الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بيزنس التبرعات.. مال سايب في مصر


يتعرض الانسان المصري خلال شهر رمضان لحملات إعلامية تتكلف الملايين لحثه على التبرع لجهات كثيرة فيما يشبه حرب ممنهجة على أمواله وإبتزاز لمشاعره.. لن تكون بعيد جدا عن الصواب اذا قلت : أنه نصب و إحتيال بإسم الدين دون ضابط أو رابط أو مراقبة حسابية لأموال الناس..ان ما يحدث امام الدولة والبرلمان هو إستنزاف لأموال الناس بحجة عمل الخير في شهر الخير.. ولا توجد رقابة رسمية على حصيلة التبرعات وأين تصرف فى خدمة الشعب أم ضد الدولة.

ولا اعلم لماذا لم تتعلم الدولة الدرس من أيام مبارك والاخوان وبعد ثورتين في مصر .. فلا لا يوجد بمصر قانون ينظم عمليات جمع التبرعات، سواء العينية أو النقدية، و تتبع مساراتها و معرفة حجم التبرعات التي تجمعها المؤسسات و الجمعيات و المستشفيات ...و جميع حملات التبرعات تكون عبارة عن إجتهادات شخصية. و لا أرى إلا بعض بنود فى قوانين متفرقة تنظم تلك العملية بشكل محدود، مثل قانون الجمعيات الأهلية، الذى ينظم جمع التبرعات ، أو لبعض المؤسسات التى تحتاج لتلك التبرعات، وفى معظمها، طبقا لهيكل، تخرج عن إطار القانون و أيضًا لا يوجد جهات محاسبية متخصصة تعلن عن ميزانية مفصلة أو تحدد مسارات هذه التبرعات.

التبرع للأعمال الخيرية و الإنسانية له أصول..فمثلا: هل تعقد كل جمعية مؤتمرات توضح فيها إحتياجاتها بالضبط؟ فمثلا يعلنون أنهم بحاجة لتأسيس المبني و هذا تكلفته مبلغ كذا و تحدد مدة زمنية لجمع هذه التكلفة..
هل يشرف على عملية تلقى التبرعات و رصد حجمها عدة مكاتب مراجعة حسابات و تحت إشراف عدة بنوك يكون إحداها البنك المركزي نفسه....لأن حجم التبرعات يفوق مئات الملايين بل المليارات..تخرج هكذا من دائرة المال..إلى أين؟

هل تعلن تلك الجمعيات و المؤسسات عن أسعار الأجهزة الطبية التي تقوم بشرائها؟ فمثلًا: يعلنون عن حاجتهم لخمسة أجهزة أشعة لغرض و بمواصفات كذا و بسعر كذا...ثم يعلنون أن تبرعات الأسبوع كذا بلغت الحد المطلوب و يرسلون للمتبرعين كشفا بكل هذه التفاصيل؟

ما هذا البيزنس الضخم الذي نشاهد إعلاناته كل دقيقتين على القنوات؟.. كم تكلفة تصوير هذه الإعلانات؟ ..و كم هي تكلفة بث الإعلانات كل دقيقتين؟ و كيف يقبل أهالي الأطفال المرضى أن يتم الإساءة إلى أطفالهم و إستغلالهم و إساءة معاملتهم بهذه الصورة في الإعلانات؟.. و من الذي يدير هذه المنظومة التي تجمع مئات الملايين من أموال المصريين؟ و لا أحد يخرج عليهم يوضح لهم أين ذهبت أموالهم بالتحديد....و كم تم جمعه و ما هي التكلفة و أين الفائض...ميزانية مفصلة ؟

والسؤال الصحيح هو: ما هو حجم إنفاق الجمعيات الخيرية في مصر؟ ..7 جمعيات فقط من بين 22 ألف مؤسسة تستحوذ على 80 % من أموال التبرعات فى مقدمتها رسالة وبنك الطعام ومصر الخير والأورمان. وزارة التضامن لا تدعم سوى 1000 منظمة بـ50 ألف جنيه سنويًا.

50 % من أموال التبرعات تنفق على رواتب العاملين بالجمعيات.. وبعض المديرين رواتبهم تصل إلى 70 ألف جنيه..و أقل راتب لمدير بهذه الجمعيات هو 16 ألف جنيه. وحجم التبرعات لا يعلمها سوى أمين الصندوق.. ورجال أعمال وشركات خاصة يمولون حملاتها الإعلانية.

يجمع العشرات من القساوسة عبر الوعظ التليفزيونى مليارت الدولارات في أمريكا من خلال التبرعات من جيوب المخدوعين لمصلحة إسرائيل و اليهود محترفي الإستيلاء على أموال الناس و أكلها بالباطل. . و جميعهم يملكون القصور و سيارات الرولز رويس و الكاديلاك و أسلوب حياة نجوم هوليوود بل اكثر رفاهية من أغني أغنياء أصحاب الشركات العالمية.

جمعية الدائرة الإسلامية بشمال أمريكا التي تضم اخوانا وسلفين ووهابيين كانت و مازالت تجمع التبرعات و تمول طالبان في التسعينيات ثم داعش ثم كل العصابات الإرهابية التى تحارب الدول التى تستهدفها الصهيوماسونية حاليا.

هناك شخصيات مشابهة لهم على الفضائيات المصرية و العربية يقومون بالثرثرة في أمور لا علاقة لها بالدين و تنمية بشرية.. ثم تقوم الفضائيات بالإعلان عن أدعية دينية بأصواتهم يتم إرسالها عن طريق رسالة المحمول التي تتكلف من خمسة إلى عشرة جنيهات للدعاء الواحد على أقل تقدير.

ولدينا عصابات مشابهة بيننا تقوم بإنشاء المشروعات الإستهلاكية و تتلاعب بالأسعار و تبيع البضاعة التركية الرخيصة وقليلة الجودة للسيطرة على الأسواق و تحقيق ثروات طائلة من أموال الشعب...لتمويل إرهابهم و جرائمهم ضد مصر.

واستطاعت عصابات توظيف الأموال في الثمانينيات بمصر جمع أموال و مدخرات الناس بعد أن أفتوا أن التعامل مع البنوك حرام و أنهم يعطون نسب ربحية أعلى بكثير منها فجمعوا مئات المليارات و قاموا بتهريبها إلى بنوك اليهود بسويسرا و بريطانيا وعاد الشعب فقيرا من جديد بعد أن نهبوا أمواله ومدخراته.

ونفس العصابات الإرهابية جمعت المال بحجة الجهاد فى أفغانستان فى سبعينيات القرن الماضى..وتم توجيه تلك المبالغ إلى تجارة السلاح.. ومارست عصابة الإخوان بيرنس التبرعات لنصرة الشعب الفلسطينى ظاهريا وتم توجيه تلك التبرعات لحركة حماس وبعض الحركات المتطرفة و الإرهابية التابعة للإخوان والسلفية.

وفى تقديرى انه يجب قصر التبرع للجهات الرسمية للدولة.. و على وزارة الصحة أن تفيق و تتبني حملات تبرع المواطنين لتطوير و تحديث منشآتها...و تتبع آليات التبرع الشفافة تحت إشراف محاسبي محترف من مكاتب و بنوك و هيئات عديدة حتى إذا فسدت جهة منهم ..كشفتها الأخرى...و تخصص الوزارة المبالغ اللازمة بنفسها لكل مستشفي سواء كان للسرطان أو للحروق أو للقلب.

الجهات الرسمية الأخرى لتلقى التبرعات و المشاركات المادية للنهوض بالدولة المصرية معروفة مثل صندوق تحيا مصر ووزارتى التضامن والصحة والجامعات ولجنة الزكاة بالأزهر وكل تلك الجهات انجزت مشروعات نراها على أرض الواقع ساهمت في إستقرار وحل مشاكل يعانى منها الشعب فى الصحة والتعليم والإسكان والغارمين.

لا أعلم كيف ماتت الضمائر ووصلت الجرأة ببعض رجال الجمعيات والمؤسسات الخيرية بمساعدة بعض منعدمى الضمير بوزارة التضامن في الاستيلاء على أموال التبرعات لأنفسهم.. والدولة مازلت سطوتها بعيدة عن هذا الفساد في شهر الخير وباقي أيام العام.. لماذا لا تطبق معايير المحاسبة والشفافية على أموال التبرعات؟.. الاجابة عند الحكومة ومجلس النواب.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط