الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أردوغان ومستنقع ليبيا


بعد سلسلة الخسائر المتتالية التي يتلقاها السيد أروغان إن كان على الصعيد الداخلي وخسارته المدوية في الانتخابات المحلية الأخيرة والانهيار الاقتصادي التصاعدي وكذلك حربه المتواصلة مع الكرد، أو على الصعيد الخارجي وخاصة فشل معظم سياساته في الشمال السوري وذلك بعد القضاء على داعش، على يد قوات سوريا الديمقراطية. وداعش الممول من أردوغان مباشرة، ولم يتبقَ له سوى مدينة إدلب وعفرين وبعض المدن الأخرى المحتلة من قبله برعاية اجتماعات استانة وسوتشي. نراه الآن يقفز إلى حلبة أخرى كي يكمل لعبته الخاسرة مثل نظيرتها في سوريا. 

ليبيا التي يتدخل فيها أردوغان منذ بداية الأزمة ويمد الارهابيين والمرتزقة بكافة صنوف العتاد والأسلحة والمواد اللوجستية كما تم توثيقه حينما تم الكشف عن بواخر تحمل الاسلحة إلى ليبيا أتية من تركيا. وصرح بعض مسؤولي أردوغان حينها أنها عمليات نقل فردية وأنه سيتم التحقيق فيها، وبعدها بأيام تم الكشف عن شحنات أخرى وأخرى. 
ليس خافيًا على أحد أن أردوغان يريد أن يعيد أمجاد العثمنة الجديدة من خلال زواج المتعة الذي عقده ما بين الاسلام السياسي والقوموية العثمانوية والتي راح يروج لها على أنها مرحلة ولا بد من العودة لها مهما كلف الثمن. حيث أن الشمال الليبي كان آخر جغرافيا تسيطر عليها الخلافة العثمانية وعين أردوغان عليها وكذلك على تونس والسودان وناهيك عن مصر ودول المشرق العربي. أوهام أردوغان لم تتوقف هنا بل أنه ما زال يسوق للاسلام السياسي على أنه الحل لمشاكل المنطقة ومتناسيًا أن السبب الرئيس لتخلفها هو ما قامت به المرحلة العثمانية من تجهيل المجتمع والانسان وجعله يعيش مرحلة الظلمات الفكرية والتعصب الديني لاستمرارية سلطتهم ونهبهم المجتمعات.
التاريخ العثماني مليئ بالأحداث الدرامية التي لم يعرف فيها العثمانيون لا الاسلام والمجتمعات الأخرى. بل كان جلَّ همهم هو القضاء على ما هو يعيق استمرارية عنجهيتهم وسرقة البلاد، وحتى أن كافة السلاطين العثمانيين بدون استثناء لم يحج منهم أحدًا لبيت الله أبدًا، بالرغم من إعلان أنفسهم بأنهم من يمثلون الاسلام وهم أيضا من قتل الناس وحرق المدينة المنورة مرات عدة، وأخرها وليس آخرًا ما قام به السلطان عبد الحميد في تشجيع اليهود للهجرة إلى فلسطين وتقديم كل العون لهم في ذلك.
كل ذلك موثق في التاريخ الذي لم نعد نقرأ منه سوى ما كتبه المنتصرين بعيدًا عن الحقيقة وما حصل بالضبط. وها هو السيد أردوغان يُكمل مسيرة أجداده السلاطين وعلى نفس السياق في خداع الناس والمجتمعات على أنه خليفة المسلمين من أمثال من يدعون الاسلام السياسي وجماعته من الاخوان المسلمين. لم يتغيروا منذ قرون خمسة ينتحلون الدين ويمتطونه حتى أن يصلوا لهدفهم وبعدها يخلعون هذا الرداء لتنكشف حقيقتهم عند أول احتكاك لهم مع الشعوب والمجتمعات.

ما فعله أردوغان في الشمال السوري والشمال العراقي من احتلال "عيني عينك"، للمدن والقرى وتهجير أهلها وقتلهم، والأهم احتضان كافة الارهابيين والمرتزقة الذين أحرقوا الأرض والبشر في سوريا، الآن يحتضنهم أردوغان وبرعاية دولية وخاصة روسية وايرانية وسورية في مدينة إدلب، وتحويل الشمال المحتل وخاصة مدينة عفرين إلى أكبر مجمّع للإرهابيين في العالم. 

يسعى الآن إلى لعب نفس السيناريو في ليبيا وعاصمتها طرابلس ممولًا من قطر التي لا تنفك وتغذي الاقتتال والخراب في أية منطقة. همّ نفسهم المرتزقة وراياتهم وإن اختلفت المسميات الذين في سوريا متشابهون تمامًا مع الارهابيين في طرابلس. ونفس العناصر المدنية هي هي ونفس التصريحات، لا شيء مختلف سوى الاسماء وبمتابعة بسيطة نرى أن الكاتب والسيناروسيت والمعد والمخرج وحتى المشاهدون هم هم لم يتغيروا. وكأننا نعيش أجواء المسلسلات الرمضانية التي لا تختلف عن بعضها البعض سوى باسمها.

نفس الخراب سيصيب طرابلس وأردوغان ما زال مصرًا على حمايته للإرهابيين فيها والمرتزقة. وكذلك ربما يفعلها في السودان وخاصة في جزيرة سواكن الذي سيجعلها كمسمار جحا يعلق عليه كافة ما تبقى من أوهامه المريضة.
عجلة التاريخ تسير نحو الأمام ولا تنظر لأحد والتي لفظت الخلافة العثمانية التي استمرت أربعة فرون ونيف، وربما تكون هي نفسها التي ستطيح بأردوغان بعد مائة عام على ما تم تسميته زورًا بالجمهورية التركية، إلا أن حقيقة الأمر لم تكن سوى مقبرة للشعوب ومسلخًا للقومويات ومقصلة للطوائف، ووكرًا للعُهر لأردوغان وأمثاله على مرَ الجمهورية الآيلة للسقوط. لأن التاريخ يقول لنا "ما بُني على باطل فهو باطل".
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط