الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

هند العربي تكتب: الكل شريف حتي تأتي العاهرة !!!

صدى البلد

الكل شريف حتي تأتي العاهرة!! أو تتيح له الفرص، جملة استوقفتني كثيرًا لا أعلم بالتحديد من قائلها ولكنها جملة تداولت عبر وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرا في شكل منشور "بوست" بضعة حروف تصف حال الكثيرين، فالبعض وليس بالقليل شرفاء، طهراء، مسالمين، متدينين، وأحيانا منهم المثالي، ولكن لفترة معينة لحظة ان تتيح له الفرصة يتغير عندها كل شيء.

فقد خفق الإنسان وفشل في أول اختبار له كان من الله -سبحانه وتعالي-لسيدنا آدم عليه السلام، عندما خالف كلام الله ولَم يستطع أن يقاوم إغراء الشجرة المحرمة بل رأي انها جيدة للأكل، فأغوي الشيطان له ولحواء، فغلبت عليهما المغريات ورغائب النفس وضعفت إرادتهما!!!فمن المتعارف أن الشهوة تضعف الإنسان، سواء كانت شهوة الجسد، أو شهوة المال والقنية،أو شهوة المناصب، أو شهوة الانتقام، فكلها شهوات تتسبب في ضعف الإرادة، وتغير من طباع وسلوك الإنسان.

فالموظف الشريف يظل شريفا حتي يعتلي المناصب، والمسئول الذي كان موظفا في يوم من الأيام يدير عمله ويشعر بالعامة الذي هو منهم، مع أول فرصة ليصبح مسئولا تغيرت مبادئه وقيمه وشعوره بالآخرين لكونه ابتعد عنهم قليلًا وأصبح أول من يجير عليهم ولا ينظر الي مصالحهم.

والمعلم النبيل يحافظ علي القسم الذي أقسم عليه حتي يذوق طعم الدروس الخصوصية والتربح من وراء العلم، والزوج المخلص مخلص حتي تأتيه الفرصة ان يخون إلا من رحم ربي، حتي مدام عفاف الموظفة بالدور الرابع عفيفة قبل أن ترتشي!! وجميعهم شرفاء حتي تتيح لهم الفرص.

فالمبدأ يقود الى الموقف، والموقف يحيل الى السلوك، وليس كل انسان يقترن سلوكه مع المبدأ الذي يدعي به، فالتناقض يسيطر علي كل شيء ليكون واضحا بين الاقوال وبين الأفعال، بين ما كانوا عليه وما سيكون، الذين يظهرون أمامنا بزي الواعظ يرتدون ملابس التقوي والإيمان وهم في نفس الوقت إما يثبون الناس في أعراضهم أو يخفون عكس ما يظهرون.

 ومنهم من يستخدم الدين لأغراض معينة أو يحلل لنفسه ما يحرمه علي غيره، والمسئول الذي يتعهد أمام الكاميرات إنه يرعي مصالح المواطنين وهو أبعد ما يكون عن مصالحهم، والنائب الغير نائب لمن انتخبه حال وصوله للمجلس أدار ظهره للجميع ولَم يعد لسان حالهم، حتي الموظف في عمله، والطبيب إن خل بأخلاقيات مهنته أو سعي للتربح علي حساب المرضي ولم يراع ضميره، حتي الصحفي منا الذي خان أمانة القلم والمهنة ليدون عكس الحقيقة أو يزور في التاريخ أو معطيات الحاضر ليرضي "فلان" أو يكسب ود "علان"!! 

والمحامي الذي خان شرف مهنته ودافع عن مجرم مدان وهو يعلم انه كذلك من أجل المال، والقاضي المرتشي، والضابط الذي خلف القسم واستغل سلطاته في ظلم احدهم، حتي الفقير إن حالفه الحظ وأغتني بعد عناء فكان أول من تمرد وأفتري، والمظلوم ان أتاحت له الفرصة للأخذ بثأره ممن ظلمه، مما يثبت ان جميعهم لم يكن شريفًا من الأساس فكانت المسئلة فقط تكمن في إتاحة الفرص ليس إلا لينكشف معدن كل إنسان.

فقليلًا من هم ثابتون علي المبدأ لا يغيرهم جاه وسلطة اونفوذ ومال أو فرصة، الذين يثبتون على المباديء من أصحاب القيم، فالمبدأ يقترن مع الخلق دائما، وقد بدأ أصحاب المباديء والأخلاق في التواري، وأحتل الأفقون واللصوص واجهة المجتمع مما جعل أي إنسان يحظي بفرصة للتربح وحتي لو غير شريفة لا يتواني عن إستعمالها، وهناك من يدعي وجود المثالية وهي علي عكس حقيقته، فكم خدعنا في إناس اعتقدنا انهم وانهم وانهم،ولَم يكونوا حتي خمس ما تصورناهم.

ولكن مع اَي حال،، لا أقصد بذلك التعميم، وخلاصة القول، ان هذه النماذج موجودة بالتأكيد ونتمني ألا تتكاثر وتتفشي في المجتمع، وفِي نفس الوقت يوجد أيضا من هم علي غير شاكلتهم ومن هم محل ثقة، ولكن الجملة في حد ذاتها "الكل شريف حتي تأتي العاهرة" قد لفتت انتباهي لما تحمله في طياتها من معاني ومواقف واحداث حقيقية نراها وبكثرة في الكثيرين وعليها بنيت مقالي، وحتي لا أرصد السلبيات فقط أو اظلم الآخرين دعونا نحسبها علي منطق ان كل شيء سيكون علي ما يرام، أو ان الأمر إستثناء، والإستثناء لا يلغي وجود القاعدة والقاعدة تقول: أن من تربي علي الشرف والأمانة والقيم والأخلاقيات يظل عليها مهما واجهته من صعوبات فهي تصيبه في سلوكياته ومنظومة القيم لديه.

وكما يوجد المدعين للشرف هناك من هم أهل أخلاق ومباديء، وشخصيات تنأي بنفسها عن التورط في أي عمل مخالف لضميرها أو عملها مهما كلفها الأمر، ذلك الأمر الذي لا يرتبط بالتعليم أو الغني أو الفقر، وإنما بالثقافة والنشأة والتربية.