الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نلوم الآخر والعيب فينا.. الإخوان المسلمون نموذج


تضج وسائل الإعلام بالبيانات والتصريحات من هذا أو ذاك حول عزم السيد ترامب بوضع تنظيم "الإخوان المسلمين" على لائحة الإرهاب أو الكتاب الأسود كمثيلاتها من تنظيمات "الحرس الثوري الإيراني، حزب الله" التي عاثت بالبلاد فسادًا وقتلًا وترهيبًا وشراء ذمم. وتستمر حالة الضجيج هذه لخلق هالة من التخوين والعمالة للغرب وإيهام الشعوب والمجتمعات كأن النصر بات قريبًا قاب قوسين وأدنى، وأنه بمجرد وضع هذه التنظيمات على قائمة الارهاب الغربية الامريكية الرأسمالية، فإن الشعوب ستنعم بالأمان والاطمئنان والسكينة.

لا جديد في منطق التفكير الشرقي حتى الآن سوى الاستمرار في الظاهرة الصوتية والتبعية واستجداء الرحمة من الغرب الرأسمالي وندعوا ليل نهار بأن يستعجل ترامب في قراره هذا، وتسليم هذا الخطاب أو الكتاب لهذه التنظيمات الارهابية بشمالهم على أساس أنهم من أهل النار، وأن كلَّ من يدعوا له بالاستعجال سيأخذ كتابه بيمينه وسيدخل الفردوس. 

نحن من نصنع آلهتنا بأيدينا ونوليها العناية إن هي تماشت مع عواطفنا ونحطمها ونأكلها إن هي تنصلت لدعائنا وصلواتنا وتكون كاللات والعزة مجرد أصنام وجب علينا رميها وتخوينها. وبعد ذلك نكفر ونلعن من صنع هذه الآلهة التي كانت حتى الأمس من الطيبين.

نلعن أمريكا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا التي كانت السبب في صنع هذه التنظيمات الارهابية وسنوات ونحن نلقن مجتمعاتنا بمعلومات مفادها أن هذه التنظيمات ارهابية وتابعة للغرب الكافر الذي صنعها ليزيدنا تفرقة وحروب واقتتال مجتمعي وتشظي أخلاقي ووجداني. الغرب هو من صنعها والآن يريد تحطيمها بعدما انتهى دورها المنوط بها، فلماذا كل هذا الضجيج وكأننا انتصرنا على الارهاب، ونسينا أو تناسينا أننا من غذى هذه التنظيمات وعقد معها زواج المتعة لسنين ليست بقليلة. أم أنها حالة الإنفصام والزهايمر التي نعاني منها منذ قرون عدة، أو أننا رجعنا لعقلنا وبتنا ندرك مدى الأخطاء التي ارتكبناها عبر تاريخنا الذي لا يمكن نكرانه بجرة قلم وكأننا لم نعشه.

الانتصار على الذات وجهاد النفس هو أعظم جهاد يقوم به الإنسان كي يصل للحقيقة المخفية في داخلنا. وأن الانتصار الداخلي الحقيقي يكون على عقولنا المريضة التي كنا أسرى لها وبعد ذلك تأتي نشوة الانتصار الخارجي على الإرهاب.

المدّ السني للإخوان المسلمين لا يختلف البتة عن المدّ الشيعي للحرس الثوري، فكلاهما وجهان لعملة واحدة، ألا وهو الإرهاب بكل ما للكلمة من معنى. لا فرق بين تركيا وقطر وإيران من حيث رعايتهما للارهاب منذ عقود من الزمن، ولكن إن توضحت حقيقتهما الآن فهذا عائد للظروف الموضوعية وليس لنا يد فيها.

سيفشل الإسلام السياسي بشقيه السني والشيعي بسقوط الجلباب والعمائم التي كانت ومازالت تستثمر بالدين على حساب المجتمعات والبشر.

تركيا وايران منذ عقود خلت وهما ليس فقط تدعمان بل تقومان بالارهاب بحد ذاته في قتلهم للكرد وتهجيرهم وحرق قراهم ومدنهم، لكن مصالح الدول التي تعمي البصيرة قبل البصر هي التي جعلت من هذه الدول ساكتة ولا تتكلم حينما يكون الموضوع متعلقا بالكرد. هذا ما رأيناه أثناء مجازر صدام بحق الكرد في العراق والتي تمت تحت اسماء دينية "الأنفال"، أو إيران التي تعدم يوميًا الكرد على أنهم "كفرة"، ولا يمكننا أن نسى تركيا التي تشكلت أساسًا على جثث الأرمن والآشور والكرد وما زالت مستمرة حتى راهننا.

مئات من المقاومين الكرد المضربين عن الطعام منذ ستة أشهر وما زالوا يقاومون اسلاموية أردوغان وسلطانويته العثمانوية تحتل أراضٍ من الشمال السوري وكذلك مدينة عفرين التي تم تهجير أهلها وهدم القرى وتتريكها بمباركة من بعض الدول التي تدّعي الاسلاموية وراحت تصف أردوغان بالخليفة الذي سيحرر القدس. حتى انخدع به أهلنا الفلسطينيين وتياراتهم ووصل بهم الأمر لتهنئة أردوغان على احتلاله عفرين. متناسين أن من يساند محتل على حساب شعب لا يمكن أن يكون حرًا ولا يمكنه تحرير وطنه لأن العبيد لا يمتلكون الحرية كي يعطونها للغير.

هم الكرد الذين يسامحون لكنهم لا ينسوا أبدًا بعيدًا عن الحقد والضغينة، لأنهم تحرروا من العقلية السلطوية قبل تحريرهم الأرض، وعملوا ويعمون على بناء الإنسان قبل بناء الحجر، وكل ما يناضلون من أجله هو العيش المشترك مع أخوتهم العرب والارمن والآشوريين والتركمان على أساس أخوة الشعوب والأمة الديمقراطية بدلًا من أمة الدولة والسلطة.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط