في مطلع حقبة الستينيات من القرن الماضي، كان الفنان محمد الوهاب وكوكب الشرق أم كلثوم يتربعان على قمة الغناء العربي، دون أن يكونا لهما أي منافس، ولكل منهما جمهوره ومحبيه، إلا أنهما وعلى مدار أكثر من ثلاثين عاما لم يجمعهما أي عمل غنائي مشترك.
وبعد كل تلك السنوات والتاريخ الطويل من الغناء للفنان الكبير محمد عبدالوهاب، وسيدة الغناء العربي أم كلثوم، جاءت أغنية "أنت عمري" كأول أغنية تجمع العملاقين في عمل واحد، لتخرج تلك الأغنية للجماهير في السادس من فبراير 1964.

«رجعوني عينيك لأيامي اللي راحوا.. علموني اندم على الماضي وجراحه.. اللي شفته قبل ما تشوفك عينيا..عمري ضايع يحسبوه ازاي عليا» كلمات تظل شاهدة على عبقرية وعظمة الغناء المصري، خاصة حينما تعاون عمالقة الغناء العربي لظهور تلك الأغنية، وما قدماه من بعدها من أعمال حفظت في وجدان الذاكرة الغنائية.

قصة الأغنية
بدأت بعدما قدم الشاعر أحمد شفيق كامل أحد أشهر شعراء الأغنية العربية، والذي قدم أغنية للفنان محمد عبدالوهاب، والذى لحن وغنى قبلها العديد من قصائده، حتى أعجب بها الموسيقار محمد عبدالوهاب، والذي عزم في بداية الأمر على غنائها للجمهور، حتى تعرض بعدها لحادث اعتداء أحد معجبيه عليه ليمكث بعدها فترة في المستشفى.
بعدها بدأ عبد الوهاب يفكر في عمل مشترك يجمعه مع كوكب الشرق أم كلثوم، حتى عرض فكرته على على أحمد الحفناوي عازف الكمان في فرقتها ليجس نبضها في هذا الموضوع، والذي أخبره بعدها بموافقتها المبدئية على العمل المشترك بينهما.

رغبة عبد الوهاب وأم كلثوم للعمل المشترك، يرى كثير من النقاد أنها بدأت بعد محاولة الرئيس جمال عبدالناصر لجمع شمل كوكب الشرق وموسيقار الأجيال، في عمل فني تتحاكي به الاجيال، حتى أخبرهما الرئيس عبدالناصر عقب الحفل السنوي الذي أقيم في 23 يوليو عام 1963 قائلا: «متى نراكما معا في عمل واحد» ليرد عليه الثنائي «إن شاء الله.. قريبا».

وبعد النجاح الكبير الذي حققته أغنية إنت عمري، توالت بعده العديد من الأعمال التي غنتها كوكب الشرق أم كلثوم ولحنها موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب بمعدل أغنية كل عام، أبرزها: أمل حياتي 1965، فكروني 1966، هذه ليلتي عام 1968، دارت الأيام 1970، أغدًا ألقاك 1971، وليلة حب 1973».