الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أنا .. ودموعى .. وقلمى!


أى إنسان لديه ذرة ضمير لا يستطيع أن يتمالك أعصابه ويحكم مشاعر الغضب والألم بداخله وهو يقرأ أو يستمع لتفاصيل اغتصاب وتعذيب الطفلة المسكينة "جنة" على يد جدتها الآثمة وخالها الشاذ .. فما حدث ليس مجرد جريمة بشعة تقشعر لها الأبدان، بل إنه أمر يفوق الخيال والوصف ولا يخطر ببال الوحوش التى لاتعرف الإنسانية ولكن لحم الأبناء أغلى عندها من ذاتها وتضحى بالغريزة من أجل حمايتهم من أى ضرر أو مكروه!.

وبمجرد النظر لفراش "جنة" داخل غرفة العناية المركزة وسط خراطيم أجهزة العلاج وبجوارها "عروستها" التى تستسلم أيضا للغيبوبة وتستعد للموت، ينتفض الجسد وتغلى الدماء فى العروق لتثأر وتنتقم من الجناة .. وصدر حكم بالإعدام ضد الجدة والخال .. لا .. بل نفترض أن حيثيات الحكم تقضى بتنفيذه فى ميدان عام .. وحرقا .. وباتباع نفس أساليب التعذيب التى ارتكباها بحق جنة وشقيقتها ليكون المشهد عبرة .. ولكن هذا لن يمنع من تكرار المأساة مع حالات أخرى وأبطال يعانون من هذا المرض النفسى .. وهذا ما يقودنا إلى لُب القضية .. قضية "جنة" .. تلك الطفلة المنكوبة بأب وأم لم يتحملا مسئوليتهما تجاه ابنتهما لتدفع ثمن الطلاق وتتحول إلى "دمية" يتلاعب بها أهل "الفقر والجهل والمرض"، ولم ينقذها القانون من براثن أقرب الناس إليها اسما فقط .. وارتضى أن يمنح حضانتها لجدتها رأس الأفعى التى لم تضمها إلى صدرها إلا لكى تخنقها وتحرق أعضاءها وتنتهك عذريتها كما لو كانت ألد الأعداء!.
نعم .. الإدانة الأولى من نصيب المحكمة التى وضعت "جنة" فى هذه الظروف دون تقصى الحقائق والتحريات الدقيقة عن البيئة الأسرية التى ستعيش فى إطارها قبل إصدار الحكم .. واتقاء أسباب الجريمة مقدم على معاقبة أطرافها بـ "لغة أهل القانون" .. وهذه مهمة رجال العدالة فى محكمة الأسرة والأحوال الشخصية، وحياة الأطفال تناشدهم اختيار الجو العائلى الصحى لرعايتهم، ومن ثم لابد من سن تشريع يضمن حماية الأبناء الصغار من التشتت الأسرى والتأكد من سلامة "الحاضن" النفسية والعقلية وجدارته بتربية الطفل وتأهيله ..
وهذه هى أبجديات التنشئة السليمة ولانتصور أبدا أن ينفصل جهابذة القانون وفقهاء الشريعة عن شبكة الأمان الاجتماعى لأبنائنا الأبرياء، وهم رُسل العدل والرحمة فى الأرض!.
لقد صعدت "جنة" إلى رب الكون، وصدى صوتها يتردد فى أركان كل بيت .. وكل قاعة قضاء .. وصورتها لاتفارق الذهن وتخاطب الضمير وتطلب الإنصاف .. تستغيث لمنع ظهور ضحايا مثلها على نفس الفراش وبنفس أدوات الجريمة وأبطالها .. والمجتمع أيضا يتوق إلى سرعة الاستجابة من المُشرِّعين حتى تستريح "جنة" فى قبرها وتهدأ روحها عند خالقها .. وحتى نهدأ نحن أيضا وتطمئن القلوب على صغارنا تحت أى ظرف أو
وضع .. وهذه السطور تكتبها دموعى وأنا لازلت أبكى "جنة"، ولا أريد أن أبكى "جنة" أخرى!.





المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط