الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

آليات التعميم فى منظومة التعليم


لسنوات طوال، ومن خلال جريدة "الأحرار"، صحيفة المعارضة الأولى، فى بلادى مصر، وقبل أن تتحول مقارها إلى أطلال، وتاريخها إلى ذكريات، تابعنا ملف التعليم من كثب، وقدمنا، عبر صفحاتها، التى كانت تفيض بحب الوطن، والفناء من أجل رفعته، من خلال معارضة بناءة، تهدف إلى حالة من التكامل بين الصحافة، التى هى انعكاس للرأى العام، وبين التنفيذيين، كل فى مكانه، لصناعة قرار يخدم المنظومة، ويحقق لها التقدم.

خلال تلك السنوات كان التواصل الدائم، مع الدكتور حسين كامل بهاء الدين، وزير التربية والتعليم آنذاك، والذى كان يحرص على الرد، تليفونيا، لإيضاح كل ما تتخذه الوزارة من قرارات، كان يقول عنها الوزير الراحل، أنها تستند إلى ما تنقله الصحافة.

خلصنا من المتابعة لمف التعليم لسنوات، أن التطوير أمر ضرورى، وحتمية لا مفر منها، خاصة فى ظل اعتماد أساليب الحفظ والتلقين، دون إعمال الفكر والعقل، الأمر الذى أدى إلى تدهور المنظومة، إلى حدود لم يعد الصبر عليها محتملا.

والآن، تؤكد القيادة السياسية، على ضرورة التطوير، وقد بدأها الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى، الذى نحسبه صاحب رؤية حضارية فى تطوير التعليم، ولديه خبرات اكتسبها من مواقعه الدولية السابقة على توليه الوزارة، تؤهلة للنجاح فى عملية التطوير، وهو أمر نتوقعه، طالما توافرت الإرادة.

غير أنه، ومن واقع، الدراسات والتجارب، ليس فقط فى بلادى مصر، وإنما فى كل المجتمعات المتحضرة، لايمكن أن يتم التعميم، من أجل تطوير التعليم، لأن الواقع يقول، بأن التطوير فى حاجة، أولا إلى دراسة الواقع، والبدء فيه مرحليا، دون التقيد بعامل الوقت، أو الرغبة فى الانجاز السريع.

منظومة التعليم لدينا، مشاكلها متعددة، مابين الأبنية التعليمية، والوسائط والكوادر التعليمية، والتى يغلفها جميعها ثقافة مجتمع، يتعامل مع كل تلك المشاكل، بما يتطلبه من ثقافة جديدة، وفكر متطور لاحداث عملية التطوير.

لا يمكن أبدا، الاعتماد على التطوير من أعلى الهرم التعليمى، ونحن نعانى بنية تحتية خربة، فالأبنية التعليمية تعانى تهالكا فى أغلبها، وأماكن الدارسة، تفتقر لآليات تلقى العلم، وهنا تكفى الإشارة إلى كثافة الفصول، التى تمثل العائق الأول فى تلقى الرسالة التعليمية، فضلا عن تهالك المقاعد، وتدهور حالة الكثير من الفصول، وعدم وجود تهوية بها، أو حتى زجاج يحمى التلاميذ برد الشتاء.

الأبنية التعليمية فى رأينا يجب أن تكون الخطوة الأولى للتطوير، تأتى بعدها فكرة المناهج، والتأكيد على رياض الأطفال، وإلغاء نظام التعليم فى تلك المرحلة، والعودة إلى تفعيل معامل التكنولوجيا، التى تحولت إلى فصول دراسية، على حساب الأطفال.

ولعل لما نقول مظاهره، فى أن التطوير فى حاجة إلى وقت ودراسات مسبقة، وهو الأمر الذى نظن، وليس كل الظن إثما، أنه لم يتوافر فى عملية التطوير الحالية، وليس أدل على ذلك من كثرة التصريحات، التى تعبر عن رغبة حقيقية فى التطوير، وما نشاهده على أرض الواقع، فحتى الآن لم يتم الاستقرار، على الأقل لدى التلاميد والمدرسين، على المناهج وطرق تدريسها، ولم يتم توزيع التابلت الذى تم التأكيد عليه مرارا وتكرارا، ليؤكد الواقع أن عملية التطوير لازالت قيد التجربة.

غير أن التجربة لاينبغى أن يتم تعميمها دون التأكد من النتائج، وهو الأمر الذى بدا واضحا فى حالة الربكة التى عليها طلاب المرحلة الثانوية، والذين لا يعرفون، ومعهم أولياء أمورهم، طريقهم العلمى حتى الآن، ولم تستقر لديهم الفكرة الجديدة.

تعميم التطوير فى منظومة التعليم فى حاجة إلى حديث لا يتسع الوقت ولا المساحة لسردها وهو ما نعرض له فى مقالات قادمة بإذن الله.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط