الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حلم الأسطول المصرى.. والاقتصاد البحرى


تمتد سواحل مصر بطول 2963 كيلو مترًا على البحرين الأحمر والمتوسط مما يضعنا في مكانة بحرية مميزة عالميًا.. ورغم ذلك لا وجود لأسطول تجارى مصرى.

تصدم عندما تدخل أى ميناء مصرى ترى أعلام بنما واليونان وبلجيكا وقبرص وليبيريا ولا ترى علم مصر.

النقل البحري يعد العمود الفقري للاقتصاد والتجارة العالمية.. ومصر بحجمها وأهمية موقعها الجغرافي البحري على مستوى العالم.. وبما تمتلكه من قناة السويس، والبحر الأحمر، والبحر المتوسط، ونهر النيل، وخليج العقبة، لا تمتلك إلا سفينة واحدة لنقل البضائع.. وبالتالي المحروسة غائبة عن صناعة النقل البحري ولا تستفيد من فرص النمو فى الاقتصاد البحرى.

خطورة عدم وجود أسطول تجارى مصرى تكمن فى ان البضائع المصرية حاليًا التي نستوردها تأتى على متن سفن أجنبية تفرض أسعارا بالدولار على السلع المستوردة.. ويتحمل المواطن المصرى مجبرا فرق التكلفة في سعر المنتج النهائى نتيجة غلاء النقل.

بعض السفن المصرية التابعة للشركة المصرية للملاحة ومراكب شركات أخرى لا تستطيع الخروج أصلًا خارج الموانئ المصرية خوفا من احتجازها.. لأنها مليئة بالعيوب الفنية وملوثة للبيئة وغير مطابقة للمواصفات الدولية ..ولذلك تعمل بالمناطق التي لا تضع اشتراطات دولية مثل سوريا ولبنان.

لكى تمتلك سفينة وترفع عليها العلم المصرى وتريد بيعها لابد من الحصول على موافقة وزير النقل على البيع.. وهذه المشكلة سبب رئيسى في تقلص عدد السفن التي ترفع العلم المصرى..السعودية التي أنشأت ترسانة الزامل، ولو ذهبت إلى هناك ستجد أن جميع القائمين عليها ممن صنعوا مجد ترسانة الإسكندرية التي أصبحت الآن أعلى ترسانة سعرًا في العالم.. وبالتالى يهرب منا صناع السفن لأماكن أخرى.

انهار الأسطول المصرى الذي كان من أكبر الأساطيل في العالم من خلال شركة مصر للنقل البحرى.. وشركة البوسطة الخديوية.. والشركة المصرية للملاحة التى أسسها عبود باشا .. وبين تأميم تلك الشركات وبيع عدد كبير من السفن.. وتولى أمر الشركات المصرية للملاحة أشخاص بدون خبرة في البحرية التجارية.. و حاليا لا يجد البحارة المصريون سفنا مصرية للعمل عليها ما أدى لظهور البطالة البحرية.

مصر يمر بها يوميا ما لايقل عن 50 سفينة.. وكلها تحتاج الى وقود وخدمات لا توجد حاليا فى الموانئ المصرية بالشكل المناسب.. وهذا أمر يمكن أن يتسبب في هروب الشركات العالمية من مصر اذا لم تلبى مطالبها.

ويجب استغلال الظهير الصحراوى للموانئ فى إنشاء صناعات لخدمة السفن العابرة.. واتباع سياسات مرنة لجذب الخطوط الملاحية العالمية.. وتشجيع الاستثمارات المحلية و النهوض بالموانئ من خلال تعميق الارصفة البحرية حتى تستطيع استقبال السفن الكبيرة حتى لا تلجأ هذه السفن للموانئ المجاورة.

عودة الأسطول المصرى التجارى لا تحتاج لتشريع أو سيولة مالية بل أهل الخبرة لحصد كم هائل من المزايا الاقتصادية وتوليد فرص العمل .. صناعة النقل البحرى أصبحت تقود التنمية فى العالم ..ولابد من تعديل المنظومة التشريعية للقطاع بما يواكب العصر.

التأخر فى تطوير الموانئ المصرية ليس فى صالح الاقتصاد القومى.. الآن العالم من حولنا يتطور بسرعة، شركات الملاحة العالمية تقوم حاليا بعمليات دمج سوف تؤثر لا شك على حركة التجارة العالمية.

