الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أردوغان والفوضى



باتت تركيا تحت حُكم أردوغان تتجه نحو الفوضى وطوفان عدم الاستقرار أخِذتًا وراءها دول المنطقة نتيجة تدخلاتها بها تحت حجج وأوهام عثمنة الحاضر على مخلفات الماضي. إذ، وبعد انهيار السلطنة العثمانية منذ ما يقارب القرن، ما زال أردوغان يتوهم بأنه سيوقف عجلة التاريخ من الدوران نحو المستقبل واكتشاف الأفضل من العلوم الانسانية لخدمة المجتمعات، ويحاول جاهدًا ليس فقط ايقاف العجلة بل وجعلها تدور نحو الخلف لتكرار قرونِ الظلمات والقهر على المجتمعات لاسترجاع الخلافة العثمانية من جديد.

كل المجتمعات التي كانت تحت الاحتلال العثماني لم ترَ النور والاستقرار تحت راية الطورانيين من أحفاد آل عثمان، بل زادت المجتمعات تخلفًا وانحطاطًا وقهرًا وكل ذلك كان تحت راية الدين الذي استغلوه بشكل جيد منذ عهد المماليك. وهاهو أردوغان يسعى جاهدًا وبكل مكر لخداع نفس المجتمعات وبذات الأسلوب والآلية مستغلًا الدين لتحقيق مآربه في السلطة وحتى إن تطلب الأمر القضاء على المجتمعات بكل ما تحتويه من قيم انسانية ومجتمعية ثقافية.
لا يهم عند من يتمسك بالسلطة مصير البشر والمجتمعات والتاريخ والثقافة والأخلاق، بقدر ما يهمه مصالحه الأنانية وتشبثه بالسلطة وليذهب كل شيء إلى الجحيم من بعده ولتعم الفوضى كل مكان ما عدا قصره وعرشه.
هكذا يفكر أردوغان مذ وصوله للسلطة وحتى الآن إن كان داخليًا أو حتى اقليميًا ودوليًا. الداخل التركي لا يحسد عليه بتاتًا من الناحية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والمجتمعية. المجتمع مشتت وفي حالة صراع مستميت من أجل اثبات الوجود ولو كان على حساب الكل. يعني ليتواجد الجزء وليذهب الكل إلى الجحيم. مع أن فلسفة الحياة تقول العكس من ذلك تمامًا. لأنه لا يوجد الكل من دون الجزء وأن توحد الأجزاء يكون الكل. لكن حين تكون فلسفة الحياة هي الجزء فقط، جينها لا يمكن الحديث عن الحياة الخلاقة المجتمعية، بل كل ما يتواجد هم عبارة عن مجتمع قطيع يقوده راعٍ مستذئب.
مجتمعيًا تعيش تركيا حالة من الانهيار المتواصل الذي ربما يوصل تركيا نحو الانهيار الثاني والأخير، بعد الانهيار الأول الذي أصابها في بدايات القرن الماضي وانهيار السلطنة العثمانية. والاستمرار في اقصاء الآخر وعدم الاعتراف بوجوده سيكون السبب الرئيس الذي سيطيح بهذا الجزء الذي لا يستطيع تمثيل الكل. حيث أثبتت الانتخابات الأخير والتي قبلها أن أردوغان لا يهمه المجتمع التركي الذي أعطى صوته لم يريد، بل كل ما يريده أردوغان أن يصوت المجتمع له وله فقط دون الآخرين، حتى وإن تطلب ذلك إعادة الانتخابات مرات عدة وتغيير القضاة والسيطرة على الإعلام.
وكذلك تعيش تركيا اقتصاديًا من سيئ نحو أسوء في ظلِ سيطرة أردوغان على مقدرات الوطن. الحالة الاقتصادية للمجتمع يرثى لها، وإن حاول الإعلام الأردوغاني إظهار عكس ذلك، إلا أن حقيقة الانفجار المجتمعي باتت قريبة وحينها لا يمكن ايقاف هذا الطوفان مهما حاول وزبانيته ترهيب المجتمع. وربما نشهد الانهيار الثاني والأخير لما يسمى تركيا على يد آخر سلاطينها أردوغان.
وكذلك تدخل تركيا في شؤون الدول المجاورة إن كان في سوريا واحتلال جزء من شمالها وكذلك العراق. وتهجير سكان هذه المناطق لتوطين مرتزقته الانكشاريين فيها، باتباع سياسة الأرض المحروقة. وأيضًا ارسال أردوغان المرتزقة إلى ليبيا والسودان لن يحميه من الفشل في كل ما يسعى إليه لتصدير أزماته الداخلية. ربما تفيده هذه السياسة بعض الوقت لكن الفشل والانهيار سيكون مصيره لا بدّ.
أنا ومن بعدي الطوفان. هذه هي سياسة أردوغان في الوقت الحاضر. فإما أن أكون أنا أو لن يكون هناك شيئًا سوى الفوضى وطوفان القتل والتهجير والخراب والدمار. وكأن الدنيا من بعده ستتوقف كما يتوهم وتوهم ذلك أجداده العثمانيين حينما قتلوا أشقائهم للتمسك بعرش السلطة. فلا هم بقوا ولا عرشهم.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط