الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ابراهيم عطيان يكتب: المجري 9

صدى البلد


أحيانًا يكون أبرز أسباب حبك لشخص أو الانجذاب نحوه هو الشبه الذي يربط بينه وبين شخص آخر تحبه ، كذلك من الممكن أن يلعب ذلك التشابه دورًا أساسيًا في البغض
أو الكراهية .
لكن هذا النوع من الانجذاب أو البغض قد يكون في غير محله. فضلًا عن كون صاحبه
غالبًا ما يتسم بالعشوائية والسطحية، لكن هذا الأمر قد يكون مشروعًا في بعض الحالات.
وكمثال على ذلك، لنتخيل أنك تسير في مكان عام وتصادفَ وجودك في مجلس ما فوقعت عيناك على أحد الموجودين حتَّى تصلَّبت عيناكَ في موضعها نحو ذلك الشخص ؛
لمجرد شبه يربطه بشخص أخر ، سواء كان الشبه شكليًا أو فكريًا .
هل يكون الانجذاب أو النفور الواقع هُنا مبني على أسباب ودراية بأحوال ذاك الشخص
أم أنَّه فقط مجرد انجذاب أو بغض لا يعكس شيئًا سوى أنك رأيت هذا الشخص من قبل
في تجارب سابقة ،
لكنه من الواجب على من سلكَ ذاك السبيل أن يُلزم نفسه الحرص والتحري
حول حياة من وقع عليه الاعجاب أو الكراهية والسخط كي لا ينساق خلف المظاهر المخادعة كما حدث مع شجن التي رأت في نادر نسخة مكررة من حبيبها الأول،
رأت أنه لا يختلف كثيرًا عنه ؛
يعيش نفس الحياة، وبنفس الطريقة البعيدة عن المسئولية ؛ يعيش لنفسه فقط.
لا يمكن الاعتماد عليه أو الوثوق به ما جعلها دائمًا تحاول تجنبه والابتعاد عنه.
بالنسبة لنادر هذا نجاح كبير حتى لا يتعلق بها أكثر
اكتملت صورة نادر المشوهة عند شجن وازدادت رغبتها في الابتعاد عنه ‘لم تكتفي بذلك فقط إنما كانت تحاول بكل السبل أن تبعد نادر عن أخيها حتى واجهت نادر بكل قسوة وطلبت منه الابتعاد عن حسام نهائيًا ؛
لأنها تخشى عليه مرافقة شخص بتلك السطحية وعدم المسئولية !
تعجب نادر من جرأة تلك الفتاة التي واجهته بحقيقةٍ طالما حاول أن يتناساها
أو يغض عنها الطرف لكنه شعر بأن صراحة شجن وغلظة أسلوبها في التعامل معه كانت بمثابة الدواء المر الذي يجب أن يتناوله سريعًا ليتعافى من تلك الوعكة التي أصابته فجعلت منه مسخًا مشوهًا يبتعد كثيرًا عن الشخصية الحقيقية التي بدأت تتلاشى شيئًا فشيئًا.
ظل نادر صامتًا أمام كلمات شجن القاسية وعباراتها الجارحة ‘ وكأنه مكبل بأغلال من حديد
لا يمكن كسرها ‘
أو أنه مغشي عليه بفعل الصدمة التي أنعشت قلبه وأعادت له النبض ثانية !
وأمام تلك الهجمة القوية والصفعة القاسية التي تلقاها ظل ينظر إلى شجن وهي تتحدث
دون أن يقاطعها أو يبادر بالرد و الدفاع عن نفسه ‘ حتى أنهت شجن حديثها !!!
فنظر إليها ثم نهض واقفًا يلملم أشيائه من أعلى الطاولة ثم انصرف في هدوء بعد أن شكرها
و بينما هو في طريقه إلى البيت يستعيد بذاكرته أحداثًا مرت ومواقف كثيرة من الماضي
تقفز شجن مرة أخرى بكلماتها وسط زحام الأحداث التي تدور في ذاكرته ‘
الأحداث تتسارع في ذهنه حتى وصلت به إلى حدث قديم منذ الطفولة
عندما كان جده يحذره من مخالطة بعض الأطفال وينصحه بالابتعاد عنهم ؛
كونهم من أصحاب السوء الذين لا يجب أن يتقرب منهم !!
فقد أصبح هو الأخر ممن يجب الابتعاد عنهم .
كم كانت تلك اللحظات قاسية على نفسه الجريحة
حتى وصل إلى حمام بيته ليبقى واقفًا والماء يتساقط على رأسه ..
ربما يستفيق من هذا الكابوس المزعج ؛ بعد أن واجهته شجن بحقيقة أمره بمنتهى القسوة
لكنه يعلم جيدًا أنها على حق لذلك قرر أن يبتعد عن حسام تلبية لرغبة شجن ولقناعته بأن صورته الحالية أمامها لم تكن بالمشرفة ...
فكان قرار التخلي عن مسكنه والذهاب لمكان أخر حتى يبتعد عن حسام وشجن ..