أغلب القائمين على الموانئ غير مؤهلين .. ما حدث فى ميناء شرق التفريعة خسارة على البلد لقد أعطى حق امتياز الميناء لشركة أجنبية بموجب أتفاق لا يخدم مصلحة الاقتصاد المصري.

مصر بسواحلها وقدراتها الجغرافية لابد أن تتحول إلى دولة بحرية إقليميا ودوليا من أجل زيادة الدخل القومي للدولة نتيجة تسجيل السفن وزيادة الضرائب السنوية لحمولات السفن..
نحتاج إلى إنشاء موانئ تجارية جديدة بالمناطق غير المغطاة جغرافيا، منها ميناء جرجوب غرب البحر المتوسط، وميناء رأس بناس جنوب البحر الأحمر .

واقع الحال ان منظومة الشحن والتفريغ مطلوب تطويرها لتقليل زمن انتظار السفن.. والربط الإلكترونى لأنظمة العمل داخل الموانئ وتحويلها إلى موانئ ذكية. .إنشاء موانئ وأرصفة تخصصية جديدة لدعم الاكتشافات الجديدة للبترول والغاز والخدمات البحرية.. وإقامة محطات تموين السفن والإشغال والخدمات البحرية .. وإنشاء ترسانات جديدة بمنطقة محور قناة السويس لتكون أداة دعم لإحلال وتجديد الأسطول التجارى.. وتشجيع السفن السياحية على زيادة ترددها على الموانئ المصرية.

وبالنسبة لتنمية الأسطول التجارى، يجب دعم الشركات الوطنية و وكبار المصدرين والمستوردين لتمويل شراء أو تأجير أو بناء السفن.. وتقديم حوافز وتسهيلات للسفن المصرية عند التعامل مع الموانئ والمؤسسات الوطنية .

ما أعلمه ان قناة السويس وفقا للقانون مكفول لها إنشاء شركة نقل بحري.. وتدشين أسطول تجاري.. وتستطيع تنفيذ عقود مع الحكومة وزارات التجارة والصناعة والاستثمار لنقل قطع الغيار والمواد الغذائية و إعفائها من الرسوم.. وبالتالي السلع تصل للمستهلك بسعر رخيص. الحل هو توجيه من رئيس الجمهورية.

الرئيس عبدالفتاح السيسى كلف هيئة قناة السويس ببناء 100 سفينة صيد.. توزع على شباب الصيادين بتمويل من بنك الاستثمار العربي بنصف التكلفة من أجل توفير فرص العمل للشباب ودعم الاقتصاد القومي.. وتم بيع 12 سفينة صيد من قِبل شركة قناة السويس للاستثمار.. ويجرى بناء السفن محليًا بواسطة شركة الأعمال الهندسية البورسعيدية التابعة للهيئة.

وهناك مشروع قانون على مكتب الرئيس السيسى مكون من 13 مادة لاستحداث وزارة للنقل البحرى وإدارتها من قبل متخصصين في المجال سيجلب دخلًا لمصر ويشجع الاستثمارات المحلية فى مجال الخدمات البحرية.

و إذا كنا جادين مطلوب فورا تعديل 14 تشريعا عفى عليه الزمن تنظم النقل البحري.. جميع مؤسسات النقل البحري في مصر هي جهات جباية تفرض رسومًا دون الحصول على أي خدمات.. وتعد عائقا أمام العاملين بالقطاع وساعدت في تراجع حركة النقل البحري..و الشركات التي تعمل في القطاع حائرة بين قطاع الأعمال ووزارة الاستثمار.. وإجراءات وقوانين كل منهما تتنافى مع الأخرى.

والمفاجأة التى أزهلتنى ان الكثير من رجال الأعمال يمتلكون سفنا مصرية.. ويضعون عليها أعلاما غير مصرية مثل بنما وليبيريا كونهما يقدمان تسهيلات كثيرة.. وفرصة للتهرب من الضرائب.. وتلك مصيبة وسط احتدام المنافسة إقليميا وعالميا فى مجال صناعة النقل البحرى.

ولكم أتمنى ان تتحرك القيادة السياسية فى هذا الملف حتى لاتحرم مصر وشعبها من هذا الاقتصاد الحقيقي والمذهل بعيدا عن سطوة ومافيا التوكيلات البحرية..وإذا كنا نريد تمويل نعيد تجربة قناة السويس الجديدة.. او يتولى صندوق مصر السيادى التمويل بمشاركة مدخرات المصريين بالبنوك عبر اسهم او سندات لتطوير الموانى وإعادة الأسطول الوطنى بأموال الشعب لخدمة الشعب.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط