الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الاتحاد الأوروبى يبدأ اليوم فرض رسوم جمركية على الواردات الأمريكية

أمريكا والاتحاد الأوروبي
أمريكا والاتحاد الأوروبي

تبدأ دول الإتحاد الأوروبى اعتبارا من اليوم (الجمعة) في فرض رسوم جمركية على الواردات الإمريكية ، تطبيقا لمبدأ المعاملة بالمثل ، بعد أن فرضت واشنطن رسوما حمائية على وردات تلك الدول إليها ، وبذلك تتصاعد احتمالات نشوب حرب تجارية شاملة يرزخ العالم حاليا تحت وطأة مخاوفها ، حيث نضجت ظروفها واتسعت نذر المواجهة المباشرة بين أبطالها "الولايات المتحدة الأمريكية والصين والدول الأوروبية" ، فباتت متوقعة رغم عدم رغبة كافة الأطراف فى إندلاعها ، مخاوف يرتفع سقفها يوم بعد يوم ، ونتيجتها المؤكدة ركود إقتصادى عالمى حذر منه صندوق النقد الدولى قبل شهرين ، سيدفع الجميع فاتورته حينما يكون واقعا جميع أطرافه خاسرين.

البيانات الرسمية أظهرت أن منطقة اليورو التي تضم تسعة عشر دولة بدأت هذا العام بتباطؤ اقتصادي وسط مخاوف من نشوب حرب تجارية مع الولايات المتحدة ، ونتج التباطؤ الاقتصادي عن تراجع التجارة في المنطقة في الربع الأول من العام الحالى ، وتزامن ذلك مع تنفيذ تهديدات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب في مارس الماضي بفرض رسوم جمركية باهظة على واردات الصلب والألمونيوم من شركاء مثل الاتحاد الأوروبي ، وقال مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي "يوروستات " إن ناتج منطقة اليورو تراجع بنسبة 0.4 في المائة فى الربع الأول من العام الحالى عن نسبة 0.7 في المائة في الربع السابق له.

فتيل الأزمة اشعلها إعلان الرئيس الامريكى دونالد ترامب عن خططه المتعلقة بفرض جمارك حمائية كبيرة فرضها أولا على الصين ، ورغم معارضة الكثير من أعضاء حزبه الجمهورى لهذه هذه الخطط ، إلا إنه استمر فى تنفيذها وقامت إدارة التمثيل التجارى بإصدار قائمة تضم ١٣٠٠ سلعة صينية تبلغ قيمتها ٥٠ مليار دولار( تشمل منتجات من قطاعات مختلفة ) ، بما فيها "تقنيات الطيران وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والروبوتات والآلات" تم فرض رسوم إضافية عليها بنسبة ٢٥ فى المائة بهدف إجبار بكين على تغيير ممارستها حول الملكية الفكرية ونقل التكنولوجيا الامريكية بالقوة ، مما أثار موجة قلق وتحذيرات في أسواق الولايات المتحدة وخارجها.

وبعد ساعات من إعلان القائمة الامريكية ، "ورغم تحذيرات ترامب بفرض ضرائب جديدة حال قيام الصين المعاملة بالمثل" ،اتخذت الصين قرارا عقابيا مماثل بفرض رسوم جمركية على 128 صنفا من المنتجات التي تستوردها من الولايات المتحدة تصل قيمتها إلى ثلاثة مليارات دولار سنويا، وذلك ردا على الرسوم التي فرضتها واشنطن على الفولاذ والألمنيوم والعديد من السلع والتى اعتبرتها بكين أنها "تلحق ضررا خطيرا" بمصالحها.

وتندرج هذه الإجراءات المتبادلة بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم في إطار تهديدات واتهامات يتقاذفها الجانبان على مدى أسابيع ماضية أثارت مخاوف من اندلاع حرب تجارية بينهما ، وكان ترامب قد هاجم الصين مرات عديدة بسبب العجز التجاري الهائل والمتزايد الذى تعانى منه بلاده لصالح الصين ، والذى بلغ فى العام الماضى ٢ر٣٧٥ مليار دولار أمريكى ، حيث طالب ترامب إدارته بالعمل على خفضه إلى مائة مليار دولار فقط من خلال استهداف واردات صينية تصل قيمتها السنوية إلى نحو ٦٠ مليار دولار بفرض رسوم جمركية إضافية عليها للحد من تدفقها للاسواق الامريكية ، وبذلك يكون قد أوفى بما وعد به خلال حملته الانتخابية من حيث اتخاذ إجراءات لخفض هذا العجز.

فرض رسوم حمائية بنسبة 25 فى المائة على واردات الصلب، و10 فى المائة على واردات الألمنيوم، قرار لم يقف عند الصين أو ينالها بمفردها بل إنه شمل غالبية دول العالم، حيث ما لبث أن استكمله ترامب بالتوقيع على مذكرة تمهد الطريق لفرض رسوم جمركية على صادرات من دول أخرى خاصة دول الأتحاد الأوروبى لمواجهة العجز التجاري الأمريكى مع باقي العالم، معتبرا أن السلع المستوردة كثيرا ما تكون مدعومة بشكل غير قانوني ، ويبرر دوافعه لفرض رسوم جمركية على واردات دول الاتحاد الأوروبى بأنها "سياسة غير عادلة ".

ومع إصرار ترامب على المضى قدما فى سياسته الحمائية ، ورفضه الاستثناء وما ترتب عليه من توتر ساد العلاقة بين الولايات المتحدة الامريكية والدول السبع الصناعية الكبرى ( مجموعة السبع ) خلال قمتهم التى عقدت مؤخرا فى كندا ورفض ترامب التوقيع على بيانها الختامى، ودخول القرارات الامريكية حيز التنفيذ ، هدد الشركاء التجاريون الكبار بالانتقام من الولايات المتحدة وتبنى تدابير لإعادة التوازن، وأصدرت دول الاتحاد الأوروبى بيانا أكد "المعاملة بالمثل " ، وفرض رسوم جمركية على الواردات من السلع الامريكية .

والقى هذا السجال بظلاله على تراجع مؤشرات الأسهم الأمريكية والأوروبية نتيجة المخاوف من نشوب حرب تجارية .
قرارات ترامب أحادية الجانب -بحسب محللين- ستقلب النظام الاقتصادى العالمى رأسا على عقب ، وتنتهك مبادئ منظمة التجارة العالمية ومبادئها الأساسية ، وستحدث خللا فى النظام الاقتصادى العالمى الذى لم يكن يوما ما عادلا للدول النامية ، وستتحمل تداعياتها بقية دول العالم ، مما سيلقى بظلاله على الاقتصاد العالمى ويهدد العالم بركود اقتصادى يخيم عليه شبح اتساع هذه الحرب التجارية .