قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

وسواس قهري.. النيابة العامة تكشف تفاصيل انتحار شهد طالبة الصيدلة

المستشار حمادة الصاوي النائب العام
المستشار حمادة الصاوي النائب العام

كشفت تحقيقات النيابة العامة في القضية رقم 7583 لسنة 2019 إداري الوراق الخاصة بوفاة الطالبة شهد أحمد كمال عن معاناتها من أزمة نفسية خلال أوقات متقطعة بالمرحلتين الإعدادية والثانوية، وبعد التحاقها بكلية الصيدلة بجامعة قناة السويس، حيث انتقلت من محل إقامتها بمدينة العريش؛ للإقامة مؤقتًا بوحدة سكنية استأجرها والدها بمدينة الإسماعيلية، وأقامت فيها مع صديقة لها، لتكون قريبة من الجامعة.

وأكدت التحقيقات أنها منذ شهر سابق على وفاتها عادت إليها الأزمة النفسية وسببت لها أرقًا منعها من النوم أكثر من ساعتين يوميًا، ولاستمرار معاناتها؛ اتصلت بوالدتها قبل وفاتها بأسبوع وطلبت منها الحضور إليها، فانتقلت والدتها للإقامة معها، ثم عرضتها على أحد الأطباء النفسيين بمدينة الإسماعيلية يوم 5 نوفمبر الجاري، وخلال كشفه عليها أخبرته أن أفكارًا سيئة تراودها وأن من بين هذه الأفكار أنها ستموت.

وأضافت أن الطبيب انتهى إلى معاناتها من الوَسوَاس القهري، وفي صباح اليوم التالي أنهت شهد يومها في الجامعة ثم طلبت من صديقاتها نقودًا وادَّعت أنها متعبة وترغب فى مغادرة الجامعة والعودة إلى مسكنها، وقرابة الساعة الثانية عشرة ظهرًا غادرت الجامعة بالفعل واختفت عن الأنظار لساعات، قبل أن تظهر مرة أخرى قبيل الساعة الرابعة عصرًا بمنطقة طناش بالوراق، حيث ظهرت مترددة حائرة تسلك طريقًا وتعود أدراجها فيه، حتى انتهى بها الأمر إلى الجلوس على صخرة على كورنيش النيل بشارع محمد عباس بذات المنطقة، ثم استأذنت في الجلوس إلى جوار سيدة وفتاة على أحد المقاعد الخشبية على الكورنيش، وسألت شهد حينها عما إذا كان هناك مكان آخرٌ مفتوحٌ يؤدي إلى مياه النيل مباشرة بخلاف مكان جلوسهن؛ فأرشدتها السيدة إلى موضع آخر ثم غادرت المكان قرابة الساعة الخامسة مساء لتترك شهد بمفردها في هذا المكان، بينما كان والد شهد في هذه الأثناء يبحث عنها بالأماكن التي تتردد عليها بمحافظة الإسماعيلية قبل أن يبلغ عن واقعة غيابها في صباح اليوم التالي.

وأشارت التحقيقات إلى انه تم الكشف عن خيط رفيع للحقيقة بعدما نُشر على صفحة جامعة قناة السويس على موقع "فيس بوك" عن العثور على حقيبة يد شهد ومتعلقاتها والتي لم يكن من بينها هاتفها المحمول، فانتقل والدها إلى مكان العثور على الحقيبة وعلم من متواجدين بالمكان بمشاهدة جثمان فتاة طافيًا على مياه النيل، وأنه نُقل إلى المشرحة؛ فانتقل إليه وتيقن أنه جثمان شهد وأنها فارقت الحياة.

وقال النائب العام المستشار حمادة الصاوي إنه لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية لعدم وجود الجريمة؛ بعد ثبوت انتفاء الشبهة الجنائية في وفاتها.

كانت النيابة العامة قد تلقت إخطارًا بانتشال الإنقاذ النهري لجثمان فتاة فانتقلت لمناظرته، وأمرت باتخاذ إجراءات النشر لصورة الفتاة، وبإجراء الصفة التشريحية للجثمان؛ أكد أطباء مصلحة الطب الشرعي أن وفاتها تعزى إلى اسفكسيا الغرق وأنها بكرٌا وخلا جسدها من أي علامات لحدوث عنف جنائي أو مقاومة.

وأمرت النيابة العامة بتفريغ تسجيلات آلات المراقبة بمحيط الواقعة والتي شاهدتها ووقفت منها على ظهور الفتاة بمفردها قرابة الساعة الرابعة وإحدى عشرة دقيقة مساء يوم اختفائها؛ ظهرت تسير بشارع لا يؤدي إلا إلى مياه النيل حتى اختفت ولم تظهر لها عودة، وسألت النيابة العامة والد المتوفاة فأكد محاولته الاتصال بها يوم اختفائها وتَعَذُّرَ وصوله إليها لغلق هاتفها، وسألت خالها وصديقتها المقيمة معها والطبيب الذي ذهبت إليه ووالدتها والتي أكدت ظهور أعراض المرض على كريمتها منذ المرحلة الإعدادية وتغاضيها عن الأمر ظنًا أنه أثر من آثار ضغوط الدراسة، كما سألت النيابة العامة من جلست إليهما شهد قبل وفاتها ومن عثر على متعلقاتها، واطلعت على ما نشره الأخير على صفحة جامعة قناة السويس من عثوره على الحقيبة، واستعلمت النيابة العامة عن سجلات خطها الهاتفي والتي قطعت بأن المتوفاة لم تستخدم خطها الهاتفي منذ الرابع من الشهر الجاري ولم تُسْتَخدَم أي خطوط هاتفية أخرى على هاتفها، وطلبت النيابة العامة تحريات المباحث فأجراها رئيس مباحث قسم الوراق وتوصل من خلالها إلى انتحار الفتاة.

وتهيب النيابة العامة بأولياء الأمور أن يرفُقوا بالقوارير، أن يمنحوا بناتهم قسطًا من أوقاتهم، أنصتوا إليهن، وشاركوهن آلامَهن وآمالَهن، اطمئنوا وطمئنوهنَّ، وإن وجدتم من فتياتكم أو فتيانكم مرضًا فعالجوهم، فإن المرض النفسي داءٌ كأي داء، لا خجل فيه ولا حياء، والاعتراف به أول أسباب الشفاء، فأغيثوهم بالعلاج والدواء، قبل أن ينقطع فيهم الرجاء.

وتناشد النيابة العامة جميع أطياف المجتمع أن يضعوا الأمر في نصابه، أن ينظروا إلى المرض النفسي كما ينظرون إلى سائر الأمراض، أن يقوا أصحابه شرور نظراتهم،أن يرحموهم من همزهم ولمزهم؛ لا تغلقوا أمامهم أبواب العلاج، كما تناشدهم جميعًا الرفق بأنفسهم؛ لا تجزعوا، جدوا واجتهدوا وثابروا واطمئنوا؛ فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا، ولا يتمنين أحدُكم الموت لضر أصابه.