بعد 1148 عاما.. الفارابي يزور مصر

كان الفارابي مهتمًا بتحصيل العلم بشكلٍ كبير وكان هذا هو سبب سفره إلى العراق ومصر والشّام، فبعد أن أصبح عُمرُه 50 عامًا انتقل إلى بغداد لمواصلة تعليمه، فتعلّم الطّب والفلسفة من الطّبيب يوحنّا بن حيلان، وكان تلميذًا لأبي بشر متّى بن يونس في الفلسفة والمنطق، وتعلّم العلوم اللسانيّة (علم النّحو والمنطق)، وهذه التجربة أهلته للكتابة في شتى المعارف والعلوم الإنسانية، ولذا لقب بالمعلم الثاني بعد أرسطو.. وقد اهتمّ بأمره سيف الدولة الحمداني وأكرمه وعاش في كنفه يتعلّم ويؤلّف الكتب لمدّة تسعة أعوام.

كان الفارابي يُجيد معظم اللغات الشّرقيّة الّتي كانت متداوَلة في عصره بالإضافة إلى اللغة اليونانيّة، وقد كان الفارابي زاهدًا في حياته، فلم يتزوّج ولم يكن لديه المال على الرّغم من قربه من سيف الدولة الحمداني، إلّا أنه لم يأخذ منه في اليوم الواحد سوى أربعة دراهم فضيّة.

وفي إطار تنفيذ البرنامج الرئاسي للرئيس الكازاخي نور سلطان نزرباييف، "النهضة الروحية" والمقالة البرنامجية "سبعة جوانب للسهوب الكازاخية" وبدعم مباشر من سفارة كازاخستان بالقاهرة، افتتحت جامعة الفارابي الوطنية الكازاخية المركز العلمي والتعليمي "الفارابي" بجامعة القاهرة يوم السبت الماضي.

وعلى هامش افتتاح المركز تم عقد ندوة علمية دولية تحت عنوان "التراث الفلسفي للفارابي" وخلال الندوة تحدث علماء جامعة الفارابي وفلاسفة جامعة القاهرة ورئيس جامعة الفارابي غاليمكار موتانوف وسفير كازاخستان بالقاهرة أرمان إيساغالييف، حيث تحدثوا عن تراث المفكر العظيم وحيوية أفكاره فى التربية الروحية والأخلاقية للأجيال الناشئة. 

وقد تحدث رئيس جامعة الفارابي عن البرنامج الذى يجري تنفيذه فى الجامعة بالتعاون مع تحالف الحضارات التابع للأمم المتحدة تحت عنوان "تنشئة مواطني المجتمع الفاضل..رسالة الجامعات المعاصرة"، وهو المجتمع المبنى على أفكار الفارابي عن المدينة الفاضلة. 

كما أعرب رئيس الجامعة عن ثقته فى أن مركز الفارابي بجامعة القاهرة سيكون ساحة مهمة لدراسة ونشر وليس فقط تراث الفارابي والظاهر بيبرس ولكن أيضا تراث القامات التاريخية والثقافية فى كلا البلدين.

وبمبادرة من سفارة كازاخستان بالقاهرة، سيتم للمرة الأولى إدخال اللغة الكازاخية ضمن البرامج الدراسية بجامعة القاهرة، وسيتم تنفيذ هذا المشروع استنادا إلى مركز الفارابي بجامعة القاهرة ابتداء من العام الحالي.

وخلال الزيارة، التقى الوفد الكازاخي فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، ومعالي الدكتور خالد عبد الغفار وزير التعليم العالي والبحث العلمي، والدكتور سامي هاشم، رئيس لجنة التعليم والبحث العلمي بالبرلمان المصري، والأستاذ الدكتور محمد عثمان الخشت، رئيس جامعة القاهرة، والسيد عبد الرازق توفيق، رئيس تحرير جريدة الجمهورية وأجري الوفد معهم لقاءات بناءة. 

وخلال هذه اللقاءات تمت مناقشة سبل تعزيز التعاون الثنائي وتبادل المنفعة فى مجال إعداد المتخصصين، وإدخال دورات حديثة فى علوم الفارابي، وتنفيذ مشروعات التبادل الأكاديمي، وتبادل البعثات العلمية لحاملي الماجستير والدكتوراه، ورفع قدرات المعلمين، والمساهمة فى إعداد البرامج العلمية والتعليمية، والمشاركة فى الأعمال التحضيرية للاحتفال بالذكري 1150 على ميلاد المفكر العظيم الفارابي عام 2020. 

ويتمثل الإنجاز الأكبر للزيارة فى الاتفاق على افتتاح فرع لجامعة الفارابي بمصر.

وقد صحب الوفد الأكاديمي خلال الزيارة فرقة تمثيلية بقيادة المخرج عظيموف، حيث زارت الفرقة المعالم التاريخية والثقافية بمصر ومن بينها مسجد ومكتبة الظاهر بيبرس بهدف جمع المواد التاريخية القيمة اللازمة للفيلم الوثائقي الطويل الذى يجرى إعداده فى الوقت الحالي عن الفارابي والظاهر بيبرس.

بارك الله مصر وكازاخستان ووفقهما لتخليد ذكرى الأماجد من علمائنا الأبرار.

ورحم الله الفارابي الذي كان خير جسل وصل مصر والشام بكازاحستان وبلاد السهوب البديعة.