- معبدا رمسيس الثانى بأبو سمبل السياحية حدث أثرى وعلامة خالدة فى ذاكرة الآثار المصرية
- المعبد يشهد عرضا للصوت والضوء وسط انبهار السائحين والزائرين المصريين
- المعبد يشهد حدوث ظاهرة فلكية فريدة مرتين سنويا وهى تعامد الشمس على وجه الملك رمسيس الثانى
يعد معبد رمسيس الثانى بمدينة أبو سمبل السياحية يعتبر علامة خالدة في ذاكرة الآثار المصرية، خاصة في ظل ما يشهده من حدوث ظاهرة تعامد الشمس مرتين سنوياً، بجانب عرض الصوت والضوء الذى يحرص السائحون من مختلف الجنسيات بدول العالم على زيارة المعبد لمشاهدة هذا العرض الجمالى الرائع.
وفى هذا الصدد، يستعرض "صدى البلد" قصة الصوت والضوء بمعبد رمسيس الثانى بأبو سمبل، حيث يستمتع كل من يشاهد ويستمع لهذا العرض بتسليط الأضواء المبهرة على معبدى نفرتارى ورمسيس الثانى، والسماء تكون مليئة بالنجوم التى ينعكس بريقها على صفحة مياه بحيرة ناصر الزرقاء وسط نسمات الهواء اللطيفة، مع سرد مشوق بتقنيات صوت وصورة وإضاءة حديثة لفترة حكم رمسيس الثاني وحبه لنفرتارى وحروبه الإمبراطورية وصولاً لأول معاهدة سلام فى التاريخ مع الحيثيين فى دقائق تنقلك فى ثوانٍ لتاريخ مشرف لبلد عظيم، وتتم ملاحظة انبهار السائحين والزائرين المصريين في عيونهم لنظراتهم ومشاهدتهم لهذا العرض وأياديهم تكون على كاميراتهم وموبايلاتهم لتسجيل وتصوير ما يشاهدوه من إبداعات مصرية.
ويساهم عرض الصوت والضوء في نقل المشاهد والمتابع إلى زمن الفراعنة، حيث يتم الاستمتاع بالموسيقى الشجية، ويعيد العالم القديم إلى الحياة حولك، ويشمل العرض أجهزة إسقاط (بروجيكتور) على المعابد، موضحة كيف يبدون في الحال، ويتم عرض البرنامج بلغات متعددة مع توفير سماعات الأذن.
وهى تعد تجربة لا يجب إغفالها، إنها تلك التي تجعل زيارة السائح أو الزائر لأبو سمبل في الذاكرة طول الحياة، خاصة أن معبد رمسيس الثانى يعد معبدا أثريا تم نحته ببطن الجبل 320 كيلومتر جنوبى أسوان، ويتألف الأثر من معبدين كبيرين نحتا فى الصخر بناهما الملك "رمسيس الثانى" عام 1250 ق. م، وتتكون واجهة المعبد الكبير من أربعة تماثيل ضخمة تمثل الملك "رمسيس الثانى" جالساً على عرشه، ويتوسط تماثيل الملك الأربعة باب المعبد الضخم، أما المعبد الثانى فتحتوى واجهته على ستة تماثيل منها أربعة للملك وتمثالان لزوجته الملكة الجميلة "نفرتاري".
وتوجد مدينة أبو سمبل على مسافة 280 كم من أسوان على الضفة الغربية لنهر النيل في منطقة تسمى النوبة، وقد اختار الموقع رمسيس الثاني الذى يعرف أيضاً رمسيس الأكبر وتم بناؤه خلال خمس سنوات من فترة حكمه الطويلة، ولكنه لم يستكمل بناءه إلى حين العام الخامس والثلاثين له كفرعون، إنه الأكثر جمالاً بين العديد من الآثار التى أقامها رمسيس الأكبر فى جميع أنحاء مصر لكي يظهر سلطته، والواجهة الضخمة المقطوعة فى جانب الجبل تصور أربعة تماثيل لرمسيس نفسه كل منها بارتفاع 20 مترا، ويقف أصغر تماثيل الأسرة الملكية بين التماثيل الأربعة العملاقة وهذه تشمل أم رمسيس وزوجته نفرتاري وأبناءهما وبناتهما.
وأيضاً بالخارج قريباً من التماثيل يوجد "زواج ستيلا"، الذي يحيى ذكرى الزواج لابنة رمسيس الثانى وملك من الحيثيين، وهو نقش على مدخل الواجهة يقرأ "رمسيس الثانى بنى معبدا" محفورا فى الجبل للعبادة الأبدية للملكة الأولى نفرتارى، معشوقة مو فى النوبة إلى الأبد ودائماً، نفرتارى التى تلمع الشمس لأجل خاطرها.
وداخل المعبد هناك ثمانية تماثيل ضخمة تصف رمسيس كالإله أوزوريس يدعم السقف الضخم والثقيل للغاية، وبعد المرور خلال القاعات المحتوية على الغرف لمختلف الشعائر، يصل الزوار إلى الجزء الأكثر شهرة للمعبد الداخلي أبو سمبل، وغرفة مقدسة مع مذبح صغير وأربع تماثيل لرمسيس كآلهة مختلفة، وقد تم تصميم المعبد بدقة هائلة، بحيث إنه خلال يومين في العام في أكتوبر وفبراير تسقط شمس الصباح أشعتها المتلالأة مباشرة إلى داخل المعبد وعلى الغرفة المقدسة الصغيرة مضيئة التماثيل الأربعة، وإلى جنوب المعبد الرئيسى هناك معبداً أصغر مخصص لزوجة رمسيس نفرتا رى والآلهة هاتور.
ومع إعلان خطة بناء السد العالي في أسوان، تهددت أبو سمبل بأن تصبح مشهداً تحت الماء وظهرت صور التماثيل العملاقة على الصفحات الأولى للصحف حول العالم، ولم يرغب أحد ما في أن يرى التماثيل غارقة تحت مياه النيل المرتفعة، وبدأ إنقاذ أبو سمبل فى عام 1963 في مشروع بين مصر واليونسكو بتكلفة 36 مليون دولار أمريكي تقريباً، وتم تحريك التماثيل والمعابد إلى هضبة أعلى، حيث يمكنها الترحيب بالشمس المشرقة كل صباح.
وتعد هذه الأسطورة التاريخية لمعبد رمسيس الثانى خالدة، حيث بقيت أبو سمبل في حالة عظيمة إلى العصور الحديثة، وعندما زار الإغريق الموقع في القرن السادس ق. م، تزايدت أكوام الرمال في علوها حتى غطت تماثيل رمسيس إلى الركبة.
وعندما زارت المسافرة الفكتورية أبو سمبل في عام 1873، كان الموقع فاتنا لدرجة أنها حبست أنفاسها وقالت: "إنه لشيء عجيب أن تستيقظ كل صباح بالقرب من الشاطئ شديد الانحدار بدون أن ترفع الرأس عن الوسادة لكي ترى صف الوجوه العملاقة يقترب من السماء، ولقد بدت غريبة خارقة للطبيعة بما يكفي بواسطة ضوء القمر، ولكنه ليس بنصف تلك الغرابة كما هو في رمادية الفجر، وفى تلك الساعة هي الأكثر جلالا ومهابة من الأربع والعشرين ساعة، فقد ارتدت نظرة ثابتة وقاتلة والتي كانت أقل قليلا عنها مرعبة وكلما حل الدفء بالسماء يتبع هذه النظرة القبيحة تورد والذي ركب وتعمق مثل التورد التصاعد للحياة - وللحظة قد بدت متوهجة وتبتسم - متجلية، عندئذ جاءت ومضة من فكرة بذاتها، وكانت تلك الومضة اللحظية الأولى للشمس المشرقة، وقد استمرت لأقل من ثانية، ولقد مضت تقريبا قبل أن يستطيع الفرد القول إنها هناك، وفى اللحظة التالية، كأن الجبل، النهر والسماء مميزة بوضوح في ضوء النهار المنتظم، والتماثيل تلو التماثيل هي الآن تجلس متلالئة والحجر في ضوء الشمس المكشوف وكل صباح أستيقظ في حينه لكي أشاهد تلك المعجزة اليومية".
فى السياق نفسه، أوضح الأثرى خالد شوقى، مدير عام آثار أبو سمبل، أن معبدى رمسيس الثانى يشهدان حدوث ظاهرة تعامد الشمس الفريدة على وجه الملك العظيم، والتى تعد ظاهرة فريدة من نوعها، حيث يبلغ عمرها 33 قرنًا من الزمان، والتى جسدت التقدم العلمى الذى توصل له القدماء المصريون، خاصة فى علم الفلك والنحت والتخطيط والهندسة والتصوير، والدليل على ذلك الآثار والمبانى العريقة التى شيدوها فى كل مكان، وكانت هذه الآثار شاهدة على حضارة عظيمة خلدها المصرى القديم فى هذه البقعة من العالم.
وقال خالد شوقى إن ظاهرة تعامد الشمس تتم مرتين خلال العام إحداهما يوم 22 أكتوبر احتفالًا ببدء موسم الحصاد، والأخرى يوم 22 فبراير احتفالًا بموسم الفيضان والزراعة، حيث تحدث الظاهرة بتعامد شعاع الشمس على تمثال الملك رمسيس الثانى وتماثيل الآلهة (أمون ورع حور وبيتاح) لتخترق الشمس صالات معبد رمسيس الثانى التى ترتفع بطول 60 مترًا داخل قدس الأقداس، كما أن تلك الظاهرة والمعجزة الفلكية كانت لاعتقاد عند المصريين القدماء بوجود علاقة بين الملك رمسيس الثانى والآلهة رع آله الشمس عند القدماء المصريين.
كانت إدارة معبد أبو سمبل قدمت عرضاً مميزاً للصوت والضوء فى ليلة تعامد الشمس على قدس الأقداس في 21 أكتوبر الماضى، وسط متابعة كبيرة من الزائرين الذين اصطفوا بساحة معبدى أبوسمبل، والذى يضم معبد الملك رمسيس الثانى وزوجته الملكة نفارتارى.
واستمع الحضور للعرض الذى بلغ مدته 22 دقيقة يحكى قصة تشييد معابد أبوسمبل وحروب الملك رمسيس الثانى ومعركة قادش وأول معاهدة سلام عرفها التاريخ.
فى سياق متصل، قدمت 8 فرق فنون شعبية تابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة، عروضها الفنية المميزة بساحة معبدى أبوسمبل وبالسوق السياحية بمدينة أبوسمبل على هامش احتفال أسوان بليلة تعامد الشمس على قدس الأقداس.