الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أصحاب ولا أعداء.. العلاقات بين أمريكا وروسيا.. عداوة بدأت قبل 70 عاما.. هتلر وحدهما وفي 2017 بوتين متورط في حسم الانتخابات الأمريكية لصالح ترامب..وسياسية: الكونجرس والبنتاجون يرفضان التقارب

الرئيس دونالد ترامب
الرئيس دونالد ترامب والرئيس فلاديمير بوتين

العلاقات بين روسيا وأمريكا..
عداوة بدأت برفض أمريكا الاعتراف بالاتحاد السوفيتي
العلاقات الدبلوماسية بدأت منذ 67 عاما بسبب اليابان
روسيا تتورط في تغيير نتائج الانتخابات الأمريكية في 2017
هتلر وحد أمريكا وروسيا خلال الحرب العالمية


توقع وزير خارجية فرنسا السابق هوبير فيدرين، أن يتجه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى توطيد علاقته أكثر مع روسيا، خصوصا في حالة انتخابه مرة أخرى رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية في الانتخابات المقبلة؛ لذا فقد دعا أوروبا إلى اتخاذ خطوات سباقة نحو توطيد علاقتها بالدب الروسي.

وتأتي توقعات وزير الخارجية الفرنسي السابق، في ظل محاولات فرنسية للتقرب من روسيا؛ حيث من المنتظر أن يزور الرئيس الروسي بعد غد الاثنين فرنسا بدعوة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إذ أكد أن مبادرة الرئيس الفرنسي جاءت في الوقت المناسب؛ لإخراج فرنسا وإذا أمكن، أوروبا من وضع ميؤوس منه، وفق تصريحات صحفية للوزير السابق نقلتها «روسيا اليوم» عن صحيفة «لو فيغارو».

العلاقات الأمريكية الروسية شهدت منعطفا كبيرا في مسارها مع وصول الرئيس الامريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير 2017، بل إنه تلاحقه الاتهامات بتقاربه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، رغم تاريخ العداوة الطويل بين روسيا وأمريكا، بوصفهما قطبا العالم، أو القوتين العظميين في العالم، والحرب الباردة الدائرة بينهم منذ تأسيس الاتحاد السوفيتي، ورفض امريكا الاعتراف به، خوفا على نفوذها دوليا وإقليميا.

رغم العداء القديم والأزلي في آراء بعض الخبراء والمطلعين على ملف العلاقات الامريكية الروسية، إلا أن هناك تقاربا واضحا بين الدولتين منذ وصول الرئيس دونالد ترامب للحكم، حتى إن روسيا متهمة في تغيير اتجاه الانتخابات الرئاسية وترجيح كفة الرئيس ترامب ضد منافسته الأقوى هيلاري كلينتون، والتي كانت أكثر حظا منه وفق استطلاعات الرأي التي أجريت خلال منافستها على رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية.

هذا التقارب يتضح من الثناء المتبادل بين الرئيس ترامب والرئيس بوتين، حيث وصف الرئيس الروسي نظيره الأمريكي بـ«الشخص الموهوب»، بحسب حواره مع صحيفة «فاينانشيال تايمز»، وذلك في يونيو الماضي، بعد قمة الزعيمين الثنائية على هامش اجتماع مجموعة الـ20 في اليابان، وذلك رغم وصف الرئيس الروسي للعلاقات الأمريكية الروسية بأنها «متدهورة» بل إنها تسير من «سيء لأسوأ»، وذلك قبل لقائه الرئيس الأمريكي بأيام قليلة، وذلك في مقابلة مع قناة العالم التلفزيونية «مير» الروسية.

الوصف ذاته جاء على لسان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في مارس 2018، عندما قال، خلال مؤتمر صحفي في ختام أعمال الدورة الـ73 للجمعية العامة للأمم المتحدة، إن العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة هي الآن الأسوأ بين كل الأوقات، في تاريخ العلاقات بين موسكو وواشنطن، مؤكدا أن الحوار مع الولايات المتحدة بشأن الاستقرار الاستراتيجي طال انتظاره.

بدأت العلاقات الأمريكية الروسية بأول اتصال بين الدولتين على مستوى الحكام عندما التقى القيصر بطرس الأكبر مع وليام بين مؤسس المستوطنة البريطانية بنسلفانيا في أمريكا في عام 1698، ثم جرى تبادل السفراء بين الدولتين في عام 1809، ومع مطلع الثلاثينيات من القرن العشرين كانت أمريكا هي الدولة الكبرى الوحيدة التي لم تعترف بالاتحاد السوفيتي، إلا أن العلاقات الدبلوماسية بدأت بين الدولتين في عام 1933.

وساهم أدولف هتلر، القائد النازي، في توحيد صفوف الأمريكان والروس خلال الحرب العالمية الثانية؛ إذ كانت الدولتان إلى جانب بريطانيا في الحلف المعادي لألمانيا بقيادة هتلر، وبعد انتهاء هذا الحلف، بدأت الحرب الباردة بين روسيا وامريكا في 1947؛ حيث بدأ كل من الدولتين في تكوين جبهات نفوذ لتفتيت الطرف الآخر، ففي عام 1949 نجحت أمريكا في تشكيل حلف شمال الأطلسي أو الناتو ، فيما شكلت روسيا منظمة معاهدة وارسو عام 1991.

أبرز سمات الحرب الباردة بين القوتين العظمتين هو «سباق التسلح»، إذ بدأت الولايات المتحدة الأمريكية في تصنيع السلاح النووي عام 1945، وسارعت روسيا للحاق بأمريكا في مجال التصنيع النووي ودخلته عام 1949، وفي عامي 1952 - 1953 امتلكت الدولتان السلاح النووي الحراري.

كما كانت أزمة كوبا من أكثر المحطات حدة في العلاقات بين الدولتين؛ حيث استطاعت روسيا نشر سلاحها النووي في كوبا، واكتشفت طائرات الاستطلاع الأمريكية الصواريخ، وحينها بدأت أمريكا بقيادة الرئيس جون كنيدي في قصف هذه البلدة، الأمر الذي كان ينبئ باشتعال الحرب العالمية الثالثة، إلا أنه تم احتواء الأزمة التي استمرت 38 يوما، وبعدا دخلت العلاقات بين الدولتين مرحلة جديدة.

وحديثا، فإن الدولتين رغم العداء الظاهر والندية بينهما، إلا أنهم تربطهما علاقات ثنائية على مختلف الأصعدة، وأبرزها على المستوى الاقتصادي، إذ إن الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر واحدة من أكبر الشركاء التجاريين لروسيا، حيث تحكم اتفاقية العلاقات التجارية بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الموقعة في عام 1990 العلاقات الاقتصادية بين الدولتين إلى حد كبير، وقد ارتفاع حجم التبادل التجاري بين الدولتين العام الماضى بنسبة 9.4%، وقد ذكر بيان لهيئة الجمارك الروسية في يناير الماضي، أن صادرات روسيا إلى الولايات المتحدة الأميريكية بلغت 11.184 مليار دولار (ما يعد نموا بنسبة 17.6%)، فيما بلغت الواردات الأمريكية إلى روسيا 11.48 مليار دولار ما يعد نموا بنسبة 2.4%.

أما على مستوى التقارب الرئاسي بين الدولتين، فقد ظهر هذا جليا مع وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ورغم أن الرئيسين لما يلتقيا خلال السنوات الثلاث الماضية إلا مرتين فقط، إلا أن جمل المغازلة كانت حاضرة عند حديث احدهما عن الآخر، فترامب خلال حملته الانتخابية وصف بوتين بـ«الزعيم القومي»، بينما وصف بوتين ترامب بـ«الشخص الموهوب».

التقى الرئيس ترامب والرئيس بوتين في قمة وصفت بأنها «تاريخية» وهي قمة «هلنسكي» في فنلندا في عام 2018، والتي حملت رسائل إيجابية المتبادلة بين الطرفين، ولكن ساءت الأمور مع إعلان الرئيس الأمريكي لاستراتيجية الأمن القومي الأمريكي مع بداية العام الجاري، ونص فيها على أن الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر روسيا والصين مصدر تهديد قوي لها.

العلاقات الأمريكية الروسية حملت العديد من التناقضات، فتارة الدولتان صديقتنا، وأخرى الدولتان أعداء، هذا التداخل حاولت الدكتور نورهان الشيخ، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة تبسيطه بقولها إن العلاقات الأمريكية الروسية حاليا في أسوأ حالتها؛ إذ إن الولايات المتحدة الأمريكية فرضت حزما متتالية من العقوبات على روسيا، ما يسبب توترا شديدا في العلاقات بين الدولتين.

وأضافت «الشيخ» في تصريح لـ«صدى البلد» أن العلاقات بين الدولتين تشهد حاليا توترا شديدا خصوصا مع انسحاب امريكا من اتفاقية الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى المبرمة مع موسكو مع بداية الشهر الجاري، كما أن أمريكا تعزز وجودها في مناطق تعتبرها روسيا مناطق استراتيجية بالنسبة لها.

وأوضحت أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد يريد تحسين علاقته بروسيا، لكن المؤسسات الأمريكية مثل الكونجرس والبنتاجون يرفضون هذا المبدأ تماما، نظرا لأنهم ينظرون إلى روسيا بأنها أخطر تهديد يواجه الولايات المتحدة الأمريكية، وهذا ما نصت عليه صراحة استراتيجية الأمن القومي الأمريكي التي أعلنها دونالد ترامب نفسه باعتبار روسيا والصين أخطر تهديد يواجه الولايات المتحدة الأمريكية.

وأشارت أستاذ العلاقات الدولية إلى أن الرئيس الأمريكي قد يكون لديه رغبة جدية في توطيد العلاقات بين الدولتين، لكنه على الأقل لا يمكن اتخاذ هذه الخطوة أو التلميح إليها الآن؛ نظرا لأنه مقبل على الانتخابات الرئاسية في 2020، وحديثه عن توطيد العلاقات مع روسيا قد يفتح عليه بابا للمعارضة للتشكيك في نزاهة الانتخابات خصوصا في ظل اتهام روسيا بالتلاعب بنتائج الانتخابات الأمريكية الماضية وترجيح كفة ترامب على منافسته هيلاري كلينتون، فضلا عن أن الرئيس الأمريكي لا يملك من عملية صنع القرار في أمريكا إلا 30% فقط، وباقي السلطة تتركز في يد المؤسسات الأمريكية كالكونجرس والبنتاجون.