EN
لا شيء يطفئ أنوار الكون فى عين أي رجل كرحيل امرأة كان يعتبرها أرضه وسماؤه وكونه، فيظلم كل شيء حوله بعد رحيلها ... زوجتي الحبيبة رحلتي عن دنيانا ويضيقُ قلبي عندما أتلفت حولي ولا أجدك وأحتاجك ولا أبصرُك، وأموت آلاف المرات عندما أرى طيفك ولا أراك ، واليوم هو ذكرى مولدك ، وفي مثل هذا اليوم كنا نحتفل سويًا به ، ولكن هذا الميلاد هو الأول الذي أعيشه وحيدًا بدونك فهذا هو القدر الذي فرض علينا هذا ولا راد لقضاء الله وقدره فهذه هي إرادته ولا نستطيع إلا الرضا بما قسمه المولى لنا .
في مثل هذا اليوم من العام الماضي وقبل رحيلك بأسابيع كان المرض قد تمكن منك وافترس جسدك الضعيف وكنت أجهز لكي احتفل بيوم مولدك ودعوت كل الأصدقاء لكي يشاركونا فرحة احتفالنا بيوم مولدك وجئت لغرفتك بالمستشفى الغرفة رقم " 17 " ، وعندما شاهدتي بيدي الورود ملأت وجهك البشوش ضحكتك الصافية التي عندما كنت أراها فكانت تضحك لي الدنيا بكل ما فيها ورغم ما كنتي عليه من حالة مرضية صعبة، إلا أنك استطعتي أن ترسلي لي رسائل فرحتك وسعادتك بنظراتك ، بتعبيرات وجهك الطيب ، بحضنك الذي ضمني وقتها ، وكأنك كنتي تودعيني الوداع الأخير شعر قلبي حينها بما يخبئه لنا القدر من مصير مؤلم ولكن أبى أن يستسلم.
أبيت الاستسلام ورافقتك بجوار السرير المتحرك الذي يحملك وطاقم الأطباء والتمريض يذهبون بكِ إلى الرعاية المركزة في يوم مولدك وعيني تزرف الدموع وكنت أتضرع في صلواتي وقتها وأنا جوارك بالدعاء للمولى أن يرعاكِ وتتخطى هذه الأزمة التي كانت الأخيرة؛ حيث دخلتي هذه المرة إلى الرعاية المركزة ولكنك لم تعوديْ إلى غرفتك العادية رغم أنني كنت كلي أمل أن تخرجي لي لاحتفل بعيد مولدك ولكنك خرجتي عن الوعي وذهبتي إلى دنيا أخري لا يعلمها إلا المولى حتى رحلتي عنا إلى رحاب ربك.
حبيبتي الراحلة ... مٌؤلِمة تِلكَ الدَمعَة التِي تَسقط وَسط صمت تَسقط مِن شِدة القَهر والألم والإحتِياجَ كلما تذكرت موقف كان بيننا أو ضحكة ضحكناها سويًا أو حزن تشاركنا فيه والتفت حولي فلا أراكِ، فأنظر لابنينا ولكل شيء جميل تركتيه لي من ذكريات فتهدأ نفسي وأنظر إلى استكمال رسالتنا تجاه ابنينا ورغم أن الحمل ثقيل بدونك ولكني أستمد القوة منك ، يا ليت الزّمان يعود، والّلقاء يبقى للأبد، ولكن مهما مضينا من سنين سيبقى الموت هو الأنين، وستبقى الذّكريات قاموسًا تتردّد عليه لمسات الوداع والفراق، والوداع والموت هو البقاء.
أحمل في صدري قلبًا مملوء بالوفاء الذي لن يموت تجاهك مهما حدث ،فما أعظم رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم ، وهو يعلمنا معنى الوفاء – من خلال سلوكه – لأم المؤمنين السيدة خديجة رضي الله عنها بعد وفاتها، عندما كان يزور صديقاتها، ويتصدق عنها، ويكرم أهلها وأقاربها، ويذكرها بالخير والحب.
في يوم مولدك أقول لكي كل عام وعيدك بالجـنة أجمل .. كل عام وقبرك نور ونعـيم .. كل عام ورحمة الرحمن الرحيم تظلك ... كل عام ودعائي لكي ﻻيفارق لساني ... فأسألك اللهم أن تسـكنها فسيح جناتك .
