قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

رغم الرفض الدولي والتحذيرات من تداعياته الخطيرة.. ترامب متمسك بقراره بشأن الجولان

ترامب
ترامب
0|أ ش أ

على وقع ردود الفعل الإقليمية والدولية الغاضبة والرافضة، حتى من أقرب حلفاء واشنطن، لقراره الاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان المحتلة، دافع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن هذا القرار متذرعا بما أسماه "الخطر الإيراني على إسرائيل" القادم من الجولان. وفي رده على الانتقادات الحادة لهذا القرار، أشار ترامب إلى ما وصفه بمساعي طهران وجماعات مرتبطة بها إلى استخدام الجولان كمنصة لإطلاق الصواريخ على إسرائيل.. لكن مراقبين يربطون بين الخطوة التي أقدم عليها ترامب بشأن الجولان وبين طموحاته في إعادة انتخابه مجددا، حيث يُتوقع أن تعزز هذه الخطوة فرصه في الانتخابات الرئاسية عام 2020 عبر تأييد الجماعات الأمريكية الموالية لإسرائيل، ورجحت تقارير غربية أن يكون اعتراف الإدارة الأمريكية بسيادة إسرائيل على الجولان شكلا من أشكال الدعم لرئيس الوزراء الإسرائيلي في حملته الانتخابية القادمة.

وقد خلّف قرار الرئيس الأمريكي موجة من ردود الفعل، التي تراوحت بما بين الرفض والإدانة والاستنكار على الصعيدين الدولي والإقليمي، محذرة من التداعيات الخطيرة لهذا القرار على الاستقرار في الشرق الأوسط وعلى فرص تحقيق السلام في المنطقة.

وأظهرت الإدانات الإقليمية الواسعة والرفض الدولي اللافت لقرار ترامب، حجم العزلة الدبلوماسية التي تواجهها الإدارة الأمريكية في هذا الموقف، الذي يؤكد الانحياز الأمريكي الفاضح لإسرائيل على حساب المصالح والثوابت العربية وعلى حساب القانون الدولي.. فقد بدت هذه الإدارة وحيدة تماما في قرار بشأن الجولان المحتل، والذي اتفق العالم أجمع على أنه باطل ومخالف للقوانين الدولية.

لكن الرئيس الأمريكي لا يبدى أكتراثا كبيرا لهذه المواقف الرافضة لسياساته تجاه القضايا المتعلقة بالصراع العربي الإسرائيلي، حيث بدا متمسكا بهذا الموقف بقوة، فكل ما يعنيه منذ مجيئه إلى البيت الأبيض، هو إرضاء الحليف الإسرائيلي من ناحية، وحشد الدعم لناخبيه ومؤيديه داخل الولايات المتحدة، ولاسيما من الموالين لإسرائيل من خلال التأكيد على أنه يفى بوعوده التي قطعها على نفسه حين كان مرشحا للانتخابات الرئاسية الأمريكية.

وسبق أن اتخذ ترامب قرارا لا يقل خطورة وانحيازا للاحتلال الإسرائيلي باعترافه بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية اليها، في تحد واضح للقانون الدولي ولقرارات الأمم المتحدة بهذا الصدد، وفي إنقلاب حتى على قواعد وثوابت السياسة الخارجية الأمريكية في ملف الصراع العربي الإسرائيلي.

وقد عكست تصريحات لوزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إصرار الإدارة الأمريكية على المضي قدما في سياستها المنحازة لإسرائيل، حيث أوضح بومبيو أن واشنطن تخوض محادثات مع كل من دول الخليج وتركيا وكندا حول قضية الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل.

وردا على سؤال حول المعارضة الإقليمية والدولية لهذا القرار، قال بومبيو "هذا الأمر يحزنني لكنه لا يدهشني.. وأتذكر بهذا الصدد نقل سفارتنا لدى إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، وفي كلا الحالتين اتخذت الولايات المتحدة خطوة صحيحة، ونأمل في أن تنضم تلك الدول إلينا فيما يخص فهمنا لأهمية هذه الخطوة وصحتها".

وكان ترامب قد فاجأ الأوساط السياسية والدبلوماسية حين كتب تغريدة له على موقع (تويتر) نهاية الأسبوع الماضي قال فيها "إنه بعد 52 عاما حان الوقت لكي تعترف الولايات المتحدة بالكامل بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان".. وأضاف أن "هذه المنطقة الاستراتيجية التي احتلتها إسرائيل من سوريا في حرب 1967، وضمتها في خطوة لا يعترف بها المجتمع الدولي، تعد ذات أهمية استراتيجية وأمنية بالغة لدولة إسرائيل واستقرار المنطقة".

وبعدها بيومين وفي البيت الأبيض وبحضور رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وقع ترامب مرسوما رئاسيا باعترافه بسيادة إسرائيل على الجولان المحتل، وسط ترحيب وإشادة لافتة من جانب نتنياهو، الذي قال "إن ترامب هو الرئيس الأمريكي الوحيد الذي يعد ويفى بوعوده".. لكن في مقابل هذا الترحيب الإسرائيلي الصاخب بقرار ترامب، قوبل القرار بحملة إدانات ورفض واسعة على الصعيدين الإقليمي والدولي، أجمعت على أن هذا القرار يخالف المواثيق الدولية وستكون له تبعاته الخطيرة على الاستقرار في المنطقة.

وأكدت مصر، عبر وزارة الخارجية، موقفها الثابت باعتبار الجولان السوري أرضا عربية محتلة وفقا لمقررات الشرعية الدولية، وعلى رأسها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 497 لعام 1981 بشأن بطلان القرار الذي اتخذته إسرائيل بفرض قوانينها وولايتها القضائية وإدارتها على الجولان السوري المحتل، وعلى اعتباره لاغيا وليست له أية شرعية دولية.

وطالبت مصر بضرورة احترام المجتمع الدولي لمقررات الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة من حيث عدم جواز الاستيلاء على الأرض بالقوة.

ومن جانبها، نددت جامعة الدول العربية بهذه الخطوة، معتبرة أن تصريحات الرئيس الأمريكي بشأن الجولان المحتل تمثل خروجا كاملا عن القانون الدولي.. وقال الأمين العام للجامعة أحمد أبو الغيط "إن هذا الاعتراف لا ينشئ حقوقا أو يرتب التزامات، ويعد غير ذي حيثية قانونية من أي نوع، مؤكدا أن الجولان أرض سورية محتلة بواقع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن وباعتراف المجتمع الدولي".

وعلى صعيد رد الفعل السوري، أدانت دمشق تلك الخطوة، ووصفتها بـ"غير المسؤولة" من جانب الرئيس الأمريكي، وقالت "إنها تؤكد مجددا انحياز الولايات المتحدة الأعمى لكيان الاحتلال الصهيوني ودعمها اللامحدود لسلوكه العدواني".

وطالبت سوريا عبر بعثتها الدائمة لدى الأمم المتحدة بعقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن الدولي بهدف مناقشة الوضع في الجولان السوري المحتل والانتهاك الصارخ الأخير من قِبل دولة دائمة العضويّة لقرار مجلس الأمن ذي الصلة.

وخليجيا.. أعربت دول مجلس التعاون الخليجي عن أسفها ورفضها لقرار ترامب، مؤكدة أنه لن يغير من حقيقة أن مرتفعات الجولان أرض سورية محتلة.. وحذرت المملكة العربية السعودية من أن ذلك القرار ستكون له أثار سلبية كبيرة على استقرار المنطقة وسيزيد التوتر فيها، فيما أعربت دولة الإمارات العربية المتحدة عن أسفها واستنكارها للقرار، وحذرت البحرين من أن القرار سيعطل جهود السلام بالمنطقة، بينما وصفته الكويت بأنه "تجاوز للقانون الدولي".

ومن جهتها، أدانت منظمة التعاون الإسلامي القرار الأمريكي، واعتبرت أنه يأتي في إطار تكريس الأمر الواقع، وشرعنة الاحتلال الإسرائيلي لهضبة الجولان، مؤكدة أن هذا الإجراء يمثل مخالفة صريحة للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

وعلى الصعيد الأوروبي، رفضت الدول الأوروبية الخمس الأعضاء في مجلس الأمن الدولي قرارَ الرئيس الأمريكي، وأصدرت (بريطانيا وفرنسا وألمانيا وبولندا وبلجيكا) بيانا مشتركا يرفض اعتراف الولايات المتحدة بسيادة إسرائيل على الجولان السوري.
وفي البيان الذي تلاه مندوب بلجيكا الدائم لدى الأمم المتحدة مارك بيستين دي بويتسويريه، أشارت الدول الخمس إلى أن الموقف الأوروبي حول هذه القضية "معروف جيدا وهو لم يتغير"، ويؤكد أن مرتفعات الجولان تمثل أرضا سورية محتلة من قبل إسرائيل، وفقا للقانون الدولي. وأكد البيان أن القانون الدولي يحظر ضم الأراضي بالقوة، وأي إعلان بحدوث تغيير أحادي الجانب يتعارض مع أساس النظام الدولي، الذي يرتكز إلى قواعد وميثاق الأمم المتحدة.

ومن جانبها، أكدت روسيا رفضها لقرار ترامب، محذرة من أنه يشكل تهديدا للاستقرار في الشرق الأوسط.. وأكدت وزارة الخارجية الروسية أن موقف روسيا من مرتفعات الجولان لايزال ثابتا، حيث تعتبرها أرضا سورية احتلتها إسرائيل.

وكانت إسرائيل قد احتلت مرتفعات الجولان والضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة في حرب 1967، وضمت مرتفعات الجولان والقدس الشرقية، في خطوة لا يعترف بها المجتمع الدولي.. فيما يعيش في منطقة الجولان، المطلة على الأراضي السورية، نحو 20 ألف مستوطن إسرائيلي.