حكم قراقوش.. حكاية وزير بنى قلعة حكمت مصر 700 عام.. صور

حكم قراقوش .. مثل مصري شهير يردده المصريون إذا ما اختلف اثنان علي شئ وأصر كل منهما علي رأيه،هذا رغم أن كثيرين لا يعرفون أن قراقوش شخصية تاريخية عكس ما أثير عنها،لها أعمال إيجابية تستحق أن تروي.

البداية كنا أخبرنا بها د.محمد أحمد عبد اللطيف، أستاذ الآثار الإسلامية والقبطية بجامعة المنصورة ومساعد وزير الآثار السابق،من قـلعــة صـلاح الديــن بالقاهرة" 572 هـ / 1176م "، والتي أنشئت على ربوة من جبل المقطم مشرفة على القاهرة ومصر والنيل والقرافة،وذلك فى مكان قبة عرفت باسم "قبة الهواء"،وعندما أزيلت القبة أنشئ مكانها مقبرة وعدة مساجد.

ثم انتهى حكم الفاطميين فى مصر واستقر الأمر لصلاح الدين فاعتزم بناء القلعة وذلك لسببين هامين،الأول يتمثل في التحصن والحماية ضد الغارات الخارجية المتمثلة فى الصليبيين،والثانى هو التحصن والحماية ضد الغارات الداخلية المتمثلة فى بقايا الفاطميين وأشياعهم.

والقلعة تحتل مكانة بارزة بين الآثار الإسلامية بما تحمله من خصائص معمارية ذات طابع حربى،وبعد أن قرر صلاح الدين بناء هذه القلعة عهد إلى الوزير بهاء الدين قراقوش القيام بهذا العمل الخطير الذى بدأ فيه سنة 572 هـ / 1176م.
‏
وقد سار العمل فى بناء قلعة الجبل بهمة كبيرة تشهد بمهارة قراقوش وحزمه، وهذا الحزم بالذات هو الذى جعل القصص تنتشر حول ظلم قراقوش واستخدامه القوة فى بناء هذه القلعة ولذلك قصص مثيرة لا يتسع المجال لسردها.

وقد قام قراقوش بجلب كثير من أحجار البناء من منطقة أهرام الجيزة من بعض الأهرام الصغيرة والمحطمة،ويقال أنه عمل فى القلعة بعض من أسرى الصليبيين، وفى الجهة الجنوبية من القلعة نحت قراقوش بئرًا فى الصخر أطلق عليه اسم بئر يوسف نسبه إلى صلاح الدين يوسف بن أيوب.

ويصل عمق هذا البئر إلى 90م عن طريق 300 درجة سلم، وقد قيل أن ماء البئر كان عزبًا فى أول الأمر حتى أراد قراقوش توسيعها فاتصلت بعين مالحة أفسدت ماء البئر،الأمر الذي جعل القلعة بعد ذلك تعتمد على النيل فى إمدادها بالماء.
‏
ونلاحظ أن القلعة لم يكتمل بنائها فى أيام صلاح الدين ،وإنما أكملها أخوه العادل أبو بكر ثم الكامل سنة 614 هـ/ 1217م واتخذها مقرًا للحكم وظلت كذلك طوال سبعة قرون، منذ عام 1208م إلى عام 1874م وهو تاريخ بناء قصر عابدين على يد الخديوى إسماعيل فنقل مقر الحكم إليه.

وكان لقلعة الجبل مدخل رئيسى اسمه "باب المدرج" مازال باقيًا حتى الآن خلف الكتف الأيسر للباب ، الجديد الذى أنشأه محمد على سنة 1241م – 1825م والذى يعتبر المدخل الرئيسى للقلعة الآن،ويوجد أعلى باب المدرج نص تاريخى باسم "صلاح الدين ووزيره بهاء الدين قراقوش"، كما نقش به تاريخ الإنشاء.

ويعتبر هذا النص هو الثانى من حيث القدم بالنسبة للنصوص التى كُتبت بالخط النسخى الأيوبى،بعد الكتابات المكتوبة على التابوت الخشبى للأمام الشافعـى رضى الله عنه ، فى سنة 574 هـ / 1178م.

ومساحة القلعة من الخارج لم تتغير منذ إنشائها حتى الآن ،لأنها محصورة بأسوارها الشاهقة، أما من الداخل فقد كان حالها دائم التغيير تبعًا لما يقوم به الملوك والسلاطين من أعمال.

وتعتبر القلعة حاليًا مدينة أثرية وسياحية متكاملة، لأنها تحتوى على عديد من المزارات الأثرية والسياحية الهامة ،والتى تمثل كل العصور الإسلامية فى مصر بدءًا من العصر الأيوبى ثم المملوكى البحرى والمملوكى الجركسى والعثمانى وعصر أسرة محمد على.

ومن أبرز هذه المزارات هى بئر يوسف (من العصر الأيوبى)،ومسجد الناصر محمد بن قلاوون (من العصر المملوكى البحرى)،ومسجد سليمان باشا الخادم " سيدى سارية الجبل " (من العصر العثمانى).

وباب العزب ومسجد أحمد كتخدا العزب (من العصر العثمانى)،وقصر الجوهرة (من عصر أسرة محمد على).
6) قصر الضيافة (من عصر أسرة محمد على)،ومسجد محمد على (من عصر أسرة محمد على).

ومتحف الشرطة القومى (من المتاحف الحديثة تخليدًا لدور جهاز الشرطة)،والمتحف الحربى (من المتاحف الحديثة لإبراز الملاحم الوطنية والعسكرية للجيش المصرى)،ومتحف المركبات الملكية (من المتاحف الحديثة لتطور المركبات فى عصر أسرة محمد على).ويوجد أيضًا سراى العدل ودار الضرب وهما من عصر أسرة محمد على،ولكنهما تأثرا بشكل كبير من الزلزال العنيف الذى حدث فى 12 أكتوبر سنة 1992م،ويوجد أيضًا مزارًا آخر استحدث وهو المسرح الرائع المكشوف والمسمى بمحكى القلعة وهو فى أقصى الجزء الشمالى للقلعة.