الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أنا وتاكيهيرو .. وكوكب اليابان الشقيق


منذ أيام تلقيت دعوة من صديقي العزيز تاكيهيرو كاجاوا سفير كوكب اليابان الشقيق لدى جمهورية مصر العربية وسعدت جدا بلقائه وبتبادل الأحاديث معه وولعه وحبه لمصر وحبه للكشري وباقي الوجبات المصرية الشهيرة وكذلك عن إعجابه الشديد بفيلسوف الجغرافيا المصري الراحل العظيم جمال حمدان.

وعن نظام التعليم الياباني بالمدارس الابتدائية المعروف بالـ ( توكاتسو) ولا أخفي إعجابي الشديد بالتجربة اليابانية في كل شيء وصدق من قال فعلا : ( إذا كان العالم يلهو فاليابان تعمل ) عبارة موجزة تصف المجتمع الياباني أو كوكب اليابان الشقيق كما نطلق عليه لما يتميزون به من وعي وثقافة ورقي وإذا أحسست و لو للحظة أن هذا الكلام يحمل جزءًا من المبالغة، فدع اليابان إذن تتحدث عن نفسها ولنكن واقعيين.

رقيّ اليابان وتحضرها وتقدمها ليس محض صدفةٍ ولم يحدث بين يومٍ و ليلةٍ وأنظر معي للتقدم والدقة في المجتمع الياباني والمدارس اليابانية التي أخرجت لليابان أكيو موريتا وسويتشيرو وهوندا وماساررو وإييوكا وكونو سوكي وماتسيوشيتا وغيرهم من العظماء الذين سطروا تاريخ وإقتصاد اليابان .

حتى المطبخ الياباني يقدم في أطباقه كل ماهو صحي ومفيد من أسماك ولحوم وأرز وخضروات وغيرها ولكنها معادلة غذائية دقيقة يتبعها اليابانيون عبارة عن طعام صحي + كميات معتدلة + رياضة يومية ينتج عنها شعب لا يعرف السمنة ولا تزيد فيه نسبة السمنة عن 4% ولا يعانون من ارتفاع ضغط دم ولا السكر ولا الكوليسترول بالأضافة الى متوسط أعمار يصل الى 86 سنة وهو الأعلى في العالم .

شعب اليابان يقرأ يقرأ في كل مكان وفي كل مكان وفي أي وقت ولديهم كتبهم الخاصة وبمفاهيم خاصة لكل المجالات ولكل الأعمار ويؤمنون أن القيادة أساسها القراءة شعب يبدع في كتبه والنتيجة نسبة الأمية صفر % فليس هناك ياباني واحد لا يجيد القراءة والكتابة على الأقل .. عندهم الوقت كالسيف ان لم تقطعه قطعك حكمة نرددها ولا نعمل بها في بلادي للأسف.

أما في كوكب اليابان الشقيق فلديهم صفة يتوارثونها جيل بعد جيل وهي الاحترام الشديد للوقت فلا يتأخر طالب عن موعد مدرسته ولا وزير عن موعد عمله عندما تحرك أحد القطارات قبل موعده بنصف دقيقة أصدروا بيان إعتذار .. آه والله العظيم .. هذه هي اليابان الدولة التي تمتللك ثلث مساحة مصر الدولة التي لا تمتلك أرضا مؤهلة للسكن والعيش فيها سوى 20% من مساحتها الصغيرة ..الدولة التي تشكّل فيها الجبال والبراكين ما يقرب من ثلاثة أرباع المساحة، الدولة التي تتعرض للكوارث الطبيعية والزلازل والبراكين بشكل مستمر!

فماذا بإمكاننا أن نقول عن اليابانيين أيضًا؟

هل نصف أمانتهم التي جعلتهم والعالم يسلّمون بحقيقة Nothing gets lost in Japan ))

أما عن نظافة مدارسهم وشوارعهم وحدائقهم حدث ولا حرج لدرجة أنهم لا يحتاجون إلى سلال قمامة في الشوارع والحدائق فكل شخص يتكفل بقمامته .

أما عن التوكاتسو فهو نظام التعليم الياباني بالمدارس الإبتدائية وهو عبارة عن منهج بناء متكامل لشخصية الطالب وأسلوب حياة بالمدرسة والذي من شأنه أن يكسب الطلاب قيم وسلوكيات ومهارات وعادات إيجابية أبرزها التعاطف وتحمل المسؤولية والنظافة والنظام والالتزام والاستقلالية وحل المشكلات وغيرها من الصفات الحميدة التي تنمو وتتكامل يوما بعد يوم لتكمل جوانب شخصية الطالب وتجعله أكثر سعادة واحتفالا بالحياة وإقبال على كل ما هو جميل.

هذه هي اليابان ياسادة التي تعرضت في السادس من أغسطس عام 1945 لقنبلة هيروشيما المعروفة .. القنبلة التي رفعت الحرارة الأرضية حول مكان انفجارها لدرجةٍ صهرت كل ما حولها من بيوتٍ ونباتاتٍ و بشرٍ..القنبلة التي دمرت مدينةً بأكملها وتسببت بمقتل ثلث سكانها، ولكنها سطّرت تاريخ اليابان إلى يومنا هذا! قنبلةٌ يصفها اليابانيون بأنها كانت خيرًا لليابان فوجهتها من الحرب إلى التعمير، وفي غضون 7 سنوات عادت الدولة إلى ما كانت عليه .. وبدأت مسيرة التطوير وأصبحت الأن ثالث قوة تجارية في العالم.

بلد تويوتا وهوندا ونيسان وباناسونيك وسوني وفوجي فيلم، وغيرها من الشركات الضخمة التي غزت وما زالت تغزو العالم بأجهزتها ومنتجاتها إلى يومنا هذا ..في الواقع .. نحن لا نحتاج أن ندرس اقتصاد اليابان بقدر ما نحتاج أن ندرس أخلاق اليابان وشعب اليابان .

الشعب المعروف عالميًا بالشعب العظيم، الشعب الذي يبهر العالم دائمًا بتصرفه الراقي في أوقات الزلازل والكوارث البيئية الشعب الذي لم تمنعه ثروته من أن يكون أكثر شعوب العالم تواضعًا، لم يمنعه تقدمه من أن يلتزم بعاداته وتقاليده إلى يومنا هذا! فهم ما زالوا يأكلون بالعيدان، و يزيّنون مهرجاناتهم وأعيادهم بأزيائهم اليابانية العريقة، وهم ما زالو ينحنون لبعضهم عند السلام .

فالانحناءة في اليابان ليست مجرد حركة روتينية يؤديها الناس ولكنها عندهم احترام، ثقافة ووعي شعبٍ كاملٍ لا يتهاون أبدًا بتطبيق ما نشأ عليه كل ما في الأمر مبدأ مبداٌ يتعلمه الطالب من أول يوم يدخل فيه إلى المدرسة، مبدأ احْتَرِم تُحتَرَم .. أدعو الله أن تصبح مصر مثل اليابان وأن يتعلم المصريين من أشقاءنا في كوكب اليابان الشقيق مبدأ احْتَرِم تُحتَرَم .. والله المستعان
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط