الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

العالم يتغير وسلوكنا على حاله


مازال يشغل بالى وبال الكثيرين من المهتمين بالسلوك الإنسانى وسلوك الأفراد داخل بيئاتهم نلاحظ ونرصد ونقيم سلوكنا وسلوك الأفراد داخل مجتمعنا ومقارنتها بسلوكيات المجتمعات الأخرى سواء فى منطقتنا العربية أو بدول العالم على حد السواء المتقدمة منها والنامية.

ونعلم جيدًا أن السلوك يتم تعديله إما من خلال التكرار أو من خلال التعرض للمعلومات والغزو المعرفى التعليمى يصاحبه الثواب والعقاب لتشكيل السلوك المراد إكتسابه.

وقد يظن البعض من العامة أن السلوك يشكل بالفطرة أو يسير وفق قوانين الطبيعة أو بالوراثة والجينات، ونتناسى أن البيئة المحيطة والموروث الثقافى له العامل الأكبر والأهم فى تشكيل وعى ووجدان النشء وما يتبع ذلك من ردود أفعال سلوكية تعكس فحوى النتاج المعرفى والأخلاقى والوجدانى الذى تم تشكيله بفضل الموروث الذى يتلقاه الطفل من بيئته ومؤسسات التنشئة التى أمدته بثقافة المجتمع الذى نشأ على تعاليمه وثقافته وخبرات الأفراد القائمين على تنشئته.

فلا يغيب عنا أننا نمر منذ فترة ليست بالقصيرة بتغييرات اجتماعية وثقافية خلفت وراءها تناقض معرفى ووجدانى لدى الغالبية من الشعب المصرى، مما نتج عنه أزمة حقيقية على المستوى الأخلاقى والسلوكى والوجدانى وما زلنا نعانى منها حتى الآن.

والغريب أننا مازلنا نقف مكتوفى الأيدى نخشى التقدم للأمام خوفًا من الخروج عن الموروث الثقافى والقيل والقال
نجد أن الكثير من أبناء الشعب المصرى يجد أن الطريق للعمل والتقدم فى الحياة وتحقيق الأهداف هو الحصول على مؤهل عال والتخرج من الجامعة أو إستكمال الدراسات العليا بالجامعات المصرية ونجد إقبالا غير مسبوق على التسجيل فى الدراسات العليا من أجل الحصول على وظيفه مرموقه أو شهادة عليا تفتح لهؤلاء الطلبة الطريق أمام تحقيق الأحلام، وهذا بالطبع هدف مشروع ونبيل، ولا أحد يستطيع أن يمنع حقا من حقوق المواطن فى السعى وراء الاستزادة من العلم.

لكن السؤال الهام هل يعقل أن النسبة المرتفعة بشكل كبير للغاية من طلاب الدراسات العليا أو حتى من طلاب الكليات المختلفة لديهم الدافع الحقيقى للنهل من التعليم وتطبيقه على أرض الواقع أو أن الدولة فى حاجه للأعداد الهائلة من خريجى الجامعات كل عام، وهل سوف نوفر لهم الوظائف كل فى تخصصه.

وهنا أتساءل لماذا لا نقبل على التعليم الفنى بنفس قدر التعليم العام اليس هناك فروق فردية بين البشر وميول وتوجهات مهنية تحرك إبداعات الإنسان تجاه المهنة التى يرغب فى النجاح من خلالها، ألم يحن الوقت أن نغير من نظرتنا والحكم على بعض المهن وبعض الوظائف ونحترم الاختلاف وقبول الآخر مادام يمتهن المهنة المناسبة لإمكاناته العقلية والبدنية وتتفق مع ميوله وإبداعاته.

أجد أننا مازلنا نتعامل حتى الآن مع بعضنا البعض وفقًا للمؤهل العلمى هذا من كليات القمة وهذا من كليات القاع، هذا عامل وهذا موظف بسيط وهذا باشا، نقول ما لا نفعل نحترم قولا العمل ما دام شريف ونقلل فى ذات الوقت من العمل الذى لا يقع على هوانا، نتناقض فى تقييمنا لقيمة العلم والعلماء وفى نفس الوقت نثمن ونقدر الأشياء المادية على العلم وقيمة العلماء.

وتختلف ثقافة وسلوكيات الدول الصناعية الكبرى عن الدول النامية، فى زرع قيمة العمل والإنتاج وتحمل المسؤولية منذ الصغر، فنجد غالبية أبناء تلك الدول ذكور وإناث تستكفى بالتعليم حتى المرحلة الثانوية ثم تسعى للاجتهاد فى تطوير المهارات اللازمة للخروج إلى سوق العمل والاعتماد على الذات وتحمل مسؤولية النفس ومن منهم يرغب فى استكمال دراسته الجامعية يعمل ويذهب للمحاضرات فى قدرة على تنظيم الوقت والتخطيط للمستقبل تدل على هدف واضح ونظرة مستقبلية ثاقبة.

فالغرض من التعليم هو امتلاك الأدوات التى تؤهل الشخص كى يثقل جوانب شخصيته بما يحقق له تحقيق أهدافه ورفاهية مجتمعه.

نحتاج كأسر ومؤسسات تنشئة إجتماعية وإعلامية وتعليمية ودينية ورياضية التركيز على ثقافة الإنتاج والعمل والتسلح بالمعرفة والثقافة وليس اللهث وراء التباهى والتفاخر بالشهادات والحصول على الدرجات العلمية من أجل احترام وتقدير الآخرين لنا، علينا أن نسعى وراء ما نرغب أن نكون عليه نحن لا من يريد أن يرانا به الآخرين، علينا الخروج من النفق المظلم للنور من خلال الانفتاح على تجارب الآخرين الناجحة والأخذ بها مأخذ الجد على المستوى الفردى والمستوى الجماعي.

علينا التعلم من خبرات الماضى والنهل من تجارب الحاضر والعمل على تطويعها لتتناسب مع وضعنا الحاضر ووفقا لظروف وإمكانات كل فرد من أبناء الوطن، وفى النهاية أرى الأمل كله فى الشباب الحالى ورؤيته الإيجابية للخروج من نفق العادات والتقاليد السلبية ليرى النور بالعمل والعلم والثقافة وللحديث بقية.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط