الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الإعجاز في وجوه البشر


هل تساءل أحد لماذا لم ولن يتكرر وجهان من البشر منذ آدم وإلى قيام الساعة ؟ وكيف تقرأ الوجوه ؟ وما حقيقة النور الذي يشع منها ؟.. أسئلة في إجابة كل منها معجزة، لكن لكثرة ما اعتدنا أن نرى من وجوه أصبح الإعجاز فيها أمرا طبيعيا لا ينتبه إليه أحد..

قال تعالى في سورة الانفطار "في أي صورة ما شاء ركبك"، والحرف "أي" اسم شرط يدل على عموم الأشياء، بمعنى خلق الإنسان في صور لا نهاية لها.. فكيف ذلك ؟.. بعد أبحاث على جينات الحمض النووي للإنسان وطريقة اتحادها بين الزوجين في نطفة الأمشاج، تبين أنه بإمكان أب وأم (فقط) إنجاب 64 تريليون طفل مختلف عن الآخر ! وهذا هو التفسير العلمي الصحيح لعبارة "في أي صورة" الذي نقدمه هنا لأول مرة.. لكن نظرا للطاقة الإنجابية المحدودة للأمهات، سيبقى هذا العدد الهائل نظريا فقط.
 
إذن، أراد الخالق سبحانه أن يجعل وجوه البشر كبصمات الأصابع لا يتطابق اثنان منها أبدا، وأصبح الإنسان يعرف بوجهه، وحدد العلماء سبعة قوالب رئيسية للوجه هي: المربع والمستطيل والمثلث والدائري والبيضاوي والمعيني والقلبي.. ومنها تتشعب اختلافات لا نهائية أخرى، وأمكن لعلماء الفراسة استنباط صفات عامة لكل قالب: البيضاوي جميل ودبلوماسي، والدائري مقنع وعصبي، والمستطيل ذكي وصاحب قرار، والمثلث رقيق ومبدع، والمربع منطقي ومحب للعمل، والمستطيل نشط ومتسلط وهكذا.

العلم المختص بقراءة الوجوه يسمى علم الفراسة (Personology)، وهو علم يفيد في التعامل مع المجرمين، أو لتحقيق التوافق عند طلب وظيفة أو زواج (قراءة الفتاة لوجه خطيبها مثلا).. فمن أطلع على هذا العلم يمكنه من خلال ملامح الوجه معرفة الشخص الاجتماعي والعدواني والكريم والبخيل، والواقعي والخيالي إلخ.

 ليس فقط من خلال القوالب السبعة التي ذكرناها بل إن كل جزء من الوجه أيضا له دلالات.. فصاحب الجبهة العريضة يمتاز بالذكاء والإبداع، والشخص الذي لديه أنف وفم كبيران عاطفي وصاحب مزاج، أما الأنف والفم الصغيران فيدلان على البرود العاطفي والانغلاق، وكِبَرُ الفك يعني القدرات الجسمانية الكبيرة والتحمّل، أما صغر الفك فيعكس السلبية وتردد الإرادة والافتقار للدبلوماسية.. ويمكن القول إن القليل من الناس من يتميز بهيمنة واضحة لأحد أقسام الوجه، لكن غالبًا ما نجد وجوها تتقاسم السيطرة بها أكثر من منطقة، أو موزعة على الأقسام بنسب مختلفة.

وتتجمع في الوجه أو بالقرب منه كل الحواس تقريبا: البصر والشم واللمس والذوق والسمع، ما يعطي الوجه دور القاطرة التي تقود الجسم كله. 

ولم يعثر العلماء حتى الآن على شىء "مكتوب على الجبين"، لكن الخطوط الدقيقة على الجبهة تحددها الجينات الوراثية التي فيها السجل الكامل للشخص، وسيأتي يوم تترجم فيه هذه الخطوط إلى لغة.

وماذا عن نور الوجوه ؟ ورد نور الوجوه في نصوص دينية كثيرة، وتأكدت رؤيته علميا في السنوات الأخيرة.. تحدثت آيات قرآنية وأحاديث نبوية عن نور يشع من وجوه الصالحين في الدنيا والآخرة. قيل أن من أسبابه قيام الليل وقراءة القرآن والعمل الصالح بوجه عام، وقال ابن عباس "إن للحسنة نور في القلب وضياء في الوجه"، ويوم القيامة "يوم تبيض وجوه وتسود وجوه" (آل عمران 106)، وحتى في التراث الغنائي نجد الموشح الشهير "وجهك مشرق بالأنوار".. فما حقيقة الأمر ؟
مئات الأبحاث أجريت في العقدين الأخيرين خصوصا في اليابان وأمريكا للتحري عن نور ينبعث من الوجوه، وصمموا له كاميرات خاصة أكدت انبعاثه والتقطت صورا كثيرة له، وهو من ثلاثة أنواع: ضوء حقيقي وإشعاع حراري ومجال كهرومغناطيسي، نادرا ما يراها البشر لأنها دون حساسية عيونهم.

 لكن الله مكن لبعض البهائم والحشرات كالكلاب والبعوض رؤيتها، ولاحظ العلماء أن للعقل دور في تألق نور الوجه ويبلغ ذروته عند الساعة الرابعة عصرا، ربما تصادف وقت صلاة العصر أو ربما توافق قمة النشاط اليومي كما يقول الأجانب.
أما عمليات نقل الوجه التي انطلقت في السنوات العشر الأخيرة فيبدو أنها ستقلب كل الموازين. أول عملية نقل وجه كامل تمت في أسبانيا عام 2010 وبعدها تكررت في أمريكا ودول أخرى. الحاجة لنقل وجه تأتي بعد تلف الوجه كليا من حادث أو حريق، وبعد رفع وتنظيف بقايا الوجه القديم ينقل إليه وجه كامل من جثة حديثة الوفاة.

طبيا، هذا إنجاز عظيم، لكن في تفاصيله وعواقبه الكثير من المخالفات والمشاكل القانونية.. وجه مأخوذ من شخص ميت ليوضع على آخر حي يمشي به وسط الناس ! سوف تتغير الصورة والهوية وقد يخيف من يراه، وتتعقد حسابات الميراث والقرابة، والأغرب من هذا وذاك أن شفتي شخص ميت ستقومان بالتقبيل من مكانهما الجديد !.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط