الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ظاهرة الـ "محفوظ عجب" الصحفية .. وميثاق الفقر الصحفي


لو كنت ممن أمضوا في بلاط صاحبة الجلالة .. (سابقا) الصحافة والإعلام أكثر من 30 سنة مثل أنا وصحفيين كثيرين ممن يُشار إليهم بالبًنان و(قصر الديل) يا أزعر .. ومازلت تنتظر الراتب كل أول شهر بلهفة رغم أنك تعلم تمامًا أنه في ظل الغلاء الفاحش والمتوحش لن يصمد معك سوى أيام قليلة قبل أن تلتهمه احتياجات المعيشة .. فهذا معناه يا عزيزي في علم التحليل المنطقي إنك لا تنتمي الى رابطة الـ "محفوظ عجب" الصحفية، وهي لو تعلمون رابطة كبيرة تضم نخبة من الصحفيين والإعلاميين كبيرة من ذوي الدخل المرتفع الى درجة مذهلة وتذهب بعقول الصحفيين الغلابة الشرفاء النظيفي الجيوب والذمم والضمير الحي للأسف والذين اختاروا المهنية والرسالة وميثاق الشرف والفقر الصحفي .. ما علينا نعود لظاهرة الـ "محفوظ عجب" الصحفية، والتي كشف عنها الكاتب الصحفي الكبير موسى صبري في روايته الشهيرة "دموع صاحبة الجلالة".. والتي صور فيها وفي أحداثها أجواء العمل الصحفي وكشف أسراره وطقوسه التي عيشها لمدة تزيد عن نصف قرن من الزمان ووصل بقلمه الصحفي إلى القمة قمة العمل الصحفي وترأس واحدة من أكبر المؤسسات الصحفية القومية في مصر وفي الشرق الأوسط ومقربًا من السلطة واستفاد بالطبع من قربه هذا كثيرا سواء في كتاباته أو في حياته كما استفادت منه السلطة بالطبع .. ونعود لروايته الأشهر حيث مزج بين العمل الفني الأخاذ وبين الكثير من الحقائق مع خلطة من الخيال وبين وقائع القصة المثيرة وأحداث التاريخ الخطيرة.. حتى ان القارئ يتصور أنه يعرف أبطالها وكأنهم يعيشون معه على أرض الواقع وتثير الأحداث تساؤلًا في وجدان القاريء عن هذه الشعرة الدقيقة التي تفصل بين الواقع والخيال! ومن وقت صدور الرواية وتحويلها الى مسلسل إذاعي بعد أن نُشرت في حلقات بأخبار اليوم ثم تحويلها لمسلسل تليفزيوني والجميع يتساءل من هو محفوظ عجب بطل الرواية ؟ ورغم أن المؤلف موسى صبري يؤكد أنه لم يقصد شخصًا بذاته.. ولكنه صور مناخًا عامًا للصحافة المصرية منذ أوائل الأربعينيات حتى قيام ثورة 23 يوليو وبعدها.. وبعدها هذه تنطبق على وقتنا المعاصر سواء في بلاط صاحبة الجلالة أو في الوسط الإعلامي والغريب أن الراحل موسى صبري وكما وصفه الموسيقار محمد عبد الوهاب بقوله في حديث مع مفيد فوزي: "يتهافت معارضوه قبل مؤيديه إلى قراءة ما يكتب، وأنت عندما تقرؤه تندمج اندماجًا كليًا في كل سطوره، بحيث لا تستطيع أن تترك سطوره لأي سبب" .. وموسى صبري من مواليد عام 1925 م بمحافظة أسيوط حصل على شهادة التوجيهية وغادر أسيوط عام 1939 إلى القاهرة ليلتحق بكلية الحقوق وتخرج فيها عام 1943، عمل بعد ذلك مع محمد زكى عبد القادر في مجلة الفصول وانتقل بعد ذلك إلى صحيفة الزمان وعمل سكرتيرًا للتحرير فى الوقت الذي كان جلال الدين الحمامصى رئيسًا لتحريرها، ولكن بعد أن تولت حكومة الوفد الحكم غيّر "ادجار جلاد" صاحب صحيفة الزمان موقفه من حكومة الوفد، وبعد ثلاث سنوات كان موسى صبري ورفاقه خارج الزمان وفى عام 1950 بدأ موسى صبري مشواره مع أخبار اليوم وعمل محررًا برلمانيًا، ثم اختاره على أمين ومصطفى أمين نائبًا لرئيس تحرير صحيفة الأخبار ثم رئيسًا لتحرير مجلة الجيل، ثم رئيسًا لتحرير صحيفة الأخبار وانتقل موسى صبري بأمر من الرئيس جمال عبد الناصر للعمل بصحيفة الجمهورية ثم عاد مرة أخرى رئيسًا لتحرير الأخبار.

توفى الكاتب الصحفي الكبير في 8 يناير عام 1992 .. رحل موسى صبري ومعه سر الشخصية الحقيقية لبطل روايته (دموع صاحبة الجلالة ) .. ولكن محفوظ عجب لم يرحل حتى الآن ومازال يتناسل وينتشر ويتوغل وأهلا بكم معنا في رابطة (قٍصر الديل) يا أزعر الصحفية .. والله المستعان.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط