الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بين الجفاف والغرق.. ما تأثير سد النهضة الإثيوبي على السودان؟

صدى البلد

وسط استمرار مفاوضات سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا، وحيث شغل تأثير السد على الجانب المصري والعثرات التي شهدتها المحادثات في الشهور الأخيرة، والانفراجة التي باتت تلوح في الأفق بعد دخول الوساطة الأمريكية ورقابة صندوق النقد، فإنه من الضروري كذلك تسليط الضوء على تأثيرات السد الإثيوبي على السودان الشقيق. 

تتنوع تأثيرات سد النهضة على السودان وتشهد خلافات في وجهات النظر بين مؤيد ومعارض، وتمتد الأضرار من أخطار نقص المياه وصولا إلى الشح والجفاف، وكذلك إلى مخاوف من الغرق الكامل للبلاد، إلى جانب اندثار صناعة تاريخية بالكامل، وعلى الجانب الآخر يأمل البعض في حدوث تأثيرات إيجابية تتمثل في تنظيم الفيضان والكهرباء.

السودانيون أول المتضررين
وفي تقرير لقناة "الحرة" في نوفمبر الجاري، قال المحلل السياسي، خضر مسعود إنه من الناحية الفنية، يتوجب على الخرطوم عدم التنازل عن حصتها مهما حدث، واللجان الفنية بوزارة الري والموارد المائية تعمل على ذلك.

ويشدد خبير المياه، حيدر يوسف، على "ضرورة التوعية الإعلامية في السودان من خطورة السد على المنطقة"، مشيرا إلى أن "أول المتضررين هم السودانيون وأن انهيار السد وارد وسيدمر السودان بالكامل..".

مشروع سياسي بحت
ويضيف أنه "ليس هنالك دراسات جادة فنية لمشروع السد. إنما هو مشروع سياسي بعيد عن المصالح العلمية والمنطقية المفيدة لجميع الأطراف..".

وأشارت "الحرة" إلى أن هناك مخاوف لدى المزارعين من كمية تدفق المياه إلى الخرطوم، وشح المياه.

تأثيرات سد النهضة
ونشرت وكالة الصحافة الفرنسية أيضا تقريرا عن تأثيرات سد النهضة الإثيوبي على السودان، ونقلت الوكالة عن مزارع سوداني، عثمان إدريس قوله إن النيل الأزرق هو نهر فرعي، ويغرق فيضان مياهه، الذي لا يمكن توقع حدوثه، المحاصيل والمنازل أثناء زحفها من إثيوبيا إلى مصر عبر السودان.

وقال إدريس، أحد سكان قرية جرف غرب ، وهي قرية صغيرة على ضفاف النيل الأزرق خارج الخرطوم|:"الليلة سيكون مستوى المياه منخفضا، وغدا، سيبتلع كل المنازل... إنه نهر متمرد، يرتفع بسرعة كبيرة".

حلم تحول لـ حقيقة
وقالت الوكالة إنه بالنسبة لإدريس، فإن بناء إثيوبيا السد المثير للجدل على النيل الأزرق هو حلم أصبح حقيقة، لأنه سيعمل على تنظيم الفيضانات التي تغمر السودان في كل موسم مطر.

هذا العام وحده، تسببت الفيضانات المفاجئة في مقتل أكثر من 60 شخصًا وإصابة العشرات في السودان.

يلتقي النيل الأزرق بالنيل الأبيض في الخرطوم ويزود الغالبية العظمى من مياه النيل التي تمر عبر مصر إلى البحر الأبيض المتوسط.

بدأ بناء سد النهضة الإثيوبي الكبير في عام 2012، ولكن منذ ذلك الحين، دقت مصر ناقوس الخطر من أن المشروع سوف يقلل بشدة من إمدادات المياه.

تعتمد مصر على النيل بنسبة حوالي 90% من مياه الري والشرب، تتمتع "بحقوق تاريخية" في النهر الذي تضمنه المعاهدات من 1929 و 1959.

سد النهضة يهدد وجود مصر
وتابعت الوكالة أن مصر تعتبر المشروع تهديدا وجوديا، خشية أن يؤدي إنشاء السد إلى ندرة في المياه والغذاء لملايين المصريين.

وواصلت أنه بعد فشل عدة جولات من المحادثات في حل القضية، توسطت الولايات المتحدة في حوار جديد بين مصر وإثيوبيا والسودان في وقت سابق من هذا الشهر بواشنطن.

ووافقت الوفود الثلاثة على حل النزاع بحلول 15 يناير، مع عقد محادثات على المستوى الوزاري هذا الأسبوع في أديس أبابا.

إثيوبيا تعتبره المنقذ
تصر إثيوبيا على أن عبء الطاقة الكهرومائية البالغ 4 مليارات دولار ضروري لنموها الاقتصادي بالنظر إلى أن معظم سكانها لا يزالون يعيشون بدون كهرباء.

وفي السودان، يأمل المزارعون أن يوفر السد تدفقًا يمكن توقع فيضانه واستقراره.

على مر السنين، اضطر المزارعون مثل إدريس الذين يمتلكون مزارع على طول النيل إلى تغيير محاصيلهم بسبب الدمار الذي أحدثته الفيضانات وأطنان الطمي المودعة. حيث يقوم صانعو الطوب بإحراق كتل من الطين في قمائن على ضفاف النهر، مما ينتج عنه دخان ضار بالمحاصيل.

وقال إدريس لوكالة فرانس برس "كان عليّ التحول من زراعة الفواكه والخضروات الى علف الحيوان".

الفيضانات تدمر الزراعة
إن الاعتماد على الفيضانات لأغراض الري يعني حصادًا واحدًا سنويًا ويحد من نوعيات المحاصيل التي يمكن زراعتها.

وقال إدريس إنه إذا تم تنظيم تدفق النهر ، يمكن ممارسة الزراعة بشكل أكثر كثافة.

وأوضح إدريس:"يمكننا زراعة المحاصيل على مدار العام. سيكون من الأفضل بالنسبة للبيئة وتسويق منتجاتنا، مما يعني المزيد من الدخل بالنسبة لنا".

فائدة السودان من السد
وأقرت إكرام دجاش، الأستاذة بجامعة الزعيم الأزهرية في الخرطوم، بأن السودان سيستفيد من السد، الذي سيحافظ على مستويات المياه ويمنع الطمي غير المرغوب فيه.

وقالت لوكالة فرانس برس إن "إثيوبيا تبني السد لسبب واحد فقط لإنتاج الكهرباء وتصديره ليس فقط للدول المجاورة بل للقارة الإفريقية برمتها."

مخاوف من تدمير صناعة الطوب
لكن هناك مجموعة من السودانيين تشعر بالقلق إزاء السد: صانعي الطوب الذين يعتمدون على الطمي في الحصول على قوتهم.

تصطف العشرات من الأفران الصغيرة على النهر، مما يوفر دخلًا لمئات من صانعي الطوب مثل يعقوب نورين.

"إذا تم بناء السد ، فلن يصل هذا" ، قال هذا الرجل البالغ من العمر 40 عامًا عن الطمي الذي كان يقف فيه، وهو يضغط على الطين الرطب في قالب.

في مكان قريب، قام العمال بتكديس الطوب في فرن يجلب الدخان الكثيف. وقال نورين إنه سيتم بيعها لاحقًا مقابل 1500 جنيه سوداني (32 دولارًا) لكل ألف قطعة.

يوفر كهرباء للسودان
وقالت داجاش إنه يمكن تعويض العمال وتوفير سبل عيش بديلة إذا ما تم إغلاق أعمال صناعة الطوب، مضيفة أن الاستفادة من السد تفوق هذه الخسائر..السد سيوفر للسودان كهرباء منخفضة التكلفة ... والكهرباء منخفضة التكلفة تعني المزيد من النمو".

ويضيف يعقوب:"هذه مهنة قديمة جدًا، توارثناها أبًّا عن جدّ... الآلاف يعملون في هذه المهنة وكلّهم يعيلون أسرًا».

وكان وزير الري السوداني أعلن عن وصول الدول الثلاث، مصر والسودان وإثيوبيا إلى توافق حول المدة الزمنية لملء خزان سد النهضة.

وبحسب "التغيير" السودانية، أعلن وزير الري والموارد المائية السوداني ياسر عباس، أن القاهرة والخرطوم وأديس أبابا اتفقت على ملء سد النهضة في فترة زمنية تصل الى 7 سنوات وفق "هيدرولوجية" نهر النيل الازرق.

تقدم في المفاوضات
وقال عباس في مؤتمر صحفي في ختام الاجتماع الخاص مفاوضات سد النهضة والتي عقدت يومي 15 و16 نوفمبر حول الملء الأول والتشغيل الدائم للسد، إن مداولات الاجتماع بين وفود الدول الثلاثة، السودان وإثيوبيا ومصر، أحرزت تقدما في القضايا الستة تحت طاولة التفاوض التي حددت في الإجتماع الأخير في الخرطوم فى أكتوبر الماضى.

وأضاف أن التوافق جاء على أن يتم الملء في فترة زمنية قد تصل الى سبعة سنوات وفق "هيدرولوجية" نهر النيل الازرق.

وأوضحت الصحيفة أن المفاوضات شملت موضوع التشغيل الدائم لسد النهضة وتاثيراته على منظومة السدود في السودان ومصر.

ومن المقرر أن تتواصل اجتماعات التفاوض حول القضايا العالقة بـ سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا خلال شهري ديسمبر 2019 ويناير 2020.