمل المخ وتقوية الذاكرة، وأكثر من ذلك، قال الباحثون أنها سمة من سمات العظماء والأدباء والشعراء، وتذكر المصادر أن العالم أينشتاين كان يكلم نفسه كثيرا في البيت والشارع والعمل.. ويرى البعض أنها نوع من العلاج الطبيعي وواحدة من طرق اعتماد الإنسان على نفسه في مواجهة الحياة.

لكن المؤسف في الأمر هو رد الفعل السلبي تجاه هذه الظاهرة، ونظرة الناس إلى كل من يكلم نفسه على أنه مجنون، فيرموه إما بنظرة ساخرة أو يقابلوه بالضحك أو يتهموه مباشرة بالخبل والجنون، مما يسبب ألما وحرجا بالغا لكل من "يضبط متلبسا" وهو يكلم نفسه.

عادة يكلم الشخص نفسه للتأكد من حفظ شيء أو لترتيب أفكاره وأولوياته، خصوصا أيام الامتحانات أو قبل إلقاء كلمة، أو عند فقدان شيء والبحث عنه، أو ترديد أغنية جميلة في لحظة انسجام، كذلك يفعلها الطفل عندما يختلي بنفسه ليتعلم من تقليد الكبار خصوصا عند سن الرابعة والخامسة، وفي المتاجر ينطق الشخص بالأشياء التي يريدها كي لا ينسى بعضها، وفي الألعاب الرياضية والأعمال الشاقة يصبح كلام الشخص مع نفسه حافزا قويا لإنجاز العمل والفوز، وهناك من ربط الظاهرة بالمشكل الاجتماعية وضغوط الحياة.

من ناحية أخرى، وفي حالات قليلة جدا، يصبح كلام الإنسان مع نفسه مرضا حقيقيا وخطيرا يستدعي التدخل الطبي العاجل.. فمثلا، تحت تأثير المخدرات يقول الشخص كلاما ليس له معنى أو هدف، وفي مرض الشيزوفرينيا يرد الشخص على هلاوس سمعية ويتبادل الحديث مع أشخاص لا وجود لهم في الواقع.

بعض المرضى الذين يكلمون أنفسهم ويمثلون خطرا على المجتمع يساقون إلى المصحات العقلية لتتولى أمرهم، ومن لا يمثل منهم خطرا على الآخرين يترك وشأنه لنراه من حين لآخر في الشوارع والميادين العامة يمارس الخطابة من الصباح إلى المساء دون كلل أو ملل، كلامه غير مرتبط وغير هادف ولا يهمه أن يكون هناك من يسمعه، وغيره قد يكلم نفسه في هدوء طوال الوقت في مكان منعزل، وعلى النقيض، قد نشاهد شخصا آثر الصمت التام وحمل أمتعة بسيطة على ظهره، ليس له مشكلة في الحياة سوى الجوع والعطش ولا يمارس عملا غير التسول.

تقول الحكمة: "أهم الكلمات وأصدقها هى الحوار مع النفس"، وقال فيلسوف هندي: "كلم نفسك مرة في اليوم، وإلا أضعت فرصة الحديث مع إنسان عظيم".

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط