"أنا صاحي يا مصر أنا صاحي.. سهران وفي حضني سلاحي.. واللي يقلل من قيمتي واللي يكسر عزيمتي يحرم عليه صباحي".. كانت هذه الكلمات جزءا من مقطع فيديو انتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي لعدد من جنودنا في سيناء وهم يتغنون بها أثناء دورياتهم المستمرة في محاربة ما تبقى من الإرهاب على أرض سيناء.
تلك الأغنية التي انتشرت كالنار في الهشيم ليست وليدة اللحظة وإنما كُتبت في ستينيات القرن الماضي، عندما ألفها شاعر الفدائيين في مدينة السويس الكابتن غزالي وغناها هو وفرقته أولاد الأرض أثناء تنقلاتهم بين الفدائيين وفي وحدات الجيش المصري على الجبهة أثناء حرب الاستنزاف وأكتوبر.
وكتب كابتن غزالي أيضاً في تلك الأغنية " قوم يا بن
بلدي وشمر.. جهز سلاحك عمّر.. ده العدوان لسه باقي والمعركة مستمرة.. صوت الشهداء
ينادينا.. أه يا خاين يا إسرائيلي يا عدو وطني وديني.. بقنالي مش هتمر.. هتدوق من
عضمي المر.. قالها أبو خالد حبيبي.. هيلا
هيلا يا لا بينا".
وكانت تلك الأغنية وأكثر من 800 أغنية أخرى ألفها كابتن غزالي تُلهب حماس جنود الجيش المصري والفدائيين وقتها، لما تحمله من معاني وطنية فريدة عجزت إسرائيل وقتها عن إخمادها.

وجدان الفدائيين
غزالي بما شكله من وجدان الفدائيين والشعب المصري وقتها،
هو واحد من هؤلاء الأبطال الذين أسسوا فرقة ولاد الأرض التي بدأت أنشطتها الفعلية بعد
ساعات من نكسة يونيو عام 1967، كانت مهمتها إلقاء الأغاني الثورية والحماسية للجنود
والمقاتلين على الجبهة.
"غني يا سمسمية لرصاص البندقية، "عضم ولادنا نلمه نلمه ونزرع منه مدافع.. وندافع ونجيب النصر هدية لمصر"، "إحنا لها احنا لها الحرب احنا أدها"، كان غزالي، يكتب هذه الكلمات وفرقته ولاد الأرض يغنوها على الجبهة قبل أي عملية فدائية في عمق سيناء كان جنود الجيش المصري والفدائيين يستمعون لأغاني غزالي وولاد الأرض.
مولده
هو من مواليد أبنود في العاشر من نوفمبر عام 1928، وكان موظفاً بمديرية الصحة بالسويس لكنه هوى الشعر والرسم ولعب الرياضة أيضاً فكان لاعب مصارعة حرة وهو فدائى يسارى.
استقر كابتن غزالى بمدينة السويس بعد النكسة ولم يغادرها ضمن التهجير الجماعى للمدينة، ولإحساسه بدوره الوطنى المحتم عليه القيام به نحو بلده قام بالمساعدة فى تجميع الجنود المشتتين وساعد الجرحى وقام بإيصال الذخائرللجنود وتطوع فى المقاومة الشعبية للدفاع عن مدينة السويس.
السمسمية وكابتن غزالي
وطوال أحداث المعاركوالمقاومة الشعبية في السويس كانت آلة السمسمية تلعب دوراً كبيرا في تأجيج مشاعر المقاومة والحماس وكان كابتن غزالي، ورفاقه يكتبون الكلمات ويغنوها على ألحان السمسمية، فقد استطاعت السمسمية وأغاني غزالي ورفاقه أن يهزموا أدوات الحرب الإعلامية والنفسية التي كان يستخدمها العدوان الإسرائيلي آنذاك.
ويعتبر كابتن غزالي، واحدا من أبطال كتاب كل رجالالسويس الذي صدر عام 2016 عن دار كنوز للنشر والتوزيع ويرصد أسرار وبطولات الفدائيين في فترة حرب الاستنزاف وأكتوبر، فكلمات أغاني كابتن غزالي وصلت لما يقارب الـ 800 أغنية وطنية طالما كانت تُشعل حماس أبطال السويس من الفدائيين وجنودنا على الجبهة.
ويحكى غزالي في شهادته بـ كتاب كل رجال السويس عن فرقته ولاد الأرض وبداية المقاومة قائلا: بدأنا ببطانية مفروشة، على الأرض وأقمنا مسرحا لنا ننشد من فوقه الأغاني الحماسية لجنودنا على الجبهة، الأغاني وقتها كانت منشورات سياسية، تجذب الناس.
شهداء السويس
كما يحكي في ذكرياته عن حرب السويس يوم 24 أكتوبر التي حاولت فيها قوات العدو الإسرائيلي احتلال مدينة السويس، لكن الفدائيين تصدوا لها بأجسادهم ومنعوا احتلال المدينة، وأنه ألف عدة أبيات تخليداً لشهداء السويس في ذلك اليوم.
قائلا: خلديهم يا بلدنا لما نصرك يبقى عيد. علي محرم بن قلبك مصطفى وأخوه سعيد.. خلديهم يابلدنا وقيدي منهم نور صباحك.. خلدوكي هما قبلا لأجل ما تعودي لصباحك.. إبراهيم سليمان وأشرف.. أحمد أبو هاشم في أشرف ملحمة والمولى حافظ.. ندهتك فايز يا حافظ.. والسويس أدان ومدني".
وفاته
وفي صباح يوم الأحد 2 إبريل عام 2017 توفى الشاعر السويسي، محمد غزالى الشهير بـ "لكابتن غزالي"، عن عمر يناهز 88 عاما داخل منزله بمحافظة السويس بعد صراع مع المرض.