قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن الصلاة خلف مقام إبراهيم أثناء أداء العُمرة سنة وليست ركنًا من أركانها.
وأوضح «جمعة» في إجابته عن سؤال: «كنا في العمرة وكانت شديدة الازدحام، فبعد الطواف توجهنا للسعي دون الصلاة في مقام إبراهيم؟»، أنه إذا نسي المعتمر صلاة ركعتين خلف مقام إبراهيم فلا شيء عليه وعمرته صحيحة لأنهما سنة وليس ركنا من أركان العمرة.
جدير بالذكر أنه يُشرع لكل من طاف بالبيت أن يصلي ركعتين خلف مقام إبراهيم عليه السلام، لفعل الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم-.
والدليل على ذلك أنه لَمَّا فَرَغَ الرسول -صلى الله عليه وسلم- مِنْ طَوَافِهِ، جَاءَ إِلَى خَلْفِ الْمَقَامِ فَقَرَأَ: «وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى» [البقرة: 125] [الْبَقَرَةُ 125]، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَالْمَقَامُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ، قَرَأَ فِيهِمَا بَعْدَ الْفَاتِحَةِ بِسُورَتَيِ الْإِخْلَاصِ، وَقِرَاءَتُهُ الْآيَةَ الْمَذْكُورَةَ بَيَانٌ مِنْهُ لِتَفْسِيرِ الْقُرْآنِ، وَمُرَادُ اللَّهِ مِنْهُ بِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم.
وليس بالضرورة أن يُصلّي خلف المقام مباشرة، ولكن ليجعل المقام أمامه وليكن في أي مكان خلف هذا المقام يُصلّي ركعتين سُنّة الطواف ويقرأ في الأولى: «قُلْ يَا أَيُهَا الْكَافِرُونَ» «الكافرون»، ويقرأ في الثانية: «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» «الإخلاص».
والعلماء اختلفوا هل هاتان الركعتان واجبتان أو مستحبتان؟ فقال الشوكاني: وقد اختلف في وُجُوبِ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ، فَذَهَبَ أَبُوحَنِيفَةَ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ الشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ: إلَى أَنَّهُمَا وَاجِبَتَانِ، وقال مالك، والشافعي في أحد قوليه وَالنَّاصِرُ: إنَّهُمَا سُنَّةٌ؛ لِمَا تَقَدَّمَ فِي الصَّلَاةِ مِنْ حَدِيثِ ضِمَامِ بْنِ ثَعْلَبَةَ لَمَّا قَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ أَنْ أَخْبَرَهُ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: لَا؛ إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ.
والراجح من أقوال العلماء هو قول الجمهور وهو أن هاتين الركعتين مستحبتان، فمن تركهما فلا شيء عليه، ثم إن من انتقض وضوؤه بعد الطواف، فإن أراد أن يأتي بالسنة، فليتوضأ، وليصل خلف المقام، ويحصل أصل السنة بأداء هاتين الركعتين بعد الطواف في أي مكان